كواليس نسف المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال بمراكش
تم نسف المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال بمدينة مراكش الذي كان من المقرر أن ينعقد أول أمس الأحد، بعدما تحولت قاعة المؤتمر إلى معركة دموية استعملت فيها اللكمات وسالت فيه الدماء، بسبب شجار عنيف بين أنصار القيادة الجهوية المجسدة في الكاتب الجهوي عبد اللطيف أبدوح، وخصومه، الذين طالبوا بمغادرته رفقة عضو اللجنة التنفيذية للحزب النعم ميارة، القاعة التي احتضنت أشغال المؤتمر، بسبب ما اعتبروه “فسادا”.
وحسب المعلومات، التي حصلت عليها صحيفة “صوت المغرب” فإن العشرات من الاستقلاليين، أغلبهم ينتمون للشبيبة الاستقلالية والاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذراع النقابي لحزب “الميزان”، انتفضوا خلال انعقاد المؤتمر الاقليمي لحزب “الميزان” بعرصة المعاش بمراكش يوم الأحد الماضي، في وجه الكاتب الجهوي للحزب عبد اللطيف أبدوح، الذي شكل حضوره الشرارة، التي أشعلت نار الاحتجاج والغضب، قبل أن تطال موجة الغضب عضو اللجنة التنفيذية للحزب، والكاتب العام لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب النعم ميارة.
شعار “الفساد إرحل”
وجد النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين والقيادي في حزب الاستقلال نفسه في موقف لا يحسد عليه، بعد أن رفع الحاضرون شعارات “إرحل، الفساد إرحل، الفساد إرحل”، في وجهه وفي وجه الكاتب الجهوي للحزب عبد اللطيف أبدوح.
وطوق العشرات من الاستقلاليين، الذين منع بعضهم من دخول القاعة الرئيسية للمؤتمر، النعم ميارة وعبد اللطيف أبدوح، المتابع في ملف “كازينو السعدي” والمحكوم بخمس سنوات سجنا نافذا، ليضطر القياديان الاستقلاليان إلى مغادرة قاعة المؤتمر والانتقال صوب مقر نقابة الاتحاد العام للشغالين، في محاولة منهما لعقد المؤتمر هناك.
محاولة عقد المؤتمر في مقر النقابة
وبعدما قرر ميارة وأبدوح عقد المؤتمر الإقليمي للحزب بمقر نقابة الاتحاد العام للشغالين، اعترض المؤتمرون على هذا القرار، بمبرر أن الرسالة، التي وقع عليها الأمين العام للحزب نزار بركة بعقد المؤتمر، تتضمن عنوان مقر الحزب بعرصة المعاش، وليس عنوان النقابة السالفة الذكر لعقد المؤتمر.
غير أن هذا المبرر لم يكن مقنعا لممثلي القيادة الوطنية لحزب الاستقلال، وهو ما جعل ميارة يعترض على عقد المؤتمر بعرصة المعاش، قبل أن يغادر رفقة أبدوح المكان صوب منزل محمد مبتهج، المسؤول المحلي للحزب.
وبسبب هذه الواقعة وجد ميارة وأبدوح نفسيهما في موقف صعب حول طبيعة القرار الذي يجب اتخاذه، الأمر الذي جعل الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، يحرر تقريرا يكشف فيه ظروف وملابسات نسف المؤتمر الإقليمي للحزب بمراكش، وتحميل بعض الأطراف مسؤولية ذلك.
استقلاليون ينقلون إلى المستشفى
التقرير الذي أعد من طرف قيادة حزب الاستقلال حمل مسؤولية نسف المؤتمر إلى “تيار المفتش الإقليمي محمد بوسكسو والقيادي محمد بطوالة”، اللذان تبرأ من الأحداث، التي كان مقر حزب الاستقلال مسرحا لها، معتبرين أن “القيادة الشرعية” هي من تعرضت للاعتداء بالضرب والجرح، وصلت على إثرهما إلى المستشفى ومخافر الشرطة.
