story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

لماذا تكتسي مدة العجز في الشهادات الطبية أهمية حاسمة في القضايا الجنائية؟

ص ص

أثارت قضية حصول قائد الملحقة الإدارية السابعة بمدينة تمارة، الذي ظهر في فيديو وهو يتعرض لصفعة من قبل سيدة، على شهادة عجز طبية مدتها 30 يومًا قدمها لضابط الشرطة القضائية، جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك في صفوف الأطر الصحية والقضائية.

وإلى جانب موجة الاستغراب والسخرية التي أثارتها القضية بسبب عدد الأيام المحددة في الشهادة الطبية، التي رأى الكثيرون أنها “لا تتناسب مع طبيعة الحادث (صفعة على مستوى الوجه)، وما أثاره من تساؤلات حول كيفية منح الشواهد الطبية، يطرح الموضوع تساؤلات أخرى بشأن مدة العجز التي تتضمنها الشهادات الطبية ومدى أهميتها في تحديد فصول المتابعة.

وفي هذا السياق، أوضح محمد الغلوسي، المحامي في هيئة مراكش، أن مدة العجز المضمنة في الشهادة الطبية تعتبر عنصرًا حاسمًا في تحديد فصول المتابعة، مشيرًا إلى أنه إذا كان أمد العجز أقل من 20 يومًا، فإن المتابعة تتم بناءً على الفصل 400 من القانون الجنائي، الذي يعاقب حالات الاعتداء التي لا تصل إلى درجة الجسامة الكبيرة.

أما إذا كانت مدة العجز تفوق 20 يومًا، فتتم المتابعة وفقًا للفصل 401 من القانون الجنائي، الذي يحدد العقوبات في حالات الاعتداء الجسيم.

وأضاف الغلوسي، في تصريح لصحيفة “صوت المغرب” أنه في حال توفر سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح، فإن العقوبة وفقًا للفصل 401 قد تصل إلى خمس سنوات حبسا مع غرامة، كما يمكن أن يحكم على المتهم بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق الواردة في الفصل 40 من القانون الجنائي.

وتابع المتحدث أن هذه الحقوق “تتعلق أساسا بالحرمان من الحقوق الوطنية والمدنية والعائلية الواردة في الفصل 26 من ذات القانون، ومنها عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف العمومية وكل الخدمات والأعمال العمومية وحرمانه من أن يكون ناخبا او منتخبا ومن حق التحلي بأي وسام، كما يمكن أيضا الحكم على المتهم بالمنع من الإقامة من خمس إلى عشر سنوات”.

وفي ضوء هذه التبعات القانونية، شدد الغلوسي على الدور الكبير والحاسم الذي يلعبه الطبيب من خلال الشهادة الطبية التي يمنحها للأشخاص في تحديد مصير الأفراد ومصير حرياتهم وحقوقهم، مؤكدًا أن نسبة العجز التي تحددها الشهادة الطبية قد تكون في بعض الحالات أداة لإنهاء “حياة” الأفراد وإعدام مستقبلهم المهني والسياسي والاجتماعي ظلمًا وعدوانًا.

وبالنظر إلى هذه التأثيرات التي يمكن أن تتسبب فيها مدد العجز التي تحملها الشواهد الطبية، شدد الغلوسي، المحامي ورئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على أن الطبيب يتقلد مسؤولية جسيمة، “وعليه أن يكون وفيا لقسم المهنة ولضميره وألا يكون شاهد زور في مثل هذه القضايا المصيرية”.

من جهة أخرى، شدد المتحدث ذاته، على ضرورة أن تراقب النيابة العامة بدقة صدقية الشهادات الطبية، وأن تستعمل كافة الوسائل التي يتيحها لها القانون للتصدي “للبيع والشراء في حقوق وحريات الناس”، مثل الأمر بإجراء خبرة طبية مضادة يسند إنجازها إلى أطباء مشهود لهم بالنزاهة والاستقامة والجدية وتحكيم الضمير المهني للتأكد من صحة وسلامة الشواهد المقدمة إليها.

كما شدد الغلوسي على أهمية متابعة الأطباء المتورطين في التلاعب بالشهادات الطبية، داعيًا إلى “اتخاذ أقصى العقوبات بحقهم، بما في ذلك حرمانهم من ممارسة مهنة الطب”، مشيرا إلى أن هؤلاء الأطباء يمثلون قلة قليلة، “يسيئون لمهنة الطب الإنسانية النبيلة، وهم معروفون في العديد من المدن ببيع الشهادات الطبية مقابل تحديد نسب العجز”.