لماذا تمتنع روسيا عن التصويت لصالح قرارات مجلس الأمن حول الصحراء؟
امتنعت روسيا عن التصويت لقرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء أمس الإثنين، والذي مدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء “مينورسو” لمدة عام آخر، داعيا الأطراف إلى استئناف المفاوضات للتوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول للطرفين في المنطقة.
الموقف الروسي، كان محط ترقب، خصوصا أن الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، هي الأولى بعد اتخاذ المغرب لموقف واضح من الحرب الروسية في أوكرانيا بالانحياز للحلف الغربي في هذه الحرب.
المغرب يرى الامتناع الروسي بعين الرضى
على الرغم من الإمتناع الروسي على التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي حول قضية الصحراء المغربية، إلا أن المغرب يرى فيه موقفا إيجابيا.
مصادر دبلوماسية قالت لـ”صوت المغرب” إن الموقف الروسي من مسودة قرار مجلس الأمن ليس بالسوء الذي يتم الحديث عنه، لأن روسيا سياسيا داعمة لمجهودات الأمم المتحدة ولتعيين ستافان دي ميستورا ومع حل سياسي واقعي، على أساس مقررات مجلس الأمن، وهو ما عبرت عنه في بلاغات متتالية منها البلاغ الذي كانت قد أصدرته بعد استقبال السفير المغربي بروسيا، مؤكدة كذلك على حجم الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وحسب المصادر ذاتها، فإن التحفظ الروسي في مجلس الأمن، هو تحفظ على الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى كونها صاحبة القلم الذي يكتب ويقدم مسودة القرار لمجلس الأمن، وهو ما يفسر تصويتها كل سنة بالتحفظ على القرار لهذا الاعتبار السياسي بالأساس.
الجانب الإيجابي الثاني الذي يراه المغرب في الموقف الروسي في مجلس الأمن، هو أن روسيا، وعلى الرغم من تقاربها الكبير مع الجارة الشرقية الجزائر، إلا أنها لم تصوت في أي مرحلة من المراحل ضد القرارات الأممية حول الصحراء المغربية، في حين أن موقعها في مجلس الأمن يسمح لها بإسقاط المشروع في حالة استعمالها لحق الفيتو.
ومن بين جوانب تقدم الموقف الروسي، أن القرار الأخير تم التصويت عليه بسلاسة، خلافا لقرارات سابقة، كانت الخلافات الروسية الأمريكية تتسبب في عرقلتها، مثل ما وقع سنة 2019 حيث تسبب الخلاف بين البلدين في تعثر إخراج القرار واستمرت التدخلات على مدى أيام ليتم التصويت عليه ليلة انتهاء ولاية بعثة “المينورسو”.
سجال روسي أمريكي على هامش الجلسة
مناقشة ملف الصحراء في مجلس الأمن هذه السنة، طبع بالتوتر المتصاعد بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو ما يمكن أن يستشف من تصويحات الجانبين بعد انتهاء جلسة التصويت.
ديمتري بولانسكي، ممثل روسيا في مجلس الأمن، خرج بعد تصويت الأمس لتفسير موقف بلاده من قرار التمديد لبعثة “المينورسو” في الصحراء، وقال إن بلاده تحفظ علاقات ودية مع كل الأطراف، مخصصا حصته من تفسير التصويت لانتقاد أمريكا، حيث اتهمها بـ”انعدام الضمير”في صياغة مسودة القرار على حد قوله، ومسلطا الضوء على الدور الرئيسي الذي تلعبه بعثة المينورسو في تحقيق الاستقرار في دفع عملية السلام.
من جانبها وفي حديثها بعد التصويت، عبرت توماس عن سعادتها باعتماد النص الذي أشرفت على صياغة مسودته، موجهة انتقادات لروسيا بالتعبير عن أسفها لعدم اتخاذ هذا القرار بالإجماع، ومؤكدة على أن “الوحدة تعزز جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام”. وفي هذا الصدد، قالت إن خطة الحكم الذاتي المغربية تمثل نهجا محتملا لتلبية تلك التطلعات، مسلطة الضوء على الدور الحاسم الذي تلعبه بعثة المينورسو لتحقيق هذه الغاية.
المغرب بين روسيا وأوكرانيا
كان المغرب يتشبث بسياسة النأي بالنفس في قضية التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، مفضلا عدم الانسياق وراء الموقف الأمريكي في بداية الحرب، حيث تشبث وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة عند استقباله لنظيره الأمريكي أنطوني بلينكن بالرباط شهرين بعد اندلاع الحرب، التأكيد على أن موقف المغرب مبني على التعبير عن انشغاله بتطورات الوضع بين روسيا وأوكرانيا، ورفضه لاستعمال القوة بين الجيران لحل الخلافات، وضرورة الالتزام بالقانون الدولي والحفاظ على الوحدة الترابية لكل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وبعد أشهر، اصطف المغرب مع الداعمين لأوكرانيا، حيث شارك في اجتماع للمسؤولين العسكريين للدول الداعمة لأوكرانيا في ألمانيا، ثم صوت لصالح قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدين روسيا.
اصطفاف لم ينعكس على المواقف المغربية المعلنة، حيث حافظ على علاقاته مع روسيا، من ضمنها العلاقات الاقتصادية وحتى السياسية، حيث استقبل وزير الخارجية الروسي السفير المغربي في روسيا لتقديم توضيحات له حول العملة الروسية في أوكيانيا، وتمسك بمواقف محايدة، حتى عندما استقبل وزير الخارجية الأوكراني ديميتري كوليبا في الرباط.