story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
دولي |

ما الذي يجعل الإسبان أكثر الشعوب الأوروبية حماسا لدعم فلسطين؟

ص ص

منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، في السابع من شهر أكتوبر الماضي، برز الدور الإسباني في حلحلة هذه الأزمة على المستوى الأوروبي، على المستوى الشعبي والرسمي. 

برزت القضية الفلسطينية في الخطاب الانتخابي للرئيس بيدرو سانشيز، ووضع الاعتراف بها ضمن أولوياته مع تجديد الثقة فيه رئيسا للبلاد بعد شهر من اندلاع “طوفان الأقصى”، وكانت أول زيارة خارجية له بعد عودته لقيادة الائتلاف الحكومي إلى الأراضي الفلسطينية خلافا لعادة إسبانية تقود الرئيس في أول زيارة بعد انتخابه إلى المغرب. 

قادت إسبانيا حراكا أوروبيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ونجحت في ذلك رفقة شركاء آخرين في نهاية ماي الماضي، ولم تتوقف عند هذا الحد، وتوجت هذا المسار أمس الخميس 6 يونيو 2024، بإعلان انضمامها إلى جنوب إفريقيا في دعوى الإبادة الجماعية المرفوعة ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية، كل هذا الحراك مرفوقا بتصريحات على لسان المسؤولين الإسبان ضد إسرائيل، تقترب من مزاج الشارع العربي، كان آخرها وأشدها وقعا على إسرائيل، عندما قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس انتقادا للتضييق الإسرائيلي على قنصلية مدريد في القدس “إن قنصليتنا في القدس أقدم من إسرائيل”. 

شعبيا، لم تهدأ شوارع إسبانيا منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، خرجت مظاهرات حاشدة في أكبر مدنها، في الشمال والجنوب، وخاض طلابها حراكا مشابها لزملائهم في الجامعات الأمريكية، دفع 76 جامعة إسبانية للانحياز لحراكهم، إما بقطع علاقاتها مع إسرائيل أو بالتلويح بذلك، مخرجين جسم البحث العلمي الإسباني من حياد سلبي خضع له لعقود من الزمن. 

هذا الحراك الإسباني الذي كان ملفتا منذ انطلاق “طوفان الأقصى”، وتماهى فيه الرسمي مع الشعبي، وتجاوز الشعارات نحو الفعل، بدعم على الأرض بالاعتراف بفلسطين ودعم منظمة غوث اللاجئين في غزة وإدانة صريحة للإجرام في حق أبناء القطاع المحاصر، وتجاوز في كثير من الأحيان الخطاب الرسمي العربي تجاه القضية الفلسطينية، أحيى السؤال حول ما الذي يدفع الإسبان بالتحديد لقيادة هذا الحراك الأوروبي والدولي من أجل فلسطين وحول ما إذا كانت الجذور الإسلامية، قد تركت خيطا في الجسم الإسباني يجره للانحياز نحو قضايا العرب في المنطقة. 

وفي تعليقه حول هذا الموضوع، يقول امحمد جبرون، المؤرخ المتخصص في تطور الفكر السياسي الإسلامي وتاريخ المغرب الأقصى والأندلس منذ بداية مرحلتهما الإسلامية، إنه من الصعب المغامرة بالجزم في هذا الموضوع، لأن الجزم فيه يستدعي أدوات وبحث للمعرفة دقيقة وتحليل حماس الإسبان أكثر من غيرهم لهذا الموضوع، لكن هذه الفرضية تبقى بالنسبة إليه مطروحة، وتفسر جزء من علاقتهم بالشرق عموما وبالقضايا العربية والإسلامية عموما. 

وفي السياق ذاته، يقول جبرون إنه من الضروري استحضار السياق السياسي الذي يحكم إسبانيا حاليا، ويشير في هذا السياق إلى أن ما يحكمها حاليا هو مزاج يساري نوعا ما، وله ميول للتضامن مع القضايا العادلة حول العالم ومناصرة قوى التحرر. 

أما بالعودة إلى الوراء، يقول جبرون إن إسبانيا كانت دائما على مر التاريخ قريبة من قضايا العرب، ويستدل في ذلك على ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويقول إن علاقة إسبانيا بالعرب ثقافية وتتجاوز السياسة، وتبقى أكثر الدول الأوروبية قربا من الشرق على مر التاريخ، كما أنه في الوقت الذي حاصر الأوروبيون إسبانيا بعد الحرب العالمية الثانية، التفت فرانكو نحو جيرانه العرب، وما يقع اليوم امتداد لهذا المسار التاريخي في المواقف الإسبانية. 

كما أن المواقف الإسبانية اليوم من أبرز القضايا العربية في التاريخ المعاصر، يأتي في سياق ثقافي إسباني داخلي خاص، حيث تعيش إسبانيا على وقع صحوة للاعتراف بالتاريخ الإسلامي للبلاد، وأن ما حصل في تلك المرحلة لم يستهدف الغرباء فقط ولكنه مس إسبان كانوا مسلمين، وبالتالي فغن البلاد تعيش على وقع مراجعة ثقافية كبيرة في علاقتها مع الماضي والإسلام والشرق، وهو ما يفسر حسب جبرون هذا التعاطف والأسبقية عن الإسبان نحو قضايا الشرق