مؤسسا “صوت المغرب” في رسالة مفتوحة إلى وكالة أنباء الإمارات وتلفزيون دبي

تحية طيّبة وبعد،
نتوجه إليكم بهذه الرسالة، انطلاقا من تقديرنا الكبير لمؤسستيكم الإعلاميتين، وإدراكنا العميق لقيم المهنية والمسؤولية التي لطالما حملها المهنيّون، وحرصوا مجتمعين على تجسيدها في أعمالهم وتصرّفاتهم.
لقد وجدنا أنفسنا، نحن أعضاء فريق مؤسسة “صوت المغرب” الإعلامية الناشئة، أمام حملة استهداف ممنهجة وطويلة الأمد، قادها من باريس المراسل الصحافي محمد واموسي، الذي يعلن انتسابه لمؤسستيكم الموقّرتين، كما هو مبيّن في الصور المرفقة.
هذه الحملة لم تكن تعبيرا عن اختلاف مهني أو سجال فكري مشروع، أو تعبير عن نقد يحق للجمهور أن يقوم به؛ بل تضمنت سلسلة من الاتهامات المختلقة والمعطيات الزائفة والإساءة الصريحة لسمعتنا الشخصية والمهنية، منها اتهامنا بتلقي تمويلات خارجية لتنفيذ أجندات غير وطنية وتستهدف المصالح العليا لبلادنا، وادعاء امتلاكنا موارد مالية ضخمة، متحصّل عليها بطرق غير مشروعة أو مشبوهة، لتقويض مصالح المغرب، فضلا عن مساس مباشر بأعراضنا الشخصية وذممنا المالية وشرفنا المهني.
ورغم أن موقفنا في كل مرة كان الاكتفاء بالرد على مضمون تلك الهجمات، ومع الحرص على أن يكون ردّنا في إطار الدفاع المشروع، بما يقتضيه من أدوات تحقّق قدرا من التوزان مع الجهة المبادرة بالهجوم والاستهداف، فإن الأمر ما لبث أن تحول إلى نهج متكرر: كلما ردَدنا بالحجة ورفعنا في وجهه التحدي أمام الجمهور لإثبات مزاعمه أو التراجع والاعتذار عنها، عاد فاختلق أكاذيب جديدة، وبثّ مزيدا من المعطيات المغلوطة، وحرّض الجمهور ضدنا.
إن رسالتنا هذه ليست فقط ردّ فعل على هذا الاستهداف، وإنما هي خطوة نأمل أن تسهم في تعزيز السلوك المسؤول للمؤسسات الإعلامية في فضاء المنصات الرقمية، عبر الالتزام بأعلى معايير الأخلاقيات المهنية.
إن اقتران الحساب الفيسبوكي الذي تصدر عنه هذه الاتهامات بانتماء صاحبه المعلن إلى مؤسستين إعلاميتين كبيرتين وواسعتي الانتشار، يخلّف بالضرورة لدى المتابع العادي انطباعا قويًا بأن ما يَطّلع عليه من منشورات هو في حكم “الأخبار” الموثوقة، وأن مصدرها صحافي محترف، يعمل مراسلا معتمدا لدى مؤسستين مهنيتين تلتزمان، بحكم طبيعتهما ووضعهما الاعتباري، بمعايير الدقة، والتوازن، والتحقق قبل النشر.
وهذا الانطباع، وإن كان في الأصل ثمرة للثقة التي تبنيها المؤسسات الإعلامية مع جمهورها عبر سنوات من العمل، فإنه يتحول في هذه الحالة إلى عنصر مضاعف للضرر، لأن المحتوى المضلل أو الزائف يكتسب تلقائيا شرعية زائفة، ويجد طريقه إلى جمهور أوسع بكثير مما لو كان صادرا عن حساب شخصي مجهول أو غير مرتبط بمؤسسة إعلامية قائمة.
ومن هنا تتأكد، استنادا إلى القواعد المهنية والمدونات الأخلاقية المعتمدة دوليا، مسؤولية الصحافي، حتى في حساباته الشخصية على المنصات الرقمية، عن صيانة القيم المهنية، وتجنب ما يسيء إلى المؤسسة التي يمثلها أو يضر بثقة الجمهور فيها.
ونستند في موقفنا هذا إلى ما نصّت عليه السياسات والمواثيق ووالمدوّنات المهنية الدولية المعتبرة، ومنها:
- سياسة “واشنطن بوست” للتواصل الاجتماعي التي تؤكد أن كل ما ينشره الصحافي على حساباته الشخصية يعكس صورة المؤسسة التي ينتمي إليها.
