قبل إعفائه.. رئيس المجلس العلمي المحلي لفجيج: كلنا متواطئون على إبادة غزة

انتقد رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة فجيج، محمد بنعلي، سكوت علماء الأمة الإسلامية وصمتهم أمام الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حق المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة المدمر منذ قرابة سنتين، واصفا صمتهم بـ “كبيرةٌ تساوي قتلَ النفسِ عمداً”.
وقال محمد بنعلي في تدوينة على حسابه الخاص بموقع “فايسبوك”، يوم 21 يوليوز 2025، “أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، من عربٍ وغيرهم.. لقد بلغت الإبادةُ في غزّةً حدّاً لا يوصفُ، وأصبحْنا شركاء في كبيرةِ إبادة غزة، وإنها لكبيرةٌ تساوي قتلَ النفسِ عمداً، ومن يقتل مومنا متعمداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب اللهُ عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً”، متسائلا: “لست أدري أيَّ إسلامٍ نعيشُه في هذه الظروفِ علماءَ وحكّاماً وشعوباً؟؟!”.
وأضاف، “نحن أحطُّ وأقسى وأفظعُ من أعداءِ محمدٍ صلى الله عليه وسلّمَ الذين تحرك رحمهم فنقضوا صحيفةً تجويعِ آلِ محمدٍ الظالمة، وأدخلوا لهم الماء والطعام”، مطالبا العلماء المسلمين بعدم التحجج بالنظام العالمي، “بل تحججوا بالدين الإسلاميِّ وحده، تحجّجوا بالقرآن والسنّة.. نحن شركاءِ في قتلِ أهلِ غزة عن عمدٍ وسبقِ إصرارٍ..”، محملا المسؤوليّةَ الأولى “العلماءَ قبل الحكّامِ وقبل الشعوب”.
“فالعلماءُ ليسوا مجرّدَ معلمين للوضوءِ والصلاة، وإنما هم مشاعلُ هدايةٍ حين تتنكّبُ الأمة عن طريقِ اللهِ، أمانتُهم الأولى هي التبليغ والبيانُ، وخاصةً بيانً ما يجعل من المسلمين أمةً واحدةً، لكن علماء هذا الزمان اختاروا الخوضَ في النوافل بينما الواجبُ العيْنيُّ الأولُ الآن هو نصرةُ المظلومين في غزّةَ وردُّ الظلم عنهم.. وأيُّ ظلْمٍ أفدحُ وأفظعُ وألْعنُ من تجويعِ شعبٍ بأكملِه وهم وينظرون ويسمعون؟”، يتسائلا المتحدث ذاته.
ووصف رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة فجيج، العلماء “بين غافلٍ وساكتٍ ومشغول بالمواضيع الفرعيّةِ ومبرِّرٍ لقراراتِ أسياده إلا قلّةً نادرةً من الشرفاءِ كفضيلة مفتي سلطنةِ عمان سيدي أحمد الخليلي أبقى الله بركته..”، مؤكدا أن “العالم ليس موظفاً عند أحدٍ، مهمّةُ العالِم حدَّدَها الرسول عليه السلام في البيان والتبليغ، وصفتُه حدّدَها الحقُّ سبحانه من فوقِ سبعِ سماوات فقال: الذين يبلغون رسالاتِ الله ويخشونه، ولا يخشوْن أحداً إلا اللهَ”.
وذكر في هذا الصدد بعلماء تحدّوْا جبروتَ الحكّامَ ووقفوا في وجوههم كما أُمِروا، “أتذكرون سعيد بن جبير الذي واجه الحجّاج ببسالة حتى قتلَه؟ أتذكرون العز بن عبد السلام الذي باع الأمراء في سوق النخاسة لأنهم استولوا على الحكم بلا شرعية؟ أتذكرون إمامنا مالكاً الذي واجه الرشيد؟ أتذكرون..؟ أتذكرون..؟”.
وتأسف على حل علماء هذا الزمن الذي وصفه بـ “النتن”، لافتا إلى أنهم أخذوا العبرةَ من قتلِ أو سجن نظرائهم في بعضِ الدول، “فآثروا سلامةَ البدنِ تحت ذرائعَ واهيةٍ كفقه الموازنات ودرءِ المفاسد، وكأنهم يجهلون أنْ لا مفسدةَ أمقتُ عند الله من السكوتِ على إبادةِ شعبٍ مسلمٍ”.
وتساءل في هذا السياق، “كيفَ كنتم تشرحون للناسِ يا علماءَ السوءِ حديثَه عليه السلام: “المسلم أخو المسلِم لا يظلِمُه ولا يُسلِمه” وحديثه: “المومن للمومن كالبنيان…” أم أن أهل غزةَ ليسوا مومنين؟!”.
وخاطب بنعلي العلماء واصفا إياهم “كالأنبياءِ في غيابِ الأنبياء”، ومذكرهم بتكليف الرسول محمد (صلعم) لهم بتبليغ ما يبني أمّةً قويّةً متآلفةً مسدَّدةً منتجةً، “فآلتْ بنا توجيهاتكم الرشيدة وشجاعتكم النادرة وقيامكم بالحقِّ إلى أمةٍ منكسرةٍ مشتتةً ذليلةٍ منخورةٍ.. فخنتم الأمانةَ، وآثرتم الحياة الدنيا..”.
وخلص رئيس المجلس العلمي المحلي لمدينة فجيج إلى تحية “أصحابِ الأصواتِ الحرّة الذين لا زالوا يصدعون بما أُمِروا، يحذِرون الحكّام من غضبِ الله، ويذكِّرونهم بمآلهم المخزي يوم القيامة، دون مواربةٍ ولا تردّدٍ، غير مهتمين بحصارِهم وإقصائهم وتخوينهم”، معتبرا إياهم على قلتهم أنهم “رئاتُنا التي نتنفّسُ بها رغم شحِّ الهواءِ النقيِّ في أجواءِ الدولِ الإسلاميّةِ”.
وبعد هذه التدوينة الطويلة بعشرة أيام، تلقى محمد بنعلي قرارا وزاريا بإعفائه من رئاسة المجلس العلمي المحلّي لفجيج، مؤكدا أن السبب الذي ركزت عليه اللجنة التي زارت المجلس قبل نحو شهريْن، لإعفائه، “هو عدم انتظام حضوري في المجلس، وهذه حقيقةٌ لا أنكرُها”.
وكتب بنعلي في تدوينة على حسابه الخاص بموقع “فايسبوك”، يوم الجمعة 01 غشت 2025، أرفقها بصورة لقرار الإعفاء، جاء فيها، “وداعاً رئاسة المجلس العلمي”.
وأضاف أنه “في هذا الصباح المبارك استقبلني شيْخُنا ومفيدُنا وعالمُنا الدكتور مصطفى بنحمزة في المجلس العلمي الجهوي، وسلّمني قرار إعفائي من رئاسة المجلس العلمي المحلّي لفجيج”.
وأوضح المتحدث أن “السبب الذي ركزت عليه اللجنة التي زارت المجلس قبل نحو شهريْن، هو عدم انتظام حضوري في المجلس، وهذه حقيقةٌ لا أنكرُها”.
وخلص إلى أن إعفاءه ما هو “إلا انتقالٌ من حركةٍ مقيدةٍ بضوابط المجلس العلمي الأعلى ووزارة الأوقاف إلى حركةٍ لا قيودَ فيها”.
