story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
الدوريات الأوربية |

كيف تغير الموقف من صيام لاعبي كرة القدم المسلمين في أوروبا ؟

ص ص
يواجه اللاعبون المسلمون المحترفون في الدوريات الأوروبية تحديات عديدة خلال شهر رمضان، فمع إصرارهم على الصيام بالتزامن مع خوض المباريات يثير هذا الأمر جدلاً واسعاً، حتى إن بعضهم يفقد فرصة اللعب أو حجز مكان أساسي في تشكيلة فريقه، بدعوى عدم قدرته على الصمود أمام إرهاق الصيام والمشاركة في المباريات ذات المستويات العالية.
ويجد الكثير من اللاعبين أنفسهم بين مطرقة العقود الاحترافية التي وقعوها مع أنديتهم وسندان تراجع الأداء في الملعب والذي يكلف اللاعب خصما ماليا وقد يضعه في خانة التقصير التي تؤدي إلى الاستغناء عنه. فيلجأ بعض اللاعبين لفتاوى تبيح لهم الإفطار ويصر البعض الآخر على الصيام ومواصلة العمل الاحترافي، في ظل بداية تفهم الكثير من الأندية والإتحادات الكروية في أوروبا للواجب الديني للاعبيهم المؤثرين، بعد سنوات طويلة من رفض فكرة الصيام واعتبارها شأنا شخصيا لا ينبغي أن يتداخل في النشاط الكروي أو يؤثر على مجراه الطبيعي.
 
مرحلة من المعاناة
في مسابقات مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، أصبح المحترفون المسلمون الذين كانوا في السابق يواجهون ضغوطًا لتجنب الصيام يوميًا خلال شهر رمضان، الآن (أصبحوا) يستفيدون من خطط غذائية مخصصة وفترات راحة أثناء المباريات.
يحكي لاعب المنتخب الوطني المغربي السابق يوسف شيبو الذي احترف في أندية متعددة في أوروبا، أنه بعد أشهر من انطلاقه في مسيرته الاحترافية كان يسعى لإثبات نفسه ولم يرغب في فعل أي شيء قد يضر بفرصه في النجاح، وكان من ضمن ذلك عدم الإعلان عن صيامه في رمضان، رغم أنها ممارسة دينية لمليار مسلم حول العالم، لكنها لم تكن معتادة في غرفة تغيير الملابس بنادي بورتو البرتغالي في شتاء سنة 1997.
ويشرح شيبو أنهم كانوا في النادي يخوضون تداريب صباحية ومسائية شاقة، وكان الصيام يزيد من صعوبة الأمر. لكن في النهاية، وبعد أن تحمل أياماً من الدوار والصداع في صمت، قرر شيبو الإفصاح للطاقم التقني للفريق عن صيامه، وسرعان ما وضع النادي خطة للحفاظ على طاقته وصحته.
لسنوات طويلة، كانت الفرق الأخرى أكثر صرامة تجاه اللاعبين المسلمين، على الأقل بشكل رسمي. ففي رياضة لا يوفر فيها اللعب المتواصل وقلة التغييرات فرصة الذهاب إلى مقاعد الإحتياطيين خلال المباراة، اعتمد اللاعبون المسلمون على الحيل والحلول الذكية لكسر صيامهم. بحيث يتحدثون مع زملاء لهم في الفريق لادعاء الإصابة، عند حلول موعد الإفطار لتوفير وقت لزملائهم المسلمين من أجل التوجه إلى خط التماس، لتناول بعض التمر أو المشروبات السكرية تُسلم إلى يد اللاعب من قبل أحد أفراد الطاقم في الوقت المحدد، ومعالجون يهرعون لعلاج إصابة في الركبة بينما يحملون حقيبة مجهزة جيداً بالموز.
 
تسامح تدريجي مع الصيام
لكن في الآونة الأخيرة، بدأ عالم كرة القدم الأوروبية يرى في صيام اللاعبين المسلمين شيئاً يجب تقبله والتطبيع معه، في تغيير لمواقفه بشكل فعلي.
هذا الأمر يعكس تزايد قيمة نجوم كرة القدم المسلمين في الدوريات الأوروبية، بحيث أن بعض أغنى الأندية في العالم بدأت في تقبل طقوس الصيام بشكل أكثر تفهما وتسامحا، إذ بدأ العديد من اللاعبين المسلمين يستفيدون من خطط غذائية مخصصة قبل وأثناء شهر رمضان، وجداول تدريب تساعد على الصيام، وحتى توقفات معتمدة من الدوري أثناء المباريات ليتمكن اللاعبون الصائمون من كسر صيامهم على أرض الملعب.
وتعكس بعض هذه التغييرات قبولاً جديداً للتنوع في الدوريات الغنية مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، الذي وصلت شعبيته وقواعد جماهيره إلى جميع أنحاء العالم.
هناك أيضاً أسباب عملية وراء هذه التغييرات. فحتى اللاعبون المسلمون الآن يمثلون استثماراً قيمته مئات الملايين من الدولارات لأفضل الفرق العالمية، وهم اليوم أكثر جرأة بشأن المطالبة باحترام ممارساتهم الدينية.
 
