story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
بيئة |

لمواجهة الجفاف.. شجرة “الأركان” المغربية تزهر في جبال البرانس الفرنسية

ص ص

في خطوة وُصِفَت بالمغامرة، بدأ مجموعة من مزارعي الكروم الفرنسيين تجربة زراعة شجرة الأركان لمواجهة الجفاف المتزايد في جبال البرانس الشرقية جنوب فرنسا، على الرغم من أن الأركان معروفة بأنها لا تنبت إلا في أرض سوس بالمغرب، حيث تنتشر أشجاره رغم المناخ الجاف.

بدأ الأمر قبل أكثر من عام، عندما اجتمع ستة فلاحين لتشكيل خلية صغيرة بهدف إيجاد حلول بديلة لمواجهة أزمة المياه، وذلك في شمال “بربينيان”، وتحديداً في بلدة “بايكساس”. فقرروا تنويع زراعاتهم بدلاً من الاعتماد فقط على زراعة العنب.

وجرّب هؤلاء الفلاحون زراعة محاصيل متنوعة مثل الرمان، والتين الشوكي، والفستق، وأنواع مختلفة من الفلفل، وشجرة الشاي، قبل أن يقترح واحد منهم في صيف العام الماضي زراعة شجرة الأركان، وفقاً لصحيفة الإندبيندنت، إذ أنها تُعرف “بتحملها للجفاف الشديد، وهي واحدة من بين المزروعات القليلة التي تستطيع الصمود في درجات حرارة مرتفعة، ما يجعلها خياراً مثالياً لمواجهة التصحر المتزايد في جبال البرانس الشرقية”.

يقول المزارعون لصحيفة الإندبندنت: “لاحظنا ببساطة أن المياه شحيحة في المنطقة، لذا بحثنا في زراعات البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط لنرى ما يمكننا تكييفه مع المناخ الكتالوني. فرأينا أن أشجار الأركان تنمو بكثرة في المغرب رغم جفاف المناخ هناك، لذا قررنا تجربة زراعتها هنا حيث يمكن أن يكون المناخ مناسباً”.

وواجه المزارعون صعوبة في الحصول على البذور، إذ لا تتوفر في فرنسا، كما أن المغرب يفرض قيوداً صارمة على تصديرها لحماية هذا القطاع الحيوي. لكن أحد المزارعين تمكن من العثور عليها في إسبانيا، ما سمح بانطلاق تجربة زراعتها في أكتوبر الماضي.

يقول أحد المزارعين، وهو دافيد توفينوس (David Tofinos) “من الصعب جداً العثور على البذور. إذ أنه في المغرب، يُعد الأمر أشبه بمنطقة محظورة، فهم لا يريدون أن تُزرع الأشجار خارج بلادهم، وهذا أمر مفهوم. في النهاية، تمكنت من العثور على بذور في إسبانيا”. ورفض دافيد الإفصاح عن المكان بالتحديد، مشدداً على أنه “سر تجاري”.

وفي أكتوبر الماضي، زرع دافيد بضعة مساحات من أشجار الأركان في أراضيه بـ “بايكساس”، وتبعه ثلاث مزارعين آخرين، ومن المتوقع أن تتسع التجربة خلال الربيع أو الخريف القادم.

ويأمل الفلاحون أن تكون زراعة شجر الأركان حلاً مستداماً لمشاكل ندرة المياه وتراجع زراعة الكروم في منطقتهم، خاصة وأنها تحتاج إلى كميات قليلة من الماء مقارنة بالمحاصيل التقليدية.

يقول فنسنت كون (Vincent Connes)، الذي يخطط لزراعة 40 “آر” قريباً، أي 4000 متر مربع، إن “شجرة الأركان تحتاج فقط إلى 120 ملم من الأمطار سنويًا للبقاء على قيد الحياة، وبين 200 و240 ملم لكي تنتج الثمار”.

ويضيف “لا نملك أي تجربة سابقة، لكننا قررنا خوض هذه المغامرة. لن نعرف النتيجة إلا بعد خمس أو ست سنوات، لكننا متفائلون”. ويشير إلى أنه إذا نجحت التجربة، “فستكون ذات فائدة كبيرة” لهم.

وعلاقة بالموضوع، سلطت صحيفة “لوكوريي أنترناسيونال” (courrier international) الضوء على تأثيرات تغير المناخ على شجرة الأركان بالمنطقة الرابطة بين مدينة الصويرة وسيدي إفني، مبرزة في تقرير لها أن الأمر يهدد الشجرة بالانقراض ويؤثر سلبا على الوضعية الاقتصادية للنساء اللواتي يشتغلن في إنتاج زيت الأركان ومشتقاته.

وقال التقرير، الذي نشر أواخر سنة 2023، إن أشجار الأركان تلعب “دورا مهما في المنطقة خاصة بالنسبة لتوظيف النساء”، ذلك حسب ما نقلته الصحيفة عن حفيظة بوتارغوا التي تدير شركة صغيرة في جماعة سيدي كاوكي التابعة لإقليم الصويرة.

وفي ظل الواقع الصعب الذي بات يواجهه العاملون في تصنيع زيت الأركان، فإن الحل يرتبط بإحداث تغيير كبير في المنظومة البيئية في المنطقة، لأن خطط الحكومة تعتمد على حلول قصيرة المدى، تتمثل في إعادة تشجير المنطقة في حين أن الإشكال الأكبر برتبط بنقص المياه وإزالة الغابات.

وفي هذا السياق، نقل التقرير تصريحا لشريف هاروني وهو أستاذ وباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بأكادير يشير فيه إلى أن مستويات المياه الجوفية في المنطقة تغيرت على مدى السنوات الستين الأخيرة بشكل جذري، وضع يرى الخبير أنه يفاقم من صعوبة وضع الأركان في المنطقة، بسبب حرمان الأشجار حتى ذات الجذور العميقة من إمكانية الوصول إلى مصادر المياه.