story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
رأي |

لجنة تقصي الحقائق أم مهمة استطلاعية؟ أيهما أكثر تأثيرا في الرقابة البرلمانية؟

ص ص


أعلن كل من الفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية إضافة إلى المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عن اعتزامهم جمع النصاب من أجل تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق حول الوقائع المتعلقة بمختلف أشكال الدعم الحكومي الموجه لاستيراد المواشي ولقطاع تربية المواشي بصفة عامة، وذلك بتاريخ 06 أبريل 2025، في المقابل تقدمت فرق الأغلبية وهي كل من فريق التجمع الوطني للأحرار وفريق الأصالة والمعاصرة والفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية إضافة إلى الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي إلى لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب من أجل تشكيل مهمة استطلاعية حول دعم استيراد المواشي، فما هو الفرق بين تشكيل لجنة نيابية لتقصي الحقائق وتشكيل مهمة استطلاعية؟

تعتبر لكل من اللجان النيابية لتقصي الحقائق والمهام الاستطلاعية من الأدوات المتاحة للبرلمان من أجل ممارسة الرقابة على العمل الحكومي، وقد تميز دستور 2011 بأن نص في الفصل 67 على تشكيل اللجنة النيابية لتقصي الحقائق وهو أمر يمكن ممارسته بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، كما أن الدستور نص على إخراج قانون تنظيمي خاص بها وهو القانون التنظيمي 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق. بينما تنظم المهام الاستطلاعية بمقتضى النظام الداخلي لكل من مجلس النواب (المواد من 142 إلى 148 من النظام الداخلي لسنة 2024 ) ومجلس المستشارين (المواد من 125 إلى 131 من النظام الداخلي لسنة 2020).

تتميز اللجان النيابية لتقصي الحقائق باشتراط الدستور مجموعة من الشروط التي يتعين تحقيقها من أجل تشكيلها وعلى رأسها توفر النصاب القانوني للمطالبين بها والمتمثل في ثلث أعضاء مجلس النواب، إضافة إلى شرط أن لا يكون موضوعها موضوع متابعات قضائية جارية وتنتهي أعمالها بمجرد تحقيق قضائي في الوقائع التي أدت إلى تشكيلها، كما أن القانون التنظيمي المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق نص في المادة السادسة على أن يؤول رئيس اللجنة أو مقررها إلى المعارضة، ويترتب عن عمل اللجنة انتاج تقرير يكون موضوع مناقشة في جلسة عامة كما يمكن إحالته على القضاء من طرف رئيس المجلس (الفصل 67 من الدستور).

في المقابل تتميز المهام الاستطلاعية على مستوى مجلس النواب بسهولة تشكيلها، إذ يتم تشكيلها إما بمبادرة من رئيس إحدى اللجان الدائمة أو بطلب من رئيس فريق نيابي أو رئيس مجموعة نيابية أو ثلث أعضاء اللجنة، كما أن موضوع المهمة ينبغي أن يهم المجتمع أو أن يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية باتفاق مع مكتب مجلس النواب (المادة 142 من النظام الداخلي لمجلس النواب)، كما تنص المادة 143 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن يعين الرئيس أو المقرر من المعارضة، ويترتب عن عمل المهمة الاستطلاعية إنتاج تقرير تتم دراسته داخل اللجنة التي تنتمي إليها المجموعة كما يمكن أن يتم مناقشته في جلسة عامة.

من خلال ما سبق، يتبين أن اللجان النيابية لتقصي الحقائق تعتبر أكثر تأثير سواء من الناحية السياسية أو حتى من ناحية إمكانية إحالة التقرير على القضاء، إلا أن تشكيل هذه اللجان يصطدم بعائق توفر النصاب العددي الذي فرضه الفصل 67 من الدستور، والذي يستوجب الحصول على توقيع 132 نائبة ونائب، وبالعودة إلى تشكيلة الكتل البرلمانية في مجلس النواب يتبين أن المعارضة (الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية، الفريق الحركي، فريق التقدم والاشتراكية، المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، إضافة إلى الأعضاء غير المنتسبين) تتكون من 99 عضوا أي أنها بحاجة إلى 33 عضوا من أجل التوفر على النصاب القانوني، وقد كانت المعارضة تعول على دعم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في تقديم هذا الطلب، خاصة وأن الأمين العام للحزب نزار بركة هو من أثار هذا الموضوع، إلا أن موقف رئيس الفريق الذي صرح بأن حزبه يفضل تفعيل مهمة استطلاعية برلمانية عوض لجنة تقصي الحقائق وهو ما يعني استحالة تشكيل اللجنة، كما أن مستوى تاريخ الممارسة البرلمانية في المغرب لم يشكل مجلس النواب سوى ستة لجان كانت آخرها سنة 2010 وهي المتعلقة بتقصي الحقائق حول أحداث كديم إيزيك وأعمال العنف والشغب بمدينة العيون.

*باحث في العلوم القانونية والإدارية والسياسية