ليلة استثنائية في شفشاون.. إفطار جماعي يضيء قلوب من فقدوا الدفء الأسري

في ليلة مشبعة بالنفحات الإيمانية، وتحت أضواء شهر رمضان الوضّاءة، احتضن مركز الإدماج الاجتماعي بشفشاون حفل إفطار جماعي، نظمته جمعية أصحاب القلوب الرحيمة للتكافل الاجتماعي، يوم الأحد 30 مارس 2025، احتفاءً بليلة القدر المباركة.

اجتمع الحضور في أجواء يملؤها الدفء الروحي والتآخي، حيث امتزجت نسمات المساء العليلة بروائح الأطعمة الرمضانية، التي أعدت بعناية لتكون جسراً للمحبة بين نزلاء المركز ودار المسنين، ومنظمي الحفل.

وسط باحة المركز، تهادت الألحان العذبة للمديح النبوي، تشدو بها فرقة إنشادية بلباسها التقليدي الأنيق، حيث تعالت الأصوات بأناشيد تعظم المقام النبوي، وتحمل القلوب إلى عوالم الصفاء الروحي.

لم يكن الإفطار مجرد لحظة لتناول الطعام، بل كان سيمفونية من القيم السامية، حيث تعانقت ضحكات المسنين ونزلاء المركز مع فرحة المتطوعين، الذين حرصوا على إدخال السرور إلى النفوس المنهكة، مانحين للحفل لمسة إنسانية نابعة من روح التكافل والتراحم.

وبينما تدفقت كلمات الدعاء في لحظات الخشوع التي عقبت الإفطار، كانت الأعين تلمع ببريق الأمل، كأنها تستمد من هذه الليلة المباركة طاقة جديدة للحياة.

في زوايا المكان، جلس الشيوخ والشباب، النساء والأطفال، كعائلة واحدة توحدت تحت سقف الإحسان، في مشهد جسّد عمق الروابط الاجتماعية التي تسعى الجمعية لترسيخها، موقنةً أن العطاء في مثل هذه الليالي لا يكون مادياً فحسب، بل هو دفء روحي يغمر القلوب، ويروي ظمأ الأرواح الباحثة عن الألفة والمحبة.

بابتسامة دافئة وعيون يلمع فيها الامتنان، قال أحد النزلاء، وهو يرفع كوب الشاي بين يديه المرتعشتين: “الحمد لله، اليوم حسّيت براسي ماشي بوحدي… كاين ناس باقي كايفكروا فينا، “.

وأضاف النزيل في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أن ” رمضان يمنحنا دائمًا هذه الفرصة لنكون مجتمعين، نضحك، نتقاسم الطعام على نفس المائدة، ونستمع إلى المديح الذي يبعث الطمأنينة في القلوب. جزاهم الله خيرًا، ونسأل الله أن يديم علينا هذا الخير.”

ثم صمت للحظة، وكأنه يستعيد ذكرى دافئة، قبل أن يضيف بصوت هادئ: “هاد الليلة، بغيت غير تبقى معايا هاد الفرحة شوية…”

وفي السياق، أكد ياسين أغلالو، مدير مركز الإدماج الاجتماعي لفائدة المتشردين والأشخاص دون مأوى بشفشاون، أن تنظيم حفل الإفطار الجماعي بمناسبة ليلة القدر المباركة يأتي في إطار تعزيز قيم التضامن والتآخي خلال شهر رمضان.

وأكد اغلالو في تصريح لـ”صوت المغرب” أن الهدف من الحفل إدخال الفرحة على قلوب نزلاء مركز الإدماج الاجتماعي للأشخاص في وضعية تشرد، وكذا نزلاء دار المسنين التي تُشرف على تسييرها جمعية دار البر والإحسان.

وأوضح أغلالو أن هذه المبادرة الإنسانية تهدف إلى ترسيخ روح التكافل الاجتماعي، وجعل هذه الفئات الهشة تشعر بالدفء الأسري في أجواء روحانية مميزة، مؤكداً التزام الجمعية بمواصلة دعم مثل هذه الأنشطة التي تعزز قيم المحبة والتراحم بين أفراد المجتمع.