لجنة المنتخبات الوطنية!
خلال أقل من سنة عرفت المنتخبات الوطنية لكرة القدم إقالة مدربين بدون مبرر واضح، وتعيين آخرين مكانهم عن طريق بلاغات “خشبية” للجامعة تتضمن بعض الأسطر الغرض منها إخبار الرأي العام الوطني فقط بأن فلان الفلاني قد تم تعيينه كمدرب أو مساعد المدرب.. هكذا بدون تفاصيل ولا تلميحات للسبب الحقيقي وراء قرار التغيير.
كان لدينا المدرب الفرنسي رينالد بيدروس مدربا لمنتخب الإناث، وصنع معه إنجاز الوصول إلى نهاية كأس إفريقيا للأمم التي احتضنها المغرب، وتأهل معه لكأس العالم، الذي تجاوز فيه الدور الأول في أول مشاركة مغربية في مونديال الإناث. لكن بعده بأسابيع قليلة تمت إقالته، وتعاقدت الجامعة مع المدرب الإسباني خورخي بيلدا.
وبعد العودة من كأس إفريقيا للأمم بالكوت ديفوار وما تبع الإقصاء من استياء لدى المغاربة، تمت إقالة مساعد الرݣراݣي غريب أمزين، وتم تعيين عبد الله بوحزامة مكانه، بدون ذكر الأسباب ولا المبررات ولا حتى صدر بلاغ أو تصريح رسمي حول القرار.
وقبل أيام خرجت علينا الجامعة الملكية المغربية ببلاغ رسمي تخبر فيه الرأي العام أن عصام الشرعي لم يعد مدربا للمنتخب الوطني لأقل من 23 سنة، وأنه تم تعيين طارق السكيتيوي بديلا له، مع بعض الجمل الإنشائية حول التنسيق والإستراتيجية بين المنتخبات الوطنية.
كل هذه القرارات “التقنية” تصدر عن فوزي لقجع “الإداري” رئيس الجامعة الذي هو في نفس الوقت رئيس لجنة المنتخبات الوطنية التي لا يعرف أعضاءها أحد، ولا من يمتلك عضويتها، بمعنى أننا أمام حالة ناذرة وسابقة على مستوى العالم بوجود لجنة يشكلها شخص واحد!!
المشكل ليس في وجود هذه اللجنة-الشبح ولا في تشكيلها من قِبل شخص واحد، المشكل هو أنها (أو أنه على وجه التدقيق) تقوم بعمل يدخل في اختصاصات الإدارة التقنية الوطنية مثلما يحدث في كل جامعات كرة القدم عبر العالم، الإدارة التقنية التي من المفروض أن تعين منسقا عاما للمنتخبات الوطنية بكل فئاتها، والذي في الغالب يكون رجلا باختصاص تقني كمدرب أو مؤطر ليكون الساهر على تنزيل السياسة الكروية للجامعة، ويضمن تطبيق الإستراتيجيات وكيفية انتقال الأجيال من اللاعبين من فئة إلى أخرى.
قد نفهم قيام رئيس الجامعة فوزي لقجع بالإشراف المباشر على المنتخبات الوطنية عبر لجنة وهمية، إذا نظرنا من الزاوية ” السياسية” لأمور كرة القدم في المغرب وما تشكله هذه المنتخبات لأعلى هرم السلطة في البلاد منذ السنوات الأولى للإستقلال، حيث كانت ولازالت في يد مسؤولين مقربين من دوائر الحكم، لكن في الواقع هذا الإشراف “السيادي” أصبح يتعارض اليوم مع أي استراتيجية احترافية في كرة القدم أو أي مشروع حقيقي لتطوير اللعبة قائم على احترام التخصصات والفصل بين ما هو إداري وتقني ومالي.
فكثير من المشاكل والمطبات وأوجه الخلل في التنسيق في المنتخبات الوطنية ما هي إلا تحصيل حاصل، ونتيجةٌ لطريقة اختيار رئيس لجنة المنتخبات الوطنية للمدربين منذ البداية، حيث يتم ذلك دون استحضار المعايير التقنية الدقيقة، وهل بروفايلات هؤلاء المدربين تتوفر فيهم شروط تناسب كل فئة، وتتوافق مع المرحلة ومع خصوصيات كرة القدم الوطنية.
المنتخبات الوطنية هي الغلة التي تنتجها قاعدة الممارسة الرياضية في البلاد، وهي تتويج لعمل تقني طويل ومتسلسل يبدأ من الأندية مرورا بالعصب الجهوية ثم إلى المنتخب، والحال أننا نتوفر فقط على إدارة تقنية وطنية “مخيمة” في غابة المعمورة، ولا دخل لها في الصلاحيات التي يقوم بها رئيس “لجنة” المنتخبات الوطنية، ولا علاقة لها بمدربيها في التعيين أو الإقالة، وهذا الفصل الغريب لا يمكن أن ننتظر معه سوى إنجازات الحظ، ونتائج “ضربات فالپوطو وخرجات”، أما الإستمرارية في الحضور وفي تحقيق الألقاب، فلازلنا لا نتوفر على شروطهما.