قضية “الشبان المغاربة المحتجزين بتايلاند”.. رواية السفارة ومساءلات لبوريطة
بعد انتشار أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد سقوط شباب مغاربة ضحايا لشبكات “إجرامية” دولية بتايلاند تتاجر بالبشر، لم تنف صفحة تبدو رسمية بفايسبوك تحمل اسم السفارة التايلاندية في المغرب، صحة هذه الأخبار بالرغم من أنها وصفتها بـ”الأخبار غير الدقيقة”.
هذه القضية التي تفجرت خلال الأيام القليلة الماضية والتي جرت مساءلات برلمانية على وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، بعد خروج عائلات هؤلاء الشباب المغاربة، تؤكد أن أبناءهم محتجزون في قبضة هذه “العصابات” التي “تمتهن النصب والجريمة الإلكترونية”.
رواية السفارة التيلاندية
وأكدت السفارة في البلاغ المنسوب لها، هذه الأخبار الرائجة مشيرة إلى أن هذه الحوادث “صارت تتكرر خلال السنوات الأخيرة، ولم تنف وجود مغاربة من بين الضحايا الذين سقطوا بين أيادي هذه الشبكات “الإجرامية”.
وقالت إنه “في الآونة الأخيرة تواترت أخبار غير دقيقة وغير محققة وتفاصيل غير دقيقة حول الاحتجاز غير القانوني لمواطنين مغاربة في جنوب شرق آسيا، حيث ذكر البعض أن الحادث وقع في تايلاند.”
لكنها أكدت بالمقابل أن “حادثة استدراج الشبكات الإجرامية الدولية لبعض الرعايا الأفارقة إلى بعض المناطق في جنوب شرق آسيا ظاهرة حديثة نسبياً تخص مواطنين من العديد من دول العالم، وتعمل الحكومات في جنوب شرق آسيا وأفريقيا بشكل مشترك للتصدي لها”.
وتابعت أنه “توجب فهم أن هذه حالات تعود لمواطنين من عدة جنسيات وقعوا ضحايا للشبكات الإجرامية الدولية وعمليات الاتجار بالبشر التي تقيم منشآت بشكل غير قانوني وماكر في المناطق الحدودية النائية في جنوب شرق آسيا”.
وأضافت أنه “قد وقع مواطنون من مختلف البلدان الأفريقية، وليس فقط من المغرب، ضحايا لمثل هذه العصابات الدولية للاتجار بالبشر وعصابات الجريمة الإلكترونية”. وقالت إنه “من الصعب التحقق من العدد الدقيق لهؤلاء الضحايا المحتملين وجنسياتهم وأماكن وجودهم”.
ولا تزال التحقيقات التي تجريها وكالات إنفاذ القانون الوطنية والدولية، جارية وفق بلاغ الصفحة التي تحمل اسم السفارة التيلاندية بالمغرب.
وقالت إنه “كتدابير أولية ووقائية، أصدرت الحكومة التايلاندية تعليمات للسفارات التايلاندية في أفريقيا بتطبيق تدابير احترازية إضافية في منح التأشيرات من أجل تقليل فرصة وقوع المواطنين الأفارقة ضحايا لهذه الأنشطة الإجرامية أو استخدام تايلاند كطريق عبور نظراً لأن تايلاند محور طيران في جنوب شرق آسيا”.
وبشأن ذهاب هؤلاء الشباب، أكدت السفارة “أن العديد من الأفراد عادةً ما يتقدمون بطلبات للحصول على التأشيرات عن طيب خاطر، بدافع تحقيق مكاسب مالية من خلال المعلومات المضللة التي يتلقونها من شبكات الاتجار الدولية هذه”.
وألقت باللوم عليهم معتبرة أن “هؤلاء الأفراد في بعض الأحيان يقومون بتقديم معلومات كاذبة للسفارات متذرعين بالسياحة أو غيرها من الأغراض المشروعة كأسباب لسفرهم. وربما تلقى بعضهم مساعدة من هذه الشبكات الإجرامية في تقديم معلومات أو وثائق مزورة للسفارات”.
وأكدت أن “سفارة المملكة التايلاندية في الرباط تؤكد أن الحكومة التايلاندية مستعدة للتعاون مع حكومات جميع البلدان التي تم استدراج مواطنيها أو احتجازهم من قبل هذه الشبكات الإجرامية الدولية، وتعمل بشكل وثيق مع الوكالات الحكومية في البلدان المعنية”.
قضية تسائل بوريطة
وبعد تفجر هذه القضية خلال الأيام الماضية، وُجهت مساءلات برلمانية لوزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
ووجهت في هذا الصدد، فاطمة التامني النائبة البرلمانية عن “فدرالية اليسار الديمقراطي” سؤالا كتابيا إلى ناصر بوريطة، حول احتجاز العشرات من الشبان المغرب في تايلاند.
وأوضحت التامني في ذات السؤال أن عشرات الشابات والشبان المغاربة تم احتجازهم في أماكن مغلقة، وأجبروا على العمل بدون مقابل بأساليب تفتقد للإنسانية”.
وقالت النائبة البرلمانية ذاتها أن “ذلك تم بعد وصولهم إلى تايلاند، حيث تم اختطافهم واحتجازهم في مجمعات سكنية على الحدود مع ميانمار، لإجبارهم على العمل في شبكات الاحتيال الإلكتروني في ظروف قاسية، ولمدة لا تقل عن 17 ساعة أمام الحواسيب”.
وأشارت أن هؤلاء الشبان يتعرضون للتعذيب من قبل أفراد ميلشيات، عند محاولتهم التواصل مع عائلاتهم، مما بات مدعاة لقلق عميق تجاه سلامة هؤلاء الشباب، بعدما تم إيهامهم في وقت سابق أنه سيتم التكفل بهم، وبعد إيهامهم بفرصة عمل، وذلك على إثر انتشار التجارة الإلكترونية التي باتت منفذا للعديد من الشبان المغاربة من أجل الاستثمار فيها، خاصة في الدول الأسيوية.
وساءلت التامني وزير الخارجية عن الخطوات التي ستقوم بها الحكومة لمعالجة هذه القضية، وعما إذا هناك أي اتصالات مع السلطات التايلاندية والميانمارية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذهم من هذه المحنة.
تفاصيل القضية
وفي تفاصيل القضية، كانت شابة مغربية كشفت في تصريحات صحافية أن شقيقها البالغ من العمر 25 عاما، “محتجز لدى ميليشيات مسلحة في تايلاند، بالقرب من الحدود مع ميانمار، وذلك لاستغلاله مع آخرين للعمل في شبكات للاحتيال الإلكتروني”.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الأمر يتعلق “بعصابات تمكنت من خداع شبان وشابات مغاربة، تتراوح أعمارهم بين 19 و27 سنة، عن طريق إقناعهم بفرص عمل وهمية في مجال التجارة الإلكترونية مقابل أجور مرتفعة”.
وتمكنت تلك العصابات من “جلب الضحايا” بعد أن قدمت لهم تذاكر طيران وإقامة مجانية في الفنادق، قبل نقلهم إلى مجمعات سكنية مغلقة “كمباوند”، حيث جرى “إجبارهم على العمل في شبكات احتيال إلكترونية وهمية”.