ماء العينين: تنامي التوجه المباشر للملك نتيجة تجريف السياسة والحياة الحزبية

قالت القيادية في حزب العدالة والتنمية آمنة ماء العينين، إن “تنامي التوجه مباشرة إلى الملك لمطالبته بالتدخل لحل المشاكل والاستجابة للمطالب، عوض مطالبة الحكومة أو البرلمان أو القضاء أو الأحزاب أو النقابات أو الجمعيات بذلك، بات يعكس مستوى فقدان ثقة المغاربة في كل هذه المؤسسات”.
هذا السلوك، تعتبره ماء العينين، في تدوينة لها على صفحتها بموقع “فايسبوك”، “نتيجة طبيعية لسياسة إرادية موجهة مفادها أن الملك هو صاحب كل المنجزات، مع الحرص الشديد على انتقاد الحكومة والسياسيين على كل الإخلالات والأعطاب والنقائص، ثم التصميم على التنكيل بالأحزاب وتشويه الشخصيات السياسية، وتجريف الحياة السياسية عامة، ثم تأكيد ذلك بخنق الصحافة المتوازنة والناقدة لصالح نوع جديد مما يسمونه مجازا “صحافة” هدفها التشهير والسب والقذف”.
وأشارت إلى أن “هذا التوجه لم يقف عند حدود السياسة، بل امتد إلى فضاءات تأطير الشباب، حيث تم إلغاء وظيفة الجامعة مخافة تأطير جيل واعٍ وعاقل ومكوَّن، وعلى رأسها ساحة التأطير الجامعي بقمع كل الفعاليات الطلابية والنضالية فضلا عن تجفيف منابع الدعم العمومي عن الشبيبات الحزبية الجادة والتضييق على أنشطتها، ومضايقة جمعيات التخييم الجادة، فضلا عن إقبار وظيفة دور الشباب الرائدة، وتفريخ جمعيات المشاريع والمؤشرات والأرباح التافهة التي لم يعايش جيل Z غيرها”.
كل ذلك أدى، حسب ماء العينين، إلى “تجريف المعنى وانحسار الفعل السياسي التثقيفي الجاد، واغتيال وظيفة التأطير الدستوري والمدني التي تعلي من شأن المؤسسات وتشرح معنى فصل السلط وتُحَمل المسؤولية الدستورية لكل سلطة وكل مؤسسة دستورية وفق اختصاصاتها وصلاحياتها”.
وتساءلت في هذا الإطار، “ما الذي حققه المغرب بهذه المقاربة التي تُرَمِّزُ وتُمَجِّد الشخصيات التقنوقراطية والأمنية والتقنية، وتمعن في المقابل في القتل الرمزي لكل من له علاقة بالفعل السياسي أو الحزبي أو الإعلامي والأكاديمي الجاد؟”.
وتابعت، “لماذا خططنا بإصرار منقطع النظير لمقولة لا حكومة لا برلمان؟ لماذا تغنينا بمقولة كل السياسيين فاسدين وأولاد عبد الواحد كلهم واحد؟ ثم لماذا استبدلنا النخب المحترمة ذات الرصيد السياسي والأكاديمي والإعلامي المقدَّر، بكائنات تافهة وفارغة وسطحية وانتهازية لا تتقن غير الخطاب المُغرق في الانحطاط شكلا ومضمونا؟”.
واعتبرت أن “الدولة استثمرت في مشاعر الحقد والغيظ والغضب، ثم عادت اليوم لتشتكي من نتائج انفجارها في وجوهنا جميعا، وفي مفارقة مضحكة مبكية، تتم دعوة الحكومة والنخب السياسية للخروج من أجل التواصل مع الشارع الهائج والمُهَيج، متسائلة “عن أية حكومة وأي نخب نتحدث؟ هل نضحك على أنفسنا أم عمن نخاطبهم؟”.
وفي كل الأحوال، شددت ماء العينين على أن “الأمر تجاوز الجميع، والشارع لم يعد يخاطب سوى الملك، مطالبا إياه وحده بالتدخل”، وهو ما اعتبرته “خيانة وخطرا داهما ليس على الدولة ومؤسساتها والمجتمع فحسب، بل خيانة للملك نفسه، الذي اقترح دستورا يوزع الاختصاصات ويُحمل المسؤوليات”.
وتؤكد ماء العينين، إنها “لحظة الحقيقة، تدق مرة أخرى في ظروف مؤسفة كما سبق ودقت في لحظات حرجة من التاريخ، نسأل الله أن يخرج منها هذا البلد سالما”.
وفي غضون ذلك، شددت ماء العينين، إن “من كان يحب وطنه وملكه، فما عليه إلا أن يلتقط الرسائل بحس وطني استراتيجي، وألا يكتفي بالنظر إلى حيث يضع رجليه لأننا جميعا مارُّون من هنا، كيفما كانت مواقعنا وكيفما كان قدر السلطة التي نحتكم إليها”.
وتابعت “إن من ينتظره المستقبل في هذا البلد الذي يعتبر أمانة في أعناقنا هو هذا الجيل الشاب من اليافعين والأطفال الذين يُعتبرون ضحية للمقاربات المذكورة، لم يفت الأوان ولن يفوت بإذن الله وإرادة الصادقين، فلنكن مصدرا للأمل والتفاؤل وعزيمة التغيير نحو الأفضل”.