محادثات بين كوشنر وبنسلمان.. هل تتجه السعودية نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟
قال مصدر مطلع، لوكالة رويترز، إن جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ناقش العلاقات الدبلوماسية الأمريكية السعودية، والتي تشمل العلاقات بين السعودية وإسرائيل، مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عدة مرات منذ مغادرته البيت الأبيض حينما كان مستشاري لدونالد ترامب.
ولم يحدد المصدر ذاته، متى جرت المحادثات وما إذا كانت جرت قبل أو بعد بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. لكن المصدر قال “إن المحادثات شملت مناقشات حول عملية تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، وهو هدف دبلوماسي رئيسي لكل من إدارة بايدن وترامب”.
ويرتبط كوشنر بعلاقة وثيقة مع المملكة العربية السعودية، التي يقول محققو الكونجرس إنها استثمرت ملياري دولار في صندوق الأسهم الخاصة التابع له، “أفينيتي بارتنرز” (Affinity Partners)، الذي أسسه كوشنر بعد مغادرة البيت الأبيض.
إن الأخبار التي تفيد بأن كوشنر “والحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية” ناقشا اتفاق سلام، والذي حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن بدوره التوسط فيه، توضح الأهمية التي يوليها الجمهوريون والديمقراطيون للشرق الأوسط غير المستقر بشكل متزايد وسط انتخابات رئاسية أمريكية متقاربة للغاية.
وتشير المحادثات أيضًا إلى الكيفية التي قد يدير بها ترامب الأزمة في المنطقة إذا أعاده الناخبون إلى السلطة، في وقت تجدد فيه التساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات المالية لكوشنر مع الرياض يمكن أن تؤثر على السياسة الأمريكية في عهد ترامب.
وتعرضت استثمارات السعودية في صندوق كوشنر لانتقادات من طرف بعض المراقبين والديمقراطيين في الكونجرس وحتى بعض الجمهوريين، وقد أعرب مسؤولون كبار في إدارة ترامب عن قلقهم من أن حصة السعودية قد تبدو وكأنها مكافأة، حيث اشتغل كوشنر على القضايا السعودية قبل مغادرة البيت الأبيض.
وقال السيناتور الديمقراطي رون وايدن، رئيس لجنة المالية بمجلس الشيوخ، في حوار له مع مؤسسة أفينيتي، شهر سبتمبر المنصرم، إن الاستثمارات التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في صندوق كوشنر تثير “مخاوف واضحة بشأن تضارب المصالح”.
ونفىت مؤسسة أفينيتي وكوشنر أن تكون استثمارات المملكة العربية السعودية رشوة أو تضارباً في المصالح. بحيث قالت أفينيتي “إن وايدن وموظفيه في مجلس الشيوخ لا يفهمون حقائق الاستثمار الخاص”، وقال متحدث باسم كوشنر: “السبب الذي يجعل الكثير من الناس يلجأون إلى جاريد للحصول على أفكاره وآرائه هو سجله المليء بالنجاحات”.
ورفض المصدر المقرب من كوشنر تقديم مزيد من التفاصيل حول المفاوضات مع ولي العهد السعودي، قائلا إنه لا يريد انتهاك الصداقة بينهما. وقال المصدر: “لن يكون من المناسب لي أن أشارك ذلك”.
ولم يجب المتحدث باسم السفارة السعودية في واشنطن على أسئلة حول مناقشات كوشنر مع محمد بن سلمان، تقول رويترز.
وفي خطاب ألقاه في 18 سبتمبر الماضي، قال محمد بن سلمان إن المملكة السعودية لن تعترف بإسرائيل دون إنشاء دولة فلسطينية، مما يشير إلى أن التوصل إلى اتفاق قد يكون مستحيلا تقريبا في المستقبل المنظور.
