مأساة مستشفى بني ملال.. القصة الكاملة لوفاة أزيد من 20 شخصا
بينما الأطقم الطبية تقضي دوامها في مساء طبيعي، يدخل مواطنٌ متعبٌ إلى المستشفى باحثاً عن حبل نجاة بعدما أنهكته حرارة اليوم، يليه مواطنٌ آخر ثم اثنان وثلاثة، وفجأة تتنقل الأخبار بين الأروقة: “تُوفي المريض”، قبل أن تتم إشاعة أنباء وفاة تلو الأخرى، لتتحول ليلة البذلة البيضاء إلى سوداء في “مأساة إنسانية” تسربت أخبارها إلى مجتمع بني ملال، ثم انتشر النبأ بين عموم المواطنين الذين عبروا عن قلقهم في انتظار توضيح رسمي لما يجري.
بين من توفي في قلب المستشفى ومن لم يستطع التمسك بالحياة حتى قبل أن يصل إلى عتبة بابها، هكذا مرت ليلة المركز الاستشفائي في بني ملال والذي سجل ما يزيد عن 20 وفاة 8 منها لمرضى نزلاء بالمكان بينما توافد الآخرون من أقاليم مختلفة على مستوى الجهة، حسب مصادر أولية لصحيفة “صوت المغرب”، التي كانت قد أفادت في حينه بأنه تم وضع 4 مرضى على أجهزة التنفس الصناعي مرشِّحة ارتفاع العدد خلال نفس اليوم.
بناء على حديث الجهات المختصة حول كون سبب الوفيات راجع إلى الارتفاع الأخير بدرجات الحرارة، يوضح البروفيسور مصطفى الناجي هذه المسألة في حديث مع صحيفة “صوت المغرب” بالقول: إن “الوفاة جراء فرط الحرارة يكون نتيجة نقص كمية الماء في ذات الإنسان”، لافتاً إلى أن الوضع يزيد سوءاً “عندما تكون الحالات مصابة بأمراض على مستوى القلب والشرايين”، مبيناً أنها تعاني كثيراً في ظل هذا المناخ خاصة مع غياب السلوكات الوقائية.
وأوصى الناجي بضرورة الحرص على شرب كميات وفيرة من الماء، مشدداً على أنه في الأيام العادية فقط يجب شرب ما لا يقل عن لتر ونصف إلى لترين، لافتاً إلى أن العديد من المواطنين لا يهتمون بهذا السلوك الضروري للحفاظ على صحتهم، وهو الذي يعمل على تعويض السائل الذي يخرج على شكل عرق من الذات ما قد يسبب جفافها في حال تجاهل شرب الماء.
كما أوصى المتحدث ذاته المواطنين بتجنب التعرض لأشعة الشمس، خلال فترة ارتفاع درجات الحرارة بشكل مفرط، وتحري أماكن الظل في حال الاضطرار للخروج من المنزل أو مقرات العمل، مشدداً على خطورة الشمس وتأثيرها على ذات الإنسان.
ورغم ترجيحها للارتفاع الكبير في درجات الحرارة سبباً في مأساة الأمس، أعلنت المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة بني ملال خنيفرة فتح “تحقيق فوري” لاستجلاء الأسباب الحقيقية وراء هذا الحادث، وقالت إنها سجلت 21 حالة وفاة، الأربعاء الماضي، منها 4 حالات وفاة خارج أسوار المستشفى و17 حالة وفاة استشفائية، مشيرة إلى أن غالبيتها كانت بين أشخاص يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن، “حيث ساهم الارتفاع الكبير في درجات الحرارة في تدهور حالتهم الصحية ما أدى إلى وفاتهم”.
وكانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد حذرت، في وقت سابق من صباح اليوم، من موجة الحرارة المرتفعة التي تشهدها البلاد خلال هذه الفترة، معلنة اتخاذها عدداً من الإجراءات والتدابير الاستعجالية للتصدي للآثار الصحية الناتجة عنها.
وقالت في بلاغ توصلت صحيفة “صوت المغرب” بنسخة منه، إنه “تم تفعيل نظام المداومة في المؤسسات الصحية بالمناطق التي تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة”، والذي يشمل تعبئة مهنيي الصحة من أطباء وممرضين، وسائقي سيارات الإسعاف، بالإضافة إلى توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لتقديم العلاجات اللازمة.
كما حثت المواطنين على “اتخاذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من الأضرار الصحية المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة”، خاصة الفئات الأكثر عرضة للخطر من أطفال ونساء حوامل، ومسنين ومصابين بأمراض مزمنة.