“قيود جديدة” تعرقل تجديد وثائق العمال المغاربة بسبتة ومليلية وتفاقم أزمتهم المعيشية
تتزايد التحديات التي تواجه العمال الحدوديين المغاربة الذين يشتغلون بمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وذلك بفرض قيود جديدة تعيق تجديد وثائقهم الضرورية للدخول والخروج إلى المدينتين السليبتين عبر المعابر الحدودية.
وقد أسفرت هذه “القيود الجديدة”، فضلا عن الإجراءات الصارمة التي تفرضها إدارة الهجرة الإسبانية، عن أزمات اجتماعية واقتصادية أصبحت تثقل كاهل هؤلاء المواطنين المغاربة.
يوجد المئات من العمال المغاربة الذين يشتغلون بشكل قانوني في مدينة سبتة المحتلة، باتوا يواجهون مشاكل تتعلق بمسطرة تجديد بطاقة “عامل حدودي” (Trabajador fronrerizo)، التي تتيح لهم “الاشتغال بشكل قانوني دون حق الإقامة في المدينة”، إذ بعد انتهاء يوم عملهم يعودون إلى منازلهم بالمدن المجاورة لسبتة المحتلة.
وفي هذا الصدد، قال الأمين العام للفدرالية الإسلامية بسبتة، إدريس الوهابي، “إن هناك أكثر من 1200 من العمال والعاملات المغاربة الذين يشتغلون بالثغر المحتل، يدخلون ويخرجون عبر المعبر، ببطاقة عبور تُجدد سنويًا”، مشيرا إلى أن تجديد هذه البطاقة في السابق، كان يتم فقط عبر شهادة السكنى من طرف السلطات المغربية، تحمل عبارة “صالحة لجميع الأغراض الإدارية” وتتم المصادقة عليها من طرف مصالح العمالة.
ومضى شارحا، أن هذه الشهادة تُرسل بع ذلك إلى إدارة الهجرة في سبتة التي تعتمدها لتجديد البطاقة، مستدركا بالقول: “لكن قبل 15 يومًا، صدر قرار جديد من طرف مراكز الشرطة ينص على أن شهادة السكنى تُمنح فقط من أجل إنجاز أو تجديد بطاقة التعريف الوطنية، ولا شيء آخر”.
وأوضح المتحدث، أنه بهذا القرار لم يعد بإمكان العمال المغاربة الذيم يشتغلون في مدينة سبتة تجديد وثائق الدخول والخروج من المدينة السليبة عبر المعبر الحدودي، بحيث أنه “لا يتم قبول هذه الشهادة من طرف إدارة الهجرة في سبتة، ما يعني أن الأشخاص لن يتمكنوا من تجديد بطاقات عبورهم، التي تخول لهم دخول المدينة المحتلة، مردفا بالقول: “إن هؤلاء العمال المغاربة باتوا مطالبين الآن بالحصول على تأشيرة شينغن لدخول المدينة”.
ومن جانبه، قال الكاتب العام لجمعية الدفاع عن حقوق الإنسان البشير اللذهي، “إنه مع مطلع العام 2025، يتواصل فرض القيود الإسبانية الصارمة على تنقل المغاربة إلى مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، مما يرسخ واقعًا يعكس الطابع الاستعماري للوضع في المدينتين ويعمق الأزمة الإنسانية والاجتماعية لسكان المناطق المتاخمة”.
وأوضح اللذهي في تصريح لصحيفة “صوت المغرب”، أن المغرب “قام بتغيير جذري في إمكانية تجديد عقود العمالة الحدودية في مدينة سبتة المحتلة”، مشيرا إلى أن هذا التغيير الجذري “يهدد بشكل مباشر استمرار هذه العقود”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المغاربة الذين يشتغلون في سبتة يصل عددهم لأكثر من ألف شخص، من العمالة الحدودية مسجلين في الضمان الاجتماعي ولديهم عقود عمل سارية، مبرزا أنهم “سيتأثرون بهذه التغييرات إذا لم يتم تعديل الوضع”.
وشدد اللذهي، الذي يشتغل صحافيا بالمنطقة مهتما بالعلاقات المغربية الإسبانية، على أن العمال الحدوديون، يواجهون مشاكل كبيرة، مبرزا أن “السلطات المغربية لا تمنحهم شهادة السكنى مختومة بشكل رسمي، وهي وثيقة ضرورية لتجديد بطاقاتهم لدى إدارة الهجرة الإسبانية”.
واعتبر اللذهي أن هذه السياسات ترخي بتداعيات متعددة الأبعاد، وتبدو آثارها أكثر وضوحًا في الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي لحقت بسكان مدينتي تطوان والناظور وضواحيهما، موضحا أن “سبتة ومليلية شكلتا على الدوام مصدر رزق رئيسي لآلاف الأسر المغربية التي اعتمدت على التجارة المعيشية والعمل اليومي في قطاعات حيوية كالخدمات والمطاعم والفندقة داخل المدينتين”.
واستدرك المتحدث بالقول: إن “القيود الجديدة أدت إلى توقف هذه الأنشطة بشكل شبه كامل، ما تسبب في ارتفاع معدلات البطالة وخلق أزمة معيشية خانقة لدى الأسر التي لم تجد بدائل اقتصادية كافية”.
وخلص البشير اللذهي، إلى أن الأبعاد الاجتماعية للأزمة لا تقل أهمية هي الأخرى، بحيث أدت الإجراءات الإسبانية إلى تقويض الروابط العائلية والاجتماعية بين سكان المنطقة والمدينتين المحتلتين، حيث تحول التنقل الذي كان يتيح الحفاظ على العلاقات العائلية والتفاعل الاجتماعي إلى إجراء معقد يفرض قيودًا على الحركة ويكرس الانعزال.