وهذا تحول في موقف السعودية الذي عبرت عنه شهر فبراير الماضي عندما قالت ثلاثة مصادر لرويترز إن المملكة العربية السعودية مستعدة لقبول التزام سياسي من إسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية، بدلا من أي شيء أكثر إلزاما، في محاولة للحصول على موافقة على اتفاقية دفاع مع واشنطن قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
ولتشجيع المملكة العربية السعودية على الاعتراف بإسرائيل، عرضت إدارة بايدن على الرياض ضمانات أمنية، ومساعدة في برنامج نووي مدني، ودفع متجدد نحو إقامة دولة فلسطينية.
وقد تعمل الصفقة على إعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال توحيد عدوين قديمين، وربط أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بواشنطن، في وقت تتوغل فيه الصين في المنطقة.
ولكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ألقى بالمحادثات في حالة من عدم اليقين. فقد عززت الحرب والأزمة الإنسانية في القطاع الدعم العربي والإسلامي للفلسطينيين في صراعهم المستمر منذ عقود مع إسرائيل على الأرض والدولة، الأمر الذي يجعل من الصعب على الرياض مناقشة الاعتراف بإسرائيل دون معالجة التطلعات الفلسطينية.
وتشكل الانتخابات الأمريكية أيضًا عاملًا مهمًا حيث يتنافس ترامب، الجمهوري، مع نائبة الرئيس كامالا هاريس، الديمقراطية، في سباق متقارب تاريخيًا للوصول إلى البيت الأبيض.
وكانت العلاقة السعودية مع ترامب عندما كان رئيسا لأمريكا وثيقة بشكل ملحوظ. بحيث كانت أول رحلة خارجية لترامب كرئيس في عام 2017 إلى الرياض، برفقة صهره ومستشاره غاريد كوشنر.
وقال مصدر مطلع على الاستراتيجية السعودية إنه إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض، فإن ولي العهد سيرحب بإبرام صفقة مع إسرائيل تحت قيادته. وأضاف مصدر آخر أنه حتى في حالة فازت هاريس، فإن الاتفاق سيمضي قدمًا. وفي كلتا الحالتين، ترى المصادر أن الأمر مربح للجانبين بالنسبة لمحمد بن سلمان، حتى لو تطلب الأمر بضعة أشهر أخرى من الصبر.
وفي السابع والعشرين من سبتمبر المنصرم ، أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى احتمال التوصل إلى اتفاق بعبارات إيجابية. وقال في خطاب ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة: “ما أعظم البركة التي سيجلبها مثل هذا السلام مع المملكة العربية السعودية”.
ومن شأن تطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية أن يشكل توسعًا لـ”اتفاقيات إبراهيم” التي تم إبرامها عندما كان ترامب في منصبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.
وأدت الاتفاقيات إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب والسودان. وقد عمل كوشنر، المقرب من إسرائيل، على قيادة المفاوضات بصفته مستشارًا كبيرًا في البيت الأبيض في عهد ترامب.
وقالت ثلاثة مصادر مقربة من كوشنر لرويترز، إنه إذا فاز ترامب في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، فإنهم يتوقعون أن يشارك كوشنر في المحادثات السعودية، وإن كان بصفة غير رسمية. ونفى متحدث باسم كوشنر أنه يسعى إلى مثل هذا الدور.
ويقول خبراء إن مشاركة كوشنر في المحادثات الدبلوماسية كمواطن عادي في ولاية ترامب الثانية قد تشكل تضاربا كبيرا في المصالح، “مما يضع كوشنر في وضع استثنائي لإجراء مفاوضات على المستوى الحكومي مع أحد كبار مستثمريه الماليين”.
وعلى الرغم من ابتعاد كوشنر وزوجته إيفانكا ترامب إلى حد كبير عن فعاليات حملة ترامب، إلا أنهما كانا حاضرين في المؤتمر الوطني الجمهوري في يوليوز الماضي ، حيث جلسا وصفقا في المقصورة العائلية خلف ترامب.