story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
ثقافة |

لوليشكي: “الأمم المتحدة تجنبنا جهنم”

ص ص

في إطار فعاليات اليوم الأخير من الدورة التاسعة والعشرين للمعرض الدولي للكتاب يوم 19 ماي2024، احتضنت قاعة تواصل بحضور كل من السفير السابق لدى الأمم المتحدة محمد لوليشكي، وفتح الله ولعلو المفكر والوزير السابق للمالية، وعبد الحميد بنخطاب الأستاذ الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ندوة لمناقشة الأدوار المتجددة لمنظمة الأمم المتحدة تحت عنوان: “منظمة الأمم المتحدة والأسئلة المتجددة حول الأدوار”.

وأكد فتح الله ولعلو في مداخلته على راهنية الموضوع المناقش، لا سيما أننا أصبحنا نعيش الآن في “عالم حائر، وعالم اللايقين”، عالم يصفه المتحدث بأنه عالم الحروب الكبيرة، مثل “حرب أوكرانيا وتأثيرها العميق على العالم، حيث أنها أدت إلى ارتفاع التضخم، وارتفاع معدل الفائدة، وأزمة غذائية خصوصا بالنسبة للأفارقة.

ويسرد ولعلو في حديثه بدايات ظهور مأزق المنظمة الأممية “انطلاقا من انهيار المعسكر الشرقي بسقوط الاتحاد السوفياتي مطلع تسعينات القرن الماضي، وهو ما فتح المجال أمام نظام جديد أحادي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية التي اكتسبت سلطات لا محدودة”، يقول إنها تتجلَّى في التدخلات التي باشرتها بعد أحداث 11 شتنبر على سيادات بعض الدول مثل أفغانستان والعراق، مضيفا أنه “في كثير من الأحيان هي تدخلات لا تحظى بموافقة دولية”، ومعنى هذا أن الأمم المتحدة عمليا مثل ما قال ديغول يوما ما “لاشيء”.

ورغم الاعتراف بأن المنظمة الأممية لم تتغير على مدار عقدين وربما تراجعت أدوارها، يشير فتح الله ولعلو “إلى أن فروعها لعبت دورا أساسيا: مثل ‘اليونسكو’ التي هي ضيفة شرف هذه الدورة في المجال الثقافي والتربوي، وفي المجال الصحي كذلك؛ خصوصا ما لعبته منظمة الصحة العالمية خلال أزمة كوفيد-19”.

ورفض ولعلو أن يقول ما قاله ‘ديغول’ بأن منظمة الأمم المتحدة ‘لاشيء’، لكنه شدد على أن هنا حاجة لإعادة إصلاح هذه المنظمة الأممية، خصوصا في مجال الحكامة الاقتصادية؛ أي في صندوق النقد الدولي والبنك العالمي، قبل أي شيء آخر.

من جانبه شارك عبد الحميد بنخطاب، الأستاذ الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، نفس الرأي معتبرا أن إصلاح الأمم المتحدة أصبح ضرورة ملحة “لأن السياق الذي تأسست فيه هذه المنظمة قد تغير جذريا، ومن 50 دولة شاركت في تأسيسها أصبح لدينا الآن 193 دولة”. وأبرز المتحدث أن القانون الدولي ليس فضاءً لتحقيق العدل “كما قد يعتقده كثيرون”، بل هو أكثر منه “مؤسسة لتحقيق التوازنات وتفادي الحروب، أما البحث عن العدل فكان من شأنه أن يزيد عدد الحروب”.

وأضاف بنخطاب “أنه عكس ما قد يبدو لنا من وسائل الإعلام، يجب الإقرار بأن منظمة الأمم المتحدة قد حسَّنت العالم، وأصبح أقل عنفا مما كان عليه سابقا، لا من حيث عدد القتلى في الحروب، ولا من حيث عدد الحروب نفسها”. ويوضح الأستاذ الباحث في العلوم السياسية أن “حروب العالم اليوم معدودة على رؤوس الأصابع، وأكبر عدد لضحايا العنف على المستوى الدولي ليسوا من ضحايا الحروب بين الدول بقدر ما هم ضحايا للحروب الأهلية وللجماعات المسلحة وللعنف المستشري داخل هذه الدول.

ومتحدِّثا عن أدوار الأمم المتحدة في النزاعات المحلية المسلحة، أكد بنخطاب أن “الأمم المتحدة ليست حكومة دولية يمكن أن تفرض قراراتها على هذه الدول؛ إذا فما يحدث في السودان وما يحدث في الصومال أو ليبيا، لا يمكن للأمم المتحدة أن تتدخَّل فيه إلا كطرف حكم. وخلص المتحدث إلى أن العالم أصبح أكثر أمانا بفضل الأمم المتحدة، “وأن الدول أصبحت تحتكم إلى التعاون الدولي أكثر من احتكامها إلى الصراعات المسلحة” حسب قوله.

من جانبه، أكد محمد لوليشكي، ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة سابقا في كل من نيويورك وجنيف، على انزياح المنظمة عن المبادئ التي جاءت من أجلها بعد خمود نار الحرب العالمية الثانية. “هل بقيت الأمم المتحدة وفية لمبادئها التي أحدثت بها؟ أقول: مائة في المائة لا، لكن إذا كانت لنا مؤاخذات على الأمم المتحدة، فلا يمكننا أن نغض الطرف عن مكتسبات أخرى، ومنها مثلا الدور الذي تقوم به المفوضية العليا للاجئين؛ فلو لم تكن هذه الوكالة، أظن على أن الكثير من الدول والكثير من السكان المدنيين كانوا سيسقون المرّ خلال سنين”.

وأضاف سفير المغرب في كرواتيا والمجر والبوسنة والهرسك سابقا، “لو خرجنا من النظرة الميكرو، ونظرنا إلى المنظومات التي تسهم في الحكامة الدولية من منظور شامل، فأظن، وهذا مثال واحد بسيط، بأنه لو أراد أحدنا أن يرسل هدية إلى صديق في اليابان فإنه سيكون متيقنا بنسبة 99 بالمائة على أن تلك الرسالة ستصل إلى المقصود بها. ولكننا لا نفكر في القوانين التي أحدثت وفي كل الترتيبات التي كانت بين 193 دولة حتى تجعل هذه العملية سلسلة”.

وعن الأدوار التي يمكنُ أن يلعبها الممثل الدائم للمغرب داخل دواليب منظمة الأمم المتحدة من أجل حلحلة ملف الصحراء المغربية، أبرز الدبلوماسي المغربي أن “هناك مقاربتان لخدمة القضية الوطنية: المقاربة الأولى تقول إن القضية الوطنية الأولى يجب أن تأخذ مائة بالمائة من وقتك وجهدك وطاقتك. هذا منطق. وأنا شخصيا أؤمن بمنطق آخر. أن أركز على الصحراء الوطنية لأنها مسألة وجود ومسألة استمرارية وكل شيء، لكن اقتناعي أنه إذا أردتُ أن يكون لدى الناس موقف إيجابي بالنسبة لقضيتي الوطنية، يجب كذلك أن أهتم أنا بقضاياهم الوطنية”.

وأجمَل ‘لوليشكي’ حديثه عن منظمة الأمم المتحدة بمقولة للأمين العام السابق للمنظمة ‘داغ هامرشولد’، الذي قال “في عبارة أظن على أنها توجز واقع الأمم المتحدة الآن: الأمم المتحدة لا تقربنا من الجنة، ولكنها تجنبنا جهنم”.