وطالب الغاضبون بتدخل نزار بركة لإنصافهم وتحقيق الديمقراطية والشرعية حفاظا على ماء وجه الحزب، وضمان لحمة الحزب وطنيا ومحليا.
شكاية لدى الشرطة ضد ميارة
وقد حسم المؤتمرون الاستقلاليون بمدينة مراكش خلافاتهم بالضرب والجرح، الذي أسفر عن جرح حوالي 5 أشخاص بجروح متوسطة الخطورة، نقل بعضهم إلى مستشفى محمد السادس لتلقي العلاجات الضرورية، ورتق الجروح التي تسببت فيها أعمال العنف بالمؤتمر، قبل أن ينتقل عدد من المصابين صوب مخفر الشرطة لتقديم شكاية ضد القيادي النعم ميارة وثلاثة أفراد من حراسه.
هذه الأحداث الدامية جعلت المؤتمر الإقليمي لحزب الاستقلال بمراكش يشكل الإستثناء من بين المؤتمرات الاقليمية الـ 85 لحزب الإستقلال، التي لم تعرف حجم العنف الذي عرفه مؤتمر مراكش، الذي لم يعقد أصلا، ونسف في مهده.
أعداء الأمس إخوان اليوم
وأفادت معطيات حصلت عليها صحيفة “صوت المغرب”، أن أحداث الضرب والجرح “كانت نتيجة لأعمال “كولسة”، أطرافها عبد اللطيف أبدوح، الكاتب الجهوي للحزب، والنعم ميارة عضو اللجنة التنفيذية، وعبد الصادق بيطاري، المستشار الاستقلالي بجماعة مراكش، ومسؤول فرع المدينة، الذي تم تجميد عضويته، إضافة إلى المفتش الاقليمي محمد بوسكسو، ومحمد طوالة”.
وأوضحت نفس المصادر، أن الأحداث التي عرفها المؤتمر الإقليمي بمراكش، هي امتداد للصراعات، التي عرفها الحزب قبيل الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، بين تيار عبد اللطيف أبدوح، وتيار المحامي محمد بوسكسو، وتيار المستشار الجماعي عبد الصادق بيطاري.
اتصال في الرابعة صباحا
ولإيجاد حل وسط بين الأطراف “المتصارعة”، حاول أبدوح بتنسيق مع ميارة إعطاء “الكلمة” لجناح بوسكسو خلال المؤتمر، وفي نفس الوقت الحد من تمثيلية أنصار المستشار بيطاري، الذي أخبر قيادة الحزب بتوفره على أزيد من 30 بطاقة لممثلي الشبيبة، و32 لتمثيلية المرأة، إضافة تمثيلية النقابة، وانخراط 500 عضو في فرع مراكش المدينة، غير أن “المفاوضات” التي أجريت ليلة السبت الماضي، والاتصال الهاتفي لأبدوح بالمستشار بيطاري في وقت متأخر من الليل للإخباره بإمكانية الحضور بمفرده للمؤتمر، دون العشرات من أنصاره، جعلت الأخير يعتبر الأمر “نقضا للعهد وطبخة من طرف الحرس القديم”.
اتصال أبدوح بعبد الصادق بيطاري دفع الأخير إلى القيام بجولة حول مقر المؤتمر صبيحة الأحد، ليصل إلى خلاصة مفادها أن “أجواء غير مبشرة وعلامات مقلقة تشير إلى أن المؤتمر لن يمر في ظروف سليمة، مما دفعه إلى الإحجام عن الحضور للمؤتمر، وتكليف أحد أنصاره بالوقوف أمام الباب، ومطالبة كل من ينتمي إلى “تياره” بالعودة إلى منزله، تفاديا لإقحامه في صراعات محتملة.
وقبيل انطلاق أشغال المؤتمر طالب الغاضبون بإنزال عبد اللطيف أبدوح من المنصة كي يبدأ المؤتمر، غير أن النعم ميارة تشبت ببقاء المستشار البرلماني السابق على المنصة مما دفع بالغاضبين إلى نسف المؤتمر قبل بدايته.