لتعزيز الثقة وتشجيع الاستثمارات.. مطالب بالتنزيل الفعلي لقانون “الحق في المعلومة”

طالب عدد من المتدخلين، خلال المنتدى الوطني الثاني حول الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب، بضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالتنزيل الفعلي لقانون الحق في الحصول على المعلومات، بالنظر لدوره الأساسي في تعزيز الثقة والشفافية بين الإدارة والمرتفقين، وارتباط هذا القانون بالحياة اليومية للمواطنين وتشجيع الاستثمارات، وإنعاش الاقتصاد الوطني.
وقدم المشاركون، في اختتام فعاليات هذا المنتدى الذي نظمته جمعية رواد التغيير للتنمية والثقافة بشراكة مع جمعية سمسم مشاركة مواطنة بوجدة، توصياتهم بخصوص مراجعة القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، مشيرين إلى أن مشاكل عديدة لا تزال تعوق تنزيله بالشكل المطلوب.
الحق في المعلومة.. ضرورة أساسية
في هذا السياق، أكد الصحافي والباحث يونس مسكين، أن الحق في الحصول على المعلومة لم يعد مجرد آلية تكميلية، بل أصبح ضرورة أساسية في ظل ندرة المعلومات، مبرزا أن “كل شيء بات اليوم يعتمد على توفر المعلومة”، إلا أن البيروقراطية والخوف من المساءلة داخل الإدارات العمومية يشكلان عائقاً كبيراً أمام ضمان هذا الحق.
وفي سياق تقديمه للتوصيات، أوضح يونس مسكين “أن الحل يكمن في مراجعة الاستثناءات القانونية التي تعيق الوصول إلى المعلومة، وتعديل صياغتها الفضفاضة التي تتيح تأويلات واسعة”، داعيا إلى إلزام الإدارات بنشر أكبر قدر ممكن من المعلومات بشكل استباقي، دون الحاجة إلى تقديم الطلبات الفردية.
وشدد المتحدث أيضاً على ضرورة إنشاء هيئة رقابية مستقلة وفعالة لمراقبة مدى احترام الإدارات لهذا القانون، إضافة إلى تعزيز التوعية داخل المؤسسات، سواء بين المسؤولين أو الموظفين، مع وضع جزاءات واضحة ورادعة ضد أي محاولة لعرقلة هذا الحق.
ومن جهة أخرى، أكد مسكين على دور الإعلام في تعزيز الوعي بأهمية الحصول على المعلومة، “ليس فقط من خلال تفسير مضامين القانون للجمهور، ولكن أيضاً عبر تسليط الضوء على أوجه القصور في تطبيقه”، بما يسهم في خلق وعي مجتمعي أوسع بأهمية هذا الحق والسعي نحو تحسينه.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث يونس مسكين أن الإعلام يمكن أن يؤدي دوراً مهماً في رصد أي محاولات لتقييد الحق في المعلومة وفضحها للرأي العام، “وأن الضغط الإعلامي والمساءلة المستمرة يشكلان أحد الحلول لضمان تفعيل هذا القانون بشكل حقيقي”.
توسيع التشاور المجتمعي
من جهتها، دعت النائبة البرلمانية حورية ديدي، إلى ضرورة توسيع نطاق الحق في الحصول على المعلومة ليشمل الجميع، بما في ذلك المسؤولين والمستثمرين الأجانب الذين يجدون أنفسهم مقصيين من هذا الحق، مما يؤثر على قدرتهم على اتخاذ قرارات مستندة إلى معطيات دقيقة.
كما أكدت ديدي على أهمية توسيع التشاور المجتمعي قبل سن القوانين، لتجنب أي احتجاجات أو احتقانات مجتمعية، مشددة على ضرورة أن يشمل التشاور كافة المراحل، من الصياغة إلى التطبيق، وذلك من خلال استشارات موسعة تتيح للمواطنين التعبير عن آرائهم.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت المتحدثة ذاتها على ضرورة تقييم مشاريع القوانين من قبل البرلمان والمجتمع المدني، وهو ما يساهم في تفادي الثغرات القانونية التي تؤدي إلى سوء التأويل والتطبيق، كما يعزز من فعالية النصوص القانونية ويجعلها أكثر انسجاماً مع الواقع.
ودعت ديدي أيضاً إلى تأهيل الإدارات العمومية لضمان التطبيق الفعلي لقانون الحق في الحصول على المعلومة، مشيرة إلى أن العديد من الموظفين لا يزالون يفتقرون إلى الوعي الكافي بواجبهم في توفير المعلومات للمواطنين، موضحة أن سياسات التمركز الإداري واشتراط الحصول على إذن مسبق لتقديم المعلومات تخلق تعقيدات بيروقراطية غير مبررة تعيق وصول المواطنين إلى المعلومات.
69% يجهلون قانون المعلومة
من جانبه، أشار عبد الإله سطي، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة ابن زهر بأكادير، إلى أن الواقع العملي يعكس فجوة كبيرة بين القانون وتطبيقه، “بحيث كشفت الإحصائيات أن 69% من المغاربة لا يعرفون شيئاً عن قانون الحق في الحصول على المعلومة، بينما لا تتجاوز نسبة الذين اطلعوا عليه 18%، فيما قرأه البقية بشكل سطحي وغير معمق”.
وفي هذا الإطار، استشهد سطي بتجربة جمعية “سمسم مشاركة مواطنة”، التي أظهرت أن 63% من طلبات الحصول على المعلومات التي قدمتها عام 2021 لم يتم الاستجابة لها، في حين لم تتجاوز نسبة الطلبات التي تلقت رداً إيجابياً 10%. أما البقية، فتمت الإجابة عنها برسائل إلكترونية فارغة، فقط لإثبات الرد الشكلي.
وعلى ضوء هذه الأرقام، تساءل سطي عن جدوى وجود هذا القانون دون تفعيل آليات حقيقية تضمن تطبيقه الفعلي، مشدداً على أن إصدار القانون لوحده لا يكفي لضمان هذا الحق للمواطنين، بل يجب وضع آليات واضحة لضمان تنفيذه بشكل فعلي.