story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

ما وراء التتويج.. قراءة سياسية في ظهور وزير الداخلية بنهائي كأس العرب

ص ص

بعد تتويج المنتخب الوطني المغربي الرديف بلقب كأس العرب لكرة القدم، مساء الخميس 18 دجنبر 2025، ظهر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، إلى جانب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، على منصة التتويج، رفقة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وعدد من الشخصيات الرسمية البارزة.

وجاء هذا الظهور في سياق رياضي استثنائي، طغى عليه الزخم الرمزي والإعلامي، وأعاد إلى الواجهة تساؤلات تتجاوز منطق التشريف والبروتوكول، لتلامس دلالات الحضور الرسمي في التظاهرات الرياضية الكبرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسؤول سيادي من حجم وزير الداخلية.

وفي سياق متصل بالزيارة نفسها، استقبل في نفس اليوم وزير الداخلية القطري الشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني نظيره المغربي عبد الوافي لفتيت، بمركز القيادة الوطنية في الدوحة، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية.

وفي هذا الصدد، توقف أستاذ العلوم السياسية و القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، كمال هشومي، عند دلالات حضور وزير الداخلية المغربي لنهائي كأس العرب، معتبرا أن هذا الحضور، غير المألوف في الأعراف الرياضية، يثير تساؤلات مشروعة تتجاوز منطق الاحتفاء الرياضي إلى منطق القراءة السياسية الهادئة.

وأوضح هشومي أن هذا الحضور لا يمكن فصله عن التحول العميق الذي عرفته مكانة الرياضة، وكرة القدم على وجه الخصوص، داخل الاستراتيجية العامة للدولة المغربية، بحيث لم تعد مجالا تنافسيا أو ترفيهيا صرفا، و إنما تحولت إلى أداة من أدوات السيادة، تدار بمنطق الدولة لا بمنطق القطاع، وتستثمر ضمن ما يعرف في علم السياسة بالدبلوماسية الناعمة المعززة بأدوات الدولة الصلبة.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن المغرب، وهو يراكم إنجازاته الرياضية، لا يكتفي بالإغراء الرمزي، بل يؤطر هذا الرأسمال الرمزي بأبعاد أمنية ودبلوماسية ومؤسساتية، بما يجعل الرياضة امتدادا للسياسة بوسائل أكثر قبولا وفعالية.

وأضاف أن حضور مسؤولين سياديين رفيعي المستوى في محطات رياضية مفصلية، كما حدث خلال مونديال قطر، شكّل إعلانا غير مباشر عن تحول كرة القدم إلى قضية دولة، وهو ما يتعزز اليوم بحضور وزير الداخلية، المعروف بثقل مهامه وانشغاله بملفات استراتيجية، من قبيل الاستحقاقات الانتخابية، وبرامج التنمية الترابية، والهندسة المجالية، والمساهمة في إعداد الأرضية التفاوضية حول الحكم الذاتي.

وسجل أستاذ العلوم السياسية أن مثل هذا الحضور لا يمكن قراءته باعتباره فراغا في الأجندة، و إنما اختيارا محسوبا، انطلاقا من قناعة مفادها أن في السياسة ما لا ينجز داخل قاعات الاجتماعات الرسمية.

وفي هذا الإطار، أبرز هشومي أن الأحداث الرياضية الكبرى تشكل، في علم السياسة والعلاقات الدولية، فضاءات موازية للدبلوماسية غير الرسمية، حيث تمرر الرسائل وتُدار التوترات بعيدا عن الأضواء، معتبرا أن نهائي كأس العرب لا تحول إلى منصة رمزية للتواصل الهادئ وتبادل الإشارات، وربما ترتيب بعض الملفات دون منحها الطابع الرسمي الذي قد يقيد هامش الحركة.

كما ربط المتحدث هذا الحضور بالسياق الرقمي والإعلامي المتوتر، في ظل النقاشات الأخيرة حول منصات وحسابات تهاجم المغرب ورموزه، معتبرا أن الدول الرصينة تفضل في مثل هذه الحالات الرد عبر التموقع والصورة، لا عبر البلاغات أو التصعيد.

وخلص هشومي في تدوينته إلى التأكيد على أن العلاقة بين المغرب وقطر تظل علاقة مركبة، تدار بمنطق التوازن بين التعاون والاختلاف، ضمن ما وصفه بـ“المنطقة الرمادية الذكية”، حيث تُفضل البراغماتية على الانفعال، والتدبير الهادئ على المواجهة العلنية.

وفي غضون ذلك، أوضحت وكالة الأنباء القطرية أن عبد الوافي لفتيت والشيخ خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني ناقشا عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، واستعرضا مجالات التعاون الأمني القائمة بين البلدين وسبل تعزيزها، بما يخدم توطيد الجهود المشتركة بين الدوحة والرباط.

وأضاف المصدر ذاته أن وزير الداخلية المغربي اطلع على مهام مركز القيادة الوطنية لقطر، وأنظمة القيادة والسيطرة المعتمدة به، إضافة إلى التقنيات المتقدمة المستخدمة في مجالات الرصد والتحليل، ودعم اتخاذ القرار، وتدبير الأحداث والأزمات.

كما شملت الزيارة الاطلاع على دور مركز قيادة البطولات، المكلف برصد وضمان أمن التظاهرات الرياضية، بما يضمن استجابة فعالة ومستوى عاليا من الجاهزية خلال تنظيم الفعاليات الكبرى.