لمواكبة الثورة الرقمية.. دعوات لتحيين شامل لقانون حماية المستهلك

في سياق تحيين القانون رقم 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك، والذي أكد وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، الاثنين 14 أبريل 2025، أنه يخضع لعملية تحيين شامل، يطالب حماة المستهلك بتعديل شامل لهذا القانون، معتبرين أنه “لم يعد يواكب متطلبات العصر الحالي، ولم يعد قادرًا على التصدي للتحديات الجديدة التي تواجه المستهلك المغربي”.
وفي هذا السياق، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إن “القانون الحالي يعاني، منذ صدوره، من عدة اختلالات بنيوية”، موضحًا أنه “تم إعداد مسودته الأولى سنة 2000، لكنه لم يصدر رسميا إلا في سنة 2011، وهو ما يجعله، اليوم، بعيدًا عن واقع السوق المغربي، وغير قادر على مواكبة التحولات المتسارعة التي يعرفها مجال التجارة الإلكترونية، والإشهار الرقمي، والتطورات التكنولوجية”.
وأكد الخراطي، في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن “هذا القانون أصبح متجاوزًا، خاصة في ظل بروز التجارة الإلكترونية التي لم تكن منتشرة عند صياغة النص”، موضحا أن “القانون الحالي لا يشير بوضوح إلى حقوق المستهلك في هذا المجال، ولا يقدم أي حماية كافية له، رغم أن معظم المواطنين أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على المعاملات الإلكترونية”.
وتابع المتحدث أن من أبرز أوجه القصور في القانون الحالي أنه “لا يغطي بعض الجوانب المهمة التي تؤثر بشكل مباشر على المستهلكين، مثل الإشهار والتخفيضات، حيث لا يحتوي على نصوص واضحة أو مفصلة لتنظيم هذه الجوانب، مما يترك المستهلك عرضة للممارسات غير القانونية”.
ومن ناحية أخرى، انتقد الخراطي “تركيز القانون على تنظيم القروض، حيث أوضح أن أكثر من 30% من مواد قانون حماية المستهلك تتعلق فقط بالقروض، وذلك دون مراعاة للحقوق الأخرى المتعلقة بالمستهلك بشكل عام، ما يجعل القانون عموديًا في حين أنه ينبغي أن يكون أفقياً.”
وفي مقابل ذلك، أكد الخراطي أن “القانونة المذكور يغفل الحديث عن مشكلة الاقتراض المفرط (Surendettement)”، مشيرًا إلى أنه “لا يخصص ما يكفي من النصوص لحماية المستهلك من هذه الظاهرة التي تشكل تهديدًا أكبر للقدرة المالية للمستهلك”، مضيفا أن “القانون يغفل تأثيراتها السلبية، مما يترك المستهلك في مواجهة تحديات اقتصادية خطيرة”.
أما فيما يخص الهيكل المؤسسي الذي يدير قضايا حماية المستهلك في المغرب، أشار الخراطي إلى أن القانون الحالي ينص على إحداث “مجلس استشاري للاستهلاك” تحت إشراف وزارة الصناعة والتجارة، حيث اعتبر أن “هذا المقترح غير مجدٍ، لأن الاستهلاك له طابع أفقي يهم جميع القطاعات، ولا يمكن أن يظل تحت وصاية وزارة واحدة”، مؤكدا أن “ذلك سيجعل من المجلس قوقعة فارغة بلا أثر فعلي”.
وفي هذا السياق، طالب المتحدث ذاته، بأن “تُسند مهمة الإشراف على قضايا الاستهلاك إلى مجلس المنافسة، باعتباره مؤسسة دستورية تتمتع بالاستقلالية والاحترام والصلاحيات التنفيذية والاقتراحية”، مشددا على أن “مجلس المنافسة هو المؤهل الوحيد لحماية المستهلك بشكل أفقي، على عكس المجالس التابعة لوزارة معينة، التي غالبًا ما تفقد فعاليتها وتأثيرها”.
وتابع في نفس السياق، أن “إسناد ملف حماية المستهلك إلى مجلس المنافسة سيؤدي إلى دفعة قوية لحماية المستهلك في المغرب، إذ سيؤدي إلى ربح 20 سنة من التقدم في هذا المجال وتسريع التحسينات القانونية والتنظيمية التي تحمي المستهلك وتواكب التحولات الكبيرة في السوق”.
كما أضاف الخراطي أنه “من غير المنطقي أن تظل مصالح المراقبة تابعة لوزارة معينة، لأن ذلك يعرضها لتأثيرات سياسية أو مهنية قد تؤثر على استقلاليتها وموضوعيتها”، داعيا في هذا السياق، إلى “إحداث جهازين مستقلين للمراقبة، الأول مختص بالمواد الغذائية، والآخر بالمنتجات الصناعية والخدمات، بحيث يجب أن يتمتع هذان الجهازان بالحياد والاستقلالية التامة عن أي تدخل سياسي أو حكومي، لضمان فعاليتهما في مراقبة السوق وحماية المستهلك”.