مجلس الحسابات يربط تأخر المشاريع المائية بإشكالية التمويل
أكد تقرير المجلس الأعلى للحسابات أن جميع المشاريع المبرمجة في ما يتعلق بالتزويد بالماء الشروب انطلاقا من السدود قد عرفت تأخيرا مقارنة بالتوقعات، بسبب صعوبات في التمويل.
وأردف المجلس في تقريره السنوي أن هذا التأخر يرجع أساسا إلى “صعوبات تتعلق بتعبئة الوعاء العقاري أو تعبئة التمويلات اللازمة” وهو ما أدى إلى تعثر مشاريع السدود وتأخر إطلاق مشاريع التزويد بالماء الشروب.
ونتيجة لهذه التأخيرات أوضح التقرير أن هذا الأمر أدى إلى “إرجاء استبدال المياه الجوفية بالمياه السطحية”، وهو ما حدث بمدينتي فاس ومكناس حيث لم يكتمل مشروع التزويد بالماء الشروب انطلاقا من سد إدريس الأول إلا سنة 2022، مسجلا تأخيرا بلغ سبع سنوات مقارنة مع التوقعات.
تأخر إنجاز السدود
وفي ذات السياق سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات تأخرا في بناء السدود الكبيرة، حيث لم يتم إتمام تشييد سوى 16 سدا كبيرا من أصل 30 سدا مبرمجا خلال الفترة 2010-2020، أي بنسبة إنجاز بلغت 53 بالمائة فقط.
وعزا التقرير هذا الأمر إلى تأخر إطلاق مسطرة نزع الملكية لتعبئة العقارات اللازمة لتشييد السدود، بالإضافة إلى اللجوء إلى صفقات تكميلية نظرا لارتفاع حجم الأشغال مقارنة بما تم توقعه مسبقا.
وبخصوص السدود الصغيرة فقد رصد تأخر كبيرا في إنجاز المشاريع، حيث تم بناء 75 سدا فقط، من أصل 500 مبرمجة، أي بمعدل إنجاز لم يتجاوز 15 بالمائة.
وفي جوابها حول تعثر إنتاج السدود الصغرى المبرمجة في إطار الاستراتيجية الوطنية للماء في الفترة الممتدة بين سنتي 2009 و2030، عزت وزار التجهيز والماء السبب إلى عدم توفر الوزارة على الموارد المالية الكافية لتنزيل مضامين الاستراتيجية.
وقد كانت إشكالية التمويل سببا أيضا في تأخر نقل المياه شمال-جنوب، والذي كانت قد قدرت كلفته الإجمالية بحوالي 30 مليار درهم، حيث لم تنطلق الأشغال إلا في نهاية العام الماضي، رغم أن الدراسات التي سبقت إعداد الاستراتيجية توقعت إنجاز المرحلة الأولى قبل متم سنة 2020، حيث أكد التقرير أن “القطاع المكلف بالماء تأخر في اتخاذ تدابير ملموسة لتعبئة التمويل اللازم، لإنجاح المشروع”.
وأكد ذات المصدر أنه في ظل تأخر تنفيذ مشروع نقل المياه شمال- جنوب، تستمر حقينة السدود في فقدان 500 مليون مكعب من المياه في البحر.
صيانة دون المستوى
أوضح التقرير أن إشكالية توحل السدود تتسبب في خسارة سعة تخزينية تقارب 75 مليون متر مكعب، وهو ما يستدعى جهودا كبيرا للصيانة خصوصا أن أكثر من نصف السدود الكبيرة يفوق عمرها 30 سنة.
في المقابل ذكر التقرير أن صيانة السدود تبقى “دون مستوى المعايير الموصى بها في هذا المجال”، رغم تأكيد المخطط الوطني للماء 2010-2030 على ضرورة رفع الإنفاق المخصص لعمليات الصيانة.
كما انتقد المجلس عدم قيام السلطات الحكومية المكلفة بقطاع الماء بتقييم لاحق للسدود التي تم إنجازها، رغم حث الممارسات الفضلى على المستوى الدولي على إجراء تقييمات بعدية، للوقوف عند جودة السدود المنجزة بالإضافة إلى النتائج الاقتصادية والمالية والبيئية.
وضعية مائية خطرة
وكان وزير التجهيز والماء نزار بركة قد أكد، اول أمس الخميس 21 دجنبر 2023، أن البلاد دخلت في “وضعية مائية خطِرة” بسبب أزمة الجفاف التي تعرفها المملكة خلال السنوات الأخيرة مشيرا إلى أن المملكة تتجه نحو السنة السادسة من الجفاف.
وربط بركة، في ندوة صحافية أعقبت الإجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، هذه الوضعية بضعف التساقطات خلال السنة الجارية، مسجلا تراجعها بنسبة 67 بالمائة مقارنة بنفس المدة من السنة الماضية.
وأورد المتحدث نفسه أن هذا الضعف في التساقطات المطرية أثر بشكل كبير على حقينة السدود حيث قال إن “نسبة ملأ السدود لم تتجاوز 519 مليون متر مكعب” مقارنة بالسنة الماضية التي عرفت نحو مليار ونصف مليار متر مكعب أي بتراجع بنسبة الثلثين.
وأوضح بركة، خلال نفس الندوة، أن البلاد “دخلت مرحلة دقيقة في السنوات الخمس الأخيرة بسبب أزمة الجفاف التي لم نتوقع من قبل أننا سنصل إليها”، مشيرا إلى أن “الثلاثة أشهر الأولى من هذه السنة الجارية أبانت أننا متجهون نحو سنة جفاف أخرى”.