وهذا رابط هذه الوثيقة المرجعية
- مدونة أخلاقيات Society of Professional Journalists (SPJ) التي تشدد على مبدأ “تحمل المسؤولية عن دقة العمل الصحفي وشفافيته” في كل الوسائط، بما فيها المنصات الشخصية.
وهذا رابط هذه الوثيقة المرجعية
- إرشادات مدرسة كرونكايت للصحافة التي تذكّر الصحافيين بأن حساباتهم الرقمية امتداد لهويتهم المهنية، وأن عليهم مراعاة القيم الأخلاقية في كل ما ينشرونه.
وهذا رابط هذه الوقيقة المرجعية
إن هذه المرجعيات تجعل من السلوك على وسائل التواصل الاجتماعي جزءا لا يتجزأ من الالتزام بالقيم التي تمثلها المؤسسة الإعلامية. فالقدرة على التأثير والوصول إلى الجمهور لا تأتي من فراغ، بل من الانتماء المهني المعلن، والارتباط بين اسم الصحافي صاحب الحساب واسم مؤسسة إعلامية قائمة وذات سمعة.
لقد حرصنا طيلة فترة هذا الاستهداف على عدم الخلط بين سلوك هذا المراسل وبين مؤسستيكم الموقرتين، ورفضنا الانسياق نحو أي استفزاز أو محاولة لاستدراجنا إلى خطاب يسيء للعلاقات بين الزملاء أو المؤسسات أو الشعوب.
بل كنا ولا زلنا نؤمن أن الصحافة يجب أن تكون جسرا لتعزيز أواصر الأخوة بين الشعوب والتقريب بين الدول، وهو الدور الذي يكتسي أهمية أكبر عندما يتعلّق الأمر بأخوة استثنائية كتلك التي تجمع بين دولتي المغرب والإمارات العربية المتحدة، سواء على مستوى الحكومتين أو الشعبين، وبالتالي ينبغي للمؤسسات الإعلامية أن تحافظ على دورها البناء، لا أن تتحوّل، عن قصد أو عن غير قصد، إلى معول هدم وتأجيج للنفوس.
وإننا إذ نبادر اليوم إلى نشر هذه الرسالة، فإنما نؤكد أننا نحرص على التزام منطق الاحترام والحوار قبل أي مسار آخر، لكننا وبعد صبر، وتجاهل، وردّ منضبط للتمييز بين التعبير الصادر عن الشخص صاحب الحساب وما يمكن أن يوحي به انتماؤه المهني، اضطررنا إلى تحضير ملفّنا القانوني بكل ما يحتاجه من توثيق قضائي والتماس للمساطر القانونية المطلوبة، لنرفع تظلّمنا إلى العدالة المغربية، طلبا للإنصاف المعنوي والتعويض المادي، وترتيب النتائج القانونية عن الاعتداءات المتكرّرة والمقصودة ضدنا، بما يشمل على سبيل المثال:
- اتهام مؤسستنا الإعلامية بتلقي دعم أجنبي وخدمة أجندة معادية للوطن،
- الطعن في صحة وشفافية المعطيات المالية للمؤسسة بما يستهدف سمعتها التحريرية وموقعها التجاري في السوق،
- توجيه اتهامات مباشرة لمؤسسي الصحيفة بالفساد المالي والأخلاقي،
- نشر قائمة طويلة، جرى توثيقها قانونيا رغم الحذف، بالأخبار الزائفة والمعطيات الكاذبة حول المؤسسة والقائمين عليها
- …
وإذ نخاطبكم اليوم بهذه الرسالة، فإننا نوجّه إليكم، في الختام، تحية التقدير والاحترام لمؤسستيكم الموقّرتين، مع التأكيد القاطع على تمييزنا التام بين مكانتهما المهنية، وبين السلوك الشخصي الصادر عن الشخص المنتسب إليهما موضوع هذه الرسالة.
إن تظلّمنا، سواء في إطاره العلني أو في مساره القانوني الذي سنباشره أمام القضاء المغربي، منصبّ حصرا على أفعال وتصرفات هذا الشخص بصفته الفردية، ولا يمسّ من قريب أو بعيد بصورة المؤسستين أو سمعتهما أو رسالتهما الإعلامية.
إننا حريصون كل الحرص على منع أي خلط بين الجهة التي ننسب إليها هذه الممارسات وبين المؤسستين الإعلاميتين، كما نحرص على ألا تتحول أي خلافات فردية إلى منصة للإساءة إلى العلاقات المهنية أو النيل من الاحترام المتبادل بين الشعوب والمؤسسات الإعلامية، إيمانا منا بأن الإعلام الجادّ هو جسر للتواصل والتعاون لا أداة للتناحر والتفرقة.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
حنان بكور – مديرة النشر لـ “صوت المغرب”
يونس مسكين مدير الأخبار لـ “صوت المغرب”