story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الصوت الواضح |

ماء المغرب للمغاربة

ص ص

رغم بشائر الزخات المطرية التي ينتظر أن تجود بها السماء في اليومين القادمين، إلا أن الوضعية المائية تظل كارثية وتداعياتها غير مسبوقة فيي التاريخ المعاصر للمغرب.
عشرات المدن تعيش منذ أسابيع اضطرابات في تزويد سكانها بالماء الشروب، وجزء من احتجاجات الشارع في الآونة الأخيرة باتت مرتبطة بافتقاد المواطنين لهذه المادة الحيوية، والمعطيات الحالية حول نسبة ملء حقينة السدود لا تحمل على التفاؤل.
فإلى حدود يوم الاثنين 19 غشت الجاري، سجلت سدود المغرب نسبة ملء بالكاد تتجاوز 27 في المئة كمعدّل وطني، فيما يسجّل حوض أم الربيع الذي يضم جهة الدار البيضاء، جفافا شبه تام لمخزونه المائي، بنسبة تناهز الأربعة في المئة.
هناك حالة طوارى مائية غير معلنة تهمّ مجمل جهات المغرب، بما فيها بعض مدن الشمال التي تقع ضمن الحوض المائي المتمتع بأكبر نسبة ملء للسدود، تتجاوز الخمسين في المئة.
فقبل يومين فقط، أطلعتنا الزميلة Le 360 على استنفار عامل عمالة المضيق الفنيدق، لجميع مسؤولين العمالة ومصالحها، داعيا إياهم إلى اتخاذ إجراءات خاصة بمواجهة أزمة الماء والصرامة في معاقبة المخالفين لقرارات السلطات بهذا الشأن.
وفي أنحاء مختلفة من المغرب، أصدرت السلطات المحلية قرارات بتقييد استعمال الماء في بعض الأنشطة مثل الحمامات العمومية ومحلات غسل السيارات ومنع بعض الزراعات وتقييد ملء المسابح بالمياه… بل إن مدنا عديدة، على رأسها الدار البيضاء، تعاني حاليا من انخفاض غير مسبوق في صبيب الماء، ما يحول دون وصوله إلى سكان الطوابق العليا من البنايات.
أما قرارات وقف تزويد بعض المدن والأحياء بمبررات مثل حدوث تسربات، كما كان الحال في الناضور، أو القيام بأشغال طارئة كما كمان الحال في برشيد وسطات، فباتت تواجه صعوبة كبيرة في نيل ثقة السكان، بفعل ضعف مستوى الشفافية وتضارب إجراءات وقرارات الدولة في هذا المجال. وقد تسببت هذه الانقطاعات في خروج السكان للاحتجاج في كثير من المناطق، منها كرسيف التي يعاني جزء من سكانها من انقطاع غامض للمياه.
العقبة الأساسية التي يواجهها بناء الثقة اللازمة لتدبير ملف حساس مثل تزويد المغاربة بحاجياتهم من الماء الشروب، هو الطابع غير المتكافئ لاستعمال المغاربة للماء واستفادتهم منه، سواء داخل المدن حيث تستفيد بعض الأحياء من فضاءات خضراء ومسابح خاصة… في مقابل شعور مواطنين يحتاجون إلى الماء لأغراض ضرورية مثل كسب قوتهم من خلال بعض الأنشطة الخدماتية، بالتضييق عليهم؛ أو في المجال الفلاحي حيث يستمر استنزاف المخزونات المائية، السطحية والجوفية، في سقي بعض الزراعات التصديرية.
فقبل أسبوع واحد أعلن منتجون لفاكهة الأفوكادو، عن معطيات تفيد تحقيق محصول هذه السنة مستويات قياسية من حيث الإنتاج التصدير، وكشف المهنيون بكل اعتزاز استعدادهم لجني كميات استثنائية وتحقيق ثمار بأحجام كبيرة، في تحسن واضح لمردودية هذه الزراعة مقارنة بالعام الماضي. وفي مقابل 60 ألف طن من فاكهة الأفوكادو تم جنيها في السنة الماضية، يتوقع المهنيون أن يصل محصول هذه السنة إلى 90 ألف طن، مع ما يعنيه ذلك من استهلاك للمياه.
ولا يقتصر الأمر على هذه الفاكهة، بل يشمل خضرا وفواكه أخرى موجهة للتصدير، مثل فاكهة الفراولة التي بات المنتوج المغاربة يخترقون أسواق جديدة خاصة بها، من بينها أسواق غير تقليدية بالنسبة للمغرب، مثل اليابان التي أصبحت الفراولة المغربية تحوز جزءا من أسواقها في هذا المجال. ويقدّر إجمالي الصادرات المغربية من الفراولة المجمدة نحو اليابان، حوالي 4400 طن حسب أرقام 2023.
كل هذه التناقضات تتزامن مع غموض كبير في حقيقة الأرقام والوعود المقدّمة بشأن مشاريع محطات تحلية المياه، خاصة مع وجود بعض هذه المحطات بالقرب من مدن تعيش أزمة متفاقمة، دون أن تشكّل حلا فعالا.
وفي انتظار رحمة السماء، يبقى السؤال مطروحا حول رحمة الرأسمال الخاص وحلفائه داخل مراكز القرار، متى تنزل بالمغرب والمغاربة وتقدّم المصلحة العامة واستدامة الحياة فوق هذه الأرض، على المصالح الخاصة والفئوية؟