story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

قروري: تأييد المحكمة الدستورية لقانون الإضراب يعكس احترامها لإرادة المشرع

ص ص

اعتبرت أستاذة حقوق الإنسان والحريات العامة بكلية الحقوق السويسي، بثينة قروري، أن قرار المحكمة الدستورية القاضي بدستورية قانون الإضراب “يعكس الاحترام الواسع للقاضي الدستوري لإرادة المشرع وسلطته التقديرية”، موضحة أن “القاضي الدستوري نأى بنفسه عن إحلال إرادته محل المشرع، بحيث اعترف بأن السلطة التشريعية لها سلطة تقديرية لا يحدها إلا الدستور”.

وأكدت قروري، خلال مداخلة لها بندوة حول قرار المحكمة الدستورية بشأن قانون الإضراب الخميس 27 مارس 2025 بالرباط، أن المحكمة الدستورية حرصت على استحضار مبدأ الوحدة العضوية للدستور، مشيرة إلى أن الدستور يعبر عن فكرة تستنبط من قراءة تركيبية كلية لفصوله مبرزة في الوقت ذاته، أن قرار المحكمة استحضر ديباجة الدستور، بالإضافة للفصول 8، 21، 29، 31، 37 وغيرها.

وأشارت قروري إلى أن المحكمة اعتبرت في قرارها أن الإضراب، رغم كونه حقًا دستوريًا، “إلا أنه ليس مطلقًا أو معزولًا عن باقي الحقوق”، إذ يجب أن يتماشى مع مبادئ أخرى محمية دستوريًا، مثل الحق في العمل، وحرية الانتماء النقابي، وحرية المقاولة، والمنافسة، إضافة إلى مبدأ استمرارية المرفق العمومي، خاصة في القطاعات الحيوية.

وفي هذا السياق، أبرزت أستاذة حقوق الإنسان أن القاضي الدستوري حرص على عدم المساس بجوهر الحق، حيث أكد أن أي تنظيم قانوني لا يجب أن يؤدي إلى تقييد الإضراب لدرجة إلغائه عمليًا. وأضافت أن الفقه المقارن يعتبر أن احترام “جوهر الحق” مسألة من النظام العام، نظرًا لخطورة أي تقييد قد يفرغه من مضمونه.

كما سلطت قروري الضوء على مبدأ التناسب، الذي يشكل عنصرًا أساسيًا في أي تقييم قانوني لحماية الحقوق والحريات، موضحة أن هذا المبدأ لا يعني التضحية بحق معين لصالح آخر، بل السعي إلى تحقيق توازن بين الحقوق عبر فرض أقل القيود الممكنة، بحيث لا يصبح الإضراب معطلًا ولا يؤثر سلبًا على حقوق أخرى محمية دستوريًا.

وبخصوص تفويض بعض تفاصيل قانون الإضراب إلى النصوص التنظيمية، اعتبرت قروري أن المحكمة الدستورية اعتمدت تفسيرًا خاصًا لبعض المواد، مثل المادة 5، التي تجيز استحداث بعض الشروط والكيفيات عبر نصوص تنظيمية.

وأوضحت أن المحكمة لم ترَ في هذا التفويض خرقًا للدستور، لكنها عبرت عن مخاوفها من إمكانية تجاوز الحكومة لمجال القانون، مما قد يخرج هذا التنظيم عن رقابة البرلمان والمحكمة الدستورية نفسها.

وضربت أستاذة الحقوق مثالًا بتجارب سابقة، مثل مرسوم تطبيق قانون الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية، الذي أضاف شروطًا لم ينص عليها القانون العادي، “ما يطرح تساؤلات حول مدى إمكانية تكرار السيناريو نفسه مع قانون الإضراب”.

كما أشارت إلى أن تأخر إصدار النصوص التنظيمية “كان سببًا في تعطيل تطبيق بعض القوانين لسنوات، مما قد يشكل تهديدًا لفعالية الحق في الإضراب، خاصة إذا أدى هذا التأخير إلى تقييد هذا الحق عمليًا دون مسوغ قانوني واضح”.

وفي الختام، أكدت قروري أن المحكمة الدستورية، رغم مصادقتها على دستورية قانون الإضراب، فإنها وجهت إشارات قوية حول “ضرورة احترام مبدأ التناسب، وحماية جوهر الحق، وتفادي أي انزلاق تشريعي قد يؤدي إلى إفراغ الإضراب من مضمونه أو تقييده بشكل يحد من فعاليته”.