حالات لنجوم مسلمين
قبل أيام فرضت مواجهة نادي ريال صوصيداد الإسباني لمانشستر يونايتد الإنجليزي في كأس الإتحاد الأوروبي، تواجد لاعبين مغربيين هما نايف أكرد ونصير مزراوي، وانتظرت عدسات الكاميرات في الملعب لحظة إعلان الحكم عن توقف قصير لتتوجه إليهما وهما يتناولان من يد أفراد من الطاقم التقني مواد مغذية قبل استئناف اللعب.
ومنذ موسمين، على سبيل المثال، طلب المهاجم السنغالي ساديو ماني من قائد فريقه التحدث مع المدرب يورغن كلوب حول تغيير مواعيد التدريبات اليومية خلال رمضان إلى الصباح، حتى يتمكن هو وغيره من اللاعبين المسلمين في الفريق، مثل النجم محمد صلاح، من المشاركة بعد تناول وجبة السحور. وقد وافق كلوب.
ومن جانبه، قال محمد النني، لاعب الوسط المصري في فريق آرسنال: “إنهم يأخذون الأمر بجدية لأنهم يفهمون مدى أهميته بالنسبة لي وأيضاً بالنسبة لهم، لأنهم يحتاجون إلى الحفاظ على لياقتي”.
النني، البالغ من العمر 31 عاماً، هو واحد من ثلاثة لاعبين في آرسنال يصومون هذا الموسم. وقال إن الفريق يبدأ في إعداد اللاعبين قبل حوالي أسبوعين من بداية شهر رمضان، ويتناولون “كل شيء حرفياً” قد يحتاجه اللاعبون للحفاظ على أدائهم. ويتم تكرار العملية في اليوم الذي يسبق رمضان.
وقد قدمت الدوريات في إنجلترا وهولندا قوانين تسمح صراحةً بما يسمى “توقف رمضان” أثناء المباريات، كما أصبح لدى حكام ألمانيا صلاحية لإيقاف اللعب من أجل نفس السبب.
 
الإستثناء الفرنسي
لكن ليس كل البلدان الأوروبية تتفق مع هذا التسامح، بحيث واجه الاتحاد الفرنسي لكرة القدم الموسم الماضي انتقادات حادة بعد أن راسل الأندية والمسؤولين بعدم إيقاف اللعب حتى يتمكن اللاعبون من كسر صيامهم، وأيضا للضغط عليهم من أجل عدم الصيام أصلا.
ودافعت السلطات الفرنسية عن هذه الإجراءات المضيقة عن الصيام، قائلة إنها تخرق قواعد الاتحاد حول العلمانية، الشيء الذي أثار احتجاج لاعبين مسلمين بارزين وصل إلى انسحاب لاعب مسلم بارز من معسكر المنتخب الفرنسي بسبب رفضه للضغوط عليه من أجل عدم الصيام.
 
إنجلترا القدوة
وفي الوقت الذي تستمر فيه فرنسا وبعض الجهات في البلدان الأوروبية في رفض الصيام، تتصدر إنجلترا قائمة البلدان التي تتعايش مع صيام اللاعبين المسلمين، حيث سمح الدوري الإنجليزي الممتاز للأندية التي تضم لاعبين مسلمين بالتنسيق مع الحكام للحصول على فترات راحة قصيرة عند غروب الشمس منذ عام 2021.
كما أصدرت رابطة اللاعبين المحترفين وثيقة من 30 صفحة تضم دليل رمضان ونصائح حول أفضل ممارسات الصيام.
وقال ماهيتا مولانغو، الرئيس التنفيذي للرابطة: “بدلاً من طلب التكيف من المسلمين مع البيئة، من الأفضل فهم الأمور بشكل معكوس”.
وكان أول مثال معروف على توقف منظم في اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز قد حدث منذ ثلاث سنوات، أثناء مباراة بين كريستال بالاس وليستر. قال الدكتور السابق في كريستال بالاس، زافر إقبال، إنه قبل المباراة، قام الطاقم الطبي لكل فريق بالتوجه إلى الحكم بشأن الحاجة إلى توقف. وعند الوقت المحدد، بقي حارس مرمى كريستال بالاس فوق كرة حرة للسماح بذلك.
قال إقبال: “عندما خرجت الكرة من اللعب، تم إيقاف المباراة وركض اللاعبان إلى جانب الملعب للحصول على مشروب وبعض التمر”. وأضاف: “لم يلاحظ أحد داخل الملعب ذلك لأن الأمر تم بسرعة”.
مرت هذه العملية بسلاسة وغالباً ما مرت دون أن يلاحظها أحد في اللحظة، ولم يتم الكشف عنها إلا عندما شكر أحد اللاعبين المسلمين المشاركين الحارس والفرق والدوري في اليوم التالي.