story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

خبراء يثمنون قرار المحكمة الدستورية ويستعجلون إصدار قانون الدفع بعدم الدستورية

ص ص

لقي قرار المحكمة الدستورية الصادر الأربعاء 06 غشت 2025، الذي أقر بعدم دستورية بعض مواد مشروع قانون المسطرة المدنية، ترحيباً واسعاً من قبل المحامين والحقوقيين الذين اعتبروه خطوة مهمة لتعزيز حماية الحقوق والحريات الدستورية، كما أشادوا بالقرار لما يعكسه من صرامة المؤسسات القضائية وجديتها في احترام الدستور وسيادة القانون.

“تَصد لانحرافات الحكومة”

وفي هذا السياق، اعتبر محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، أن “هذه الخطوة التي أقدمت عليها المحكمة الدستورية تمثل تصديا لعقل الدولة لانحرافات حكومة زواج السلطة والمال وجنوح وزرائها لخنق حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة”.

واعتبر أن “الإقرار بعدم دستورية بعض مواد المشروع، تشكل صفعة في وجه حكومة يجبد وزراؤها تهديد المغاربة والاستقواء على الضعفاء وتوظيف البرلمان للتشريع لحفنة من المستفيدين من واقع الفساد والريع والإثراء غير المشروع”.

ولذلك، أكد الغلوسي أن “الحكومة تتردد في إحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية خوفا من أن ترتد نصوصها ضد رغبتها السياسية في إغلاق الحقل المدني وتجريم التبليغ عن الفساد وحماية زبنائها المتورطين في نهب المال العام واستغلال مواقع المسؤولية لمراكمة الثروة”.

وفي هذا السياق، شدد الغلوسي أن “الجمعية المغربية لحماية المال العام تجدد مطالبها باحالة مشروع قانون المسطرة الجنائية على المحكمة الدستورية”، مبرزا أنه “لا محالة أنها ستقضي بعدم دستورية المادتين 3 و7 على الأقل من هذا المشروع”.

تذكير بمطلب دستوري مؤجل

من جانبها، قالت كوثر جلال، المحامية بهيئة المحامين بالدار البيضاء، إن “القرار الصادر عن المحكمة الدستورية بشأن قانون المسطرة المدنية يشكل تمرينا ديمقراطيا راقيا، يجسد صرامة مؤسساتنا وجديتها في احترام الدستور وسيادة القانون”.

لكن بعيدا عن مضمونه، أكدت جلال أن “القرار تذكير عاجل بمطلب دستوري مؤجل”، موضحة أنه “يعيد إلى الواجهة مسألة دستورية أساسية طال إغفالها، وهي الدفع بعدم دستورية القوانين، المنصوص عليه في الفصل 133 من الدستور”.

وذكرت المحامية أنه “منذ سنة 2011، منح الدستور لكل متقاض الحق في الاعتراض، أثناء النظر في قضيته، على دستورية أي قانون يُراد تطبيقه عليه، إذا كان يمس بحقوقه أو بحرياته الدستورية”، غير أن هذا الحق، بحسبها، لا يزال معلقا بسبب غياب القانون التنظيمي الذي يحدد شروط وإجراءات تطبيقه.

ولهذا، شددت المتحدثة أنه آن الأوان ليتحمل المشرّع مسؤوليته، ويُسارع إلى إصدار القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم الدستورية، قصد تفعيل هذا الحق وتمكين العدالة الدستورية بالمغرب من الارتقاء إلى مستوى الرقابة المواطِنة والمشاركة الفعلية في حماية الحقوق.

️وفي غضون ذلك، أكدت كوثر جلال أن الضمان الحقيقي لسمو الدستور لا يكمن فقط في الرقابة السابقة على القوانين، بل في تمكين المواطنين أنفسهم من الاحتكام إلى الدستور كلما مُسّت حقوقهم.

أسلوب جديد وجدير بالنقاش

وبخصوص تفاصيل القرار، أوضحت بثينة قاروري أستاذة القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس السويسي الرباط، أن “المحكمة الدستورية اعتمدت لأول مرة قاعدة جديدة في قرارها، حيث ركزت على المواد التي بدت لها بشكل جلي مخالفة للدستور فقط، دون مراقبة شاملة لكامل النص”، معتبرة أن هذا “الأسلوب جديد وجدير بالنقاش”.

في المقابل، أوضحت قاروري أنه في النظام الفرنسي، عندما يُحال القانون للمحكمة الدستورية بطريقة تسمى “الإحالة البيضاء” (saisine blanche)، تقوم المحكمة بفحص شكل القانون وإجراءات إعداده فقط، أما المضمون أو مضمون المواد فيتم فحصه جزئياً أو لا يتم فحصه إطلاقاً.

أما في المغرب، فأشارت المتحدثة، إلى أن اللجوء إلى الإحالة الاختيارية القبلية بهذه الطريقة نادر، ولهذا فإن القاضي الدستوري المغربي عادة ما يكون في موقف يؤهله لفحص كامل نص القانون بشكل أوسع، وليس فقط فحص بعض المواد.

وأبرزت قاروري أن المحكمة الدستورية في هذا القرار قامت بمراقبة موضوعية جزئية لقانون المسطرة المدنية، حيث تركزت الرقابة على 11 مادة فقط من أصل 644 مادة، لكنها سمحت بترك المجال مفتوحاً أمام المواطنين للطعن بدستورية المواد الأخرى عبر الدفع بعدم الدستورية أثناء سير القضايا.

وأكدت أن المحكمة استحضرت مفهوم التكامل بين الرقابة القبلية الاختيارية والرقابة البعدية في الدفع بعدم الدستورية، ما يعني أن حماية الحقوق الدستورية لا تقتصر على الرقابة السابقة فقط، بل تشمل أيضاً المراقبة أثناء سير الدعوى أمام المحاكم.

لكن في المقابل، نبهت قاروري إلى أن “القانون التنظيمي للدفع بعدم الدستورية لم يصدر بعد، وهو ما يؤخر تفعيل هذا الحق الدستوري”، داعية إلى “التعجيل بإصدار هذا القانون لضمان فعالية الرقابة الدستورية وحماية الحقوق”.