قسوة المناخ وتأخر عملية إعادة الإيواء يعمقان معاناة المتضررين من الزالزال
تشهد العديد من المناطق المتضررة من زلزال الأطلس الكبير، وخاصة إقليم الحوز، موجة برد قاسية مصحوبة بتساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية، ما يزيد من صعوبة الأوضاع المعيشية للسكان، الذين لا يزالون يعانون من تداعيات الكارثة التي ضربت المنطقة ليلة 08 شتنبر 2023، بحيث يقضون عامهم الثاني تحت قسوة مناخ لم يرحم هشاشتهم، التي فاقمها الزلزال وعمقتها سياسات حكومية لا زالت عاجزت حتى الآن عن إعادة إيوائهم.
وفي ظل استمرار انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج على المرتفعات، يعيش السكان المتضررون في ظروف مزرية داخل الخيام البلاستيكية التي لم تعد قادرة على توفير الحماية اللازمة.
وأمام هذه الأوضاع الصعبة، تتصاعد مطالب الساكنة والهيئات المدنية بضرورة توفير حلول عاجلة تعيد الكرامة للسكان وتخفف من معاناتهم اليومية المستمرة منذ أزيد من سنة.
وفي هذا السياق قال الحسين، أحد سكان منطقة أغبار بالإقليم، “إن الناس يعيشون في هذه المنطقة معاناة كبيرة في صمت، خاصة في هذه الفترة من فصل الشتاء”، مشيرا إلى أن “المنطقة تشهد تساقط الثلوج في أعالي الجبال، ما يفاقم معاناة الناس الذين لا يزالون يعيشون في الخيام، التي لم تعد قادرة على حمايتهم من تسرب مياه الأمطار، ما يجعل وضعهم الاجتماعي مزريًا وغير مقبول”.
وأشار الحسين في حديثه لصحيفة “صوت المغرب” إلى أن ليلة أمس كانت صعبة للغاية، حيث شهدت المنطقة تساقط أمطار غزيرة، وهطول ثلوج كثيفة، موضحا “أن هناك تساؤلات عديدة لدى السكان حول سبب إقصائهم من الدعم المالي المخصص لهم”، الذي كان قد خصصه الملك للمتضررين غداة الكارثة، مؤكدا أن “الناس خرجت للشوارع للتعبير عن مطالبها والدفاع عن حقوقها، لكنها لا تزال تجهل السبب الحقيقي وراء هذا الإقصاء”.
وأظهرت فيديوهات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفيديوهات أخرى توصلت بها صحيفة “صوت المغرب”، خياما غمرتها السيول وتساقطات مطرية قوية أدت إلى تسرب المياه داخل الخيام، وبللت معظم أثاث وحاجيات السكان.
وطالب المتحدث ذاته، بضرورة تشكيل لجنة محايدة تقوم بزيارة مناطق الزلزال في جبال الأطلس التي تشمل أربعة أقاليم متضررة، بهدف التحقق من أوضاع السكان ومعرفة ما إذا كانوا قد استفادوا من الدعم، وهل تم توفير السكن الملائم لهم.
وأشار الحسين إلى أن هناك فئة من السكان لا تزال مهمشة، وهم أشخاص بسطاء لم يسبق لهم مغادرة قراهم أو التعرف على المدن، ولا يعلمون حتى الفرق بين سيارة الأجرة الصغيرة والكبيرة، مؤكدا “على أن الملك محمد السادس خصص الدعم لكل المتضررين، والساكنة تطالب بتحقيق العدالة وإنصافهم في توزيع هذا الدعم بما يضمن كرامتهم وحقوقهم”.
من جانبه، قال رئيس الائتلاف المدني من أجل الجبل، محمد الديش، إنه “في ظل هذه الظروف المتمثلة في انخفاض درجات الحرارة وتساقط الثلوج والأمطار، تزداد معاناة سكان المناطق المتضررة من زلزال الأطلس الكبير، خاصةً أولئك الذين لا يزالون يعيشون في الخيام البلاستيكية منذ شتنبر 2023، ولم يستفيدوا بعد من برنامج الإسكان وإعادة التأهيل.
وأوضح الديش، أنه “ورغم أن كميات الثلوج ليست كبيرة، إلا أن انخفاض درجات الحرارة وبعض التساقطات المطرية أثر بشكل كبير على ظروف عيش السكان داخل الخيام”، لافتا إلى “تسرب المياه إليها وغمرها لملابسهم وحاجياتهم، بالإضافة إلى البرودة القارسة التي تشهدها هذه المناطق”.
وأكد المتحدث ذاته، على ضرورة الاستجابة السريعة لتسريع عمليات الإيواء وتوفير السكن اللائق للسكان المتضررين، مطالبا في غضون ذلك “بضرورة توفير أماكن بديلة مؤقتة تقيهم من هذا البرد القارس وتضمن لهم ظروف عيش إنسانية على الأقل في الوقت الحالي”.
واعتبر الديش أن ذلك هو أبسط ما يمكن أن تحققه الحكومة للسكان في ظل هذه المعاناة، مناديا “بضرورة الاستجابة الفورية لمطالبهم والاستماع إلى أصواتهم، والتعامل معها بجدية لضمان تمتعهم بحقوقهم وكرامتهم كمواطنين”.
وفي غضون ذلك، أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأن تساقطات ثلجية، وموجة برد، وزخات رعدية محليا قوية، ستهم عددا من مناطق المملكة ابتداء من يوم الأحد 29 دجنبر وإلى غاية الأربعاء 2024.
وأوضحت المديرية، في نشرة إنذارية من مستوى يقظة “برتقالي”، أن المرتفعات التي تتجاوز 1800 م ستشهد تساقطات ثلجية يتراوح سمكها ما بين 15 و35 سم، وستهم عمالات وأقاليم أزيلال، وتنغير، والحوز، وورزازات، في حين سيتراوح سمكها ما بين 05 و10 سم بكل من ميدلت، وتارودانت، وبني ملال، وإفران، وذلك من اليوم الأحد إلى غاية الاثنين المقبل.
وأضاف المصدر ذاته أن موجة برد ستهم كلا من عمالات وأقاليم بولمان، وميدلت، وإفران، وبني ملال، وأزيلال، والحوز، وتنغير، وفكيك، وورزازات، مع درجات حرارة تتراوح ما بين ناقص 5 و10 درجات، وذلك من اليوم الأحد إلى غاية الأربعاء المقبل.