ماكرون في الرباط لرسم خارطة طريق جديدة في العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا
يحل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، غدا الاثنين 28 أكتوبر، بالعاصمة الرباط، في زيارة دولة للمغرب تدوم ثلاثة أيام، بدعوة من الملك محمد السادس.
وستكون هذه الزيارة، فرصة للبلدين من أجل رسم خارطة طريق جديدة للعلاقات الثنائية للمرحلة المقبلة، بعد فترة من البرود امتدت لما يقرب من ثلاث سنوات اتسمت بالتوترات المرتبطة بشكل خاص بأزمة التأشيرات، والاتهامات بالتجسس، وتعامل الرئيس الفرنسي مع كارثة زلزال 8 شتنبر الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير السنة الماضية، حينما رفض المغرب تلقي مساعدات من عدد من الدول من بينها فرنسا.
غير أن بودار انفراج الأزمة بدأت تظهر نهاية السنة الماضية، حينما أعلنت سفيرة المغرب في باريس، سميرة سيتايل، نهاية سنة 2023، أن وضع التأشيرة قد عاد إلى طبيعته. وهو ما جعل العلاقة بين البلدين تعرف زخما جديدا، خاصة بعد الاعتراف الرسمي الفرنسي بمغربية الصحراء.
وتأتي هذه الزيارة الرسمية، لتتويج دعم إيمانويل ماكرون الصريح لسيادة المغرب على صحرائه، والتي ستسمح بإحراز المزيد من التقدم في المشاريع التنموية لكل من المغرب وفرنسا.
وفي هذا السياق، تحدثت وسائل إعلام فرنسية عن أن زيارة إيمانويل وبريجيت ماكرون إلى الرباط ستشكل بداية إطلاق خارطة طريق جديدة في العلاقات الثنائية، تهم عددا من الملفات التي تمت مناقشتها في الأشهر الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالصناعة العسكرية، والمشاريع الاقتصادية منها الطاقة والبينات التحتية، وما يتعلق كذلك بالتربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة، وغيرها.
وترخي الأحداث والتظاهرات العالمية التي ستستضيفها المملكة في الفترة المقبلة، بظلالها على هذه الزيارة والاتفاقيات التي ستنبثق عنها، بحيث أن المغرب سيستضيف قريبا كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم 2030 (مع إسبانيا والبرتغال)، ولذلك تعتزم فرنسا “دعم المملكة في طموحها” لتحقيق “نجاحات كبيرة” بخصوص هذه الأحداث.
وبحسب الإليزيه، تقول وسائل إعلام فرنسية، فإن هذه الزيارة الرسمية التي تتضمن عددا من الملفات والقضايا يجب أن تتيح أيضا “تعزيز التنسيق السياسي” بين باريس والرباط، مبرزة أنه سيتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات في مجالات “ المياه والطاقة والتعليم ورأس المال البشري، ولكن أيضًا الأمن الداخلي”.
وعلى مستوى برنامج الزيارة، أضافت ذات المصادر، أنه بعد استقباله ولقائه بالملك محمد السادس، سيواصل إيمانويل ماكرون عقد عدد من اللقاءات أولها مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وبعدها سيقوم الرئيس الفرنسي بزيارة ضريح محمد الخامس، قبل إلقاء كلمة أمام البرلمان بمجلسيه في جلسة مشتركة. على أن تقام بعد ذلك مأدبة عشاء بدعوة من الملك محمد السادس على شرف إيمانويل وبريجيت ماكرون.
وستتخلل الزيارة أيضا لقاءات مع شخصيات من مختلف القطاعات التي يرغب البلدان في تعزيز تعاونهما فيها، على أن يختتم إيمانويل ماكرون زيارته، يوم الأربعاء، بحفل استقبال للجالية الفرنسية في المغرب، التي تضم 53 ألف مواطن.
فضلا عن ذلك، ستكون زيارة إيمانويل ماكرون فرصة لتأكيد موقف فرنسا ودعمها لقضية الصحراء المغربية. وسيادة المغرب عليها .
وفي السياق، كان إيمانويل ماكرون، قد أعلن في رسالة وجهها إلى الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 25 لجلوسه على العرش، أنه يعتبر “أن حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية”.
وأكد رئيس الجمهورية الفرنسية للملك، في هذه الرسالة، والتي تزامنت مع تخليد الذكرى ال 25 لعيد العرش، “ثبات الموقف الفرنسي حول هذه القضية المرتبطة بالأمن القومي للمملكة”، وأن بلاده “تعتزم التحرك في انسجام مع هذا الموقف على المستويين الوطني والدولي”.
وأضاف المصدر ذاته، أنه تحقيقا لهذه الغاية، شدد الرئيس إيمانويل ماكرون على أنه “بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت”، مضيفا أن هذا المخطط “يشكل، من الآن فصاعدا، الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، عادل، مستدام، ومتفاوض بشأنه، طبقا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “.
وبخصوص مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يرى رئيس الدولة الفرنسية أن “توافقا دوليا يتبلور اليوم ويتسع نطاقه أكثر فأكثر”، مؤكدا أن “فرنسا تضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية”، وخاصة من خلال دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي.
وشدد الرئيس ماكرون في رسالته قائلا “حان الوقت للمضي قدما. وأشجع، إذن، جميع الأطراف على الاجتماع من أجل تسوية سياسية، التي هي في المتناول”.
من جهة أخرى، وبعدما نوه بجهود المغرب من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصحراء المغربية، أعرب رئيس الجمهورية الفرنسية عن التزامه بأن “تواكب فرنسا المغرب في هذه الخطوات لفائدة الساكنة المحلية “.
وكان الملك محمد السادس قد الملك محمد السادس وجه، شهر شتنبر المنصرم، رسالة دعوة إلى الرئيس الفرنسي للقيام بزيارة دولة إلى المغرب مرحبا فيها ب”الآفاق الواعدة التي ترتسم لبلدينا” كما أوضحت الرئاسة الفرنسية.
ونقل قصر الإليزيه عن الملك قوله إن هذه الزيارة ستكون “فرصة لمنح شراكتنا الاستثنائية رؤية متجددة وطموحة تغطي عدة قطاعات استراتيجية وتأخذ في الاعتبار أولويات بلدينا”.
ومن جانب آخر، تسبب تطور الموقف الفرنسي من قضية الوحدةة الترابية للمملكة، في أزمة دبلوماسية جديدة بين فرنسا والجزائر التي قررت سحب سفيرها من باريس فورا.
ومن جهته، أرجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون زيارته (التي تم تأجيلها مرتين) إلى فرنسا، والتي كانت مقررة نهاية شتنبر الماضي وبداية أكتوبر الجاري، على خلفية هذا التطور في موقف الرئيس إيمانويل ماكرون من قضية الصحراء المغربية.