“قانون فينغر”.. مسخٌ جديد لكرة القدم!
ستشهد كرة القدم العالمية انطلاقا من الموسم الكروي المقبل بعض التعديلات على قانون التحكيم، يتم وصفها بالثورية التي ستغير الكثير من وجه اللعبة، وستدفع إلى مزيد من الإثارة ومن اللعب الهجومي ورفع حصص الأهداف في المباريات.
ومن أبرز التعديلات هناك ما يسمى بـ”قانون فينغر” ويقضي بتعديل المادة 11 في قانون التسلل، بحيث يتم السماح للمهاجم بالتقدم بجزء من جسمه على آخر ثاني مدافع أو الكرة عند لعب الكرة من زميله (حيث إن الكرة تغطي التسلل إذا كانت أقرب لخط المرمى من المهاجم). بخلاف القوانين الحالية التي تعتبر اللاعب متسللا إذا كان أي جزء من جسده -باستثناء ذراعيه لأنه لا يمكنه التسجيل بهما- متقدما على آخر ثاني مدافع أو الكرة عند لعب الكرة من زميله (حيث إن الكرة تغطي التسلل إذا كانت أقرب لخط المرمى من المهاجم).
وينسَب تعديل التسلل الكامل إلى الفرنسي أرسين فينغر، مدرب أرسنال الإنجليزي السابق، الذي يشغل حاليا منصب رئيس لجنة التطوير في الفيفا، ويقود حملة تعديلات على قانون اللعبة وهو الذي تقدم بهذا المقترح الأهم منذ تطبيق قانون التسلل عام 1925.
واستلهم فينغر فكرة التعديل بعد اطلاعه عام 2021 على دراسة أجريت في الدوري الإنجليزي الممتاز تشير إلى أن حالات التسلل ستنخفض إلى النصف في حال إلغاء التسلل بجزء من الجسد، وهو أمر سيجعل كرة القدم أكثر هجومية، وبالتالي أكثر أهدافا وإثارة.
طبعا الفيفا وافقت على المقترح “على طول” نظرا لأنه يتماشى مع فلسفتها في جعل كرة القدم أكثر جذبا للمتفرجين، وأكثر إثارة لحماسهم بإتاحة جميع التسهيلات “القانونية” التي تؤدي إلى احتساب المزيد من الأهداف في المباريات، وانجذاب الناس أكثر لمباريات كانت تعتبر سابقا عادية وهو ما سيؤدي بطريقة أو بأخرى إلى زيادة عائدات النقل التلفزيوني بعد بيع حقوق بث المسابقات القارية والدولية التي يخطط الإتحاد الدولي لكرة القدم لرفع عددها تحت العديد من الأسماء.
الأمر يخفي في طياته سباقا مستمرا نحو “حَلْبِ” ما أمكن من الأموال من مباريات كرة القدم، عبر دفع الجمهور إلى مزيد من الجنون والتعصب والتعلق بنتائجها عوض مطالبته بالفرجة والإستمتاع باللقطات الفنية التي من المفروض أن تكون أول دافع لمشاهدة المباريات التي تجري داخل المستطيل الأخطر.
تطبيق قانون “فينغر” للتسلل وزيادة حصة الأهداف المحتسبة في المباريات لا يعني بالضرورة الفرجة والمهارات واستمتاع الجمهور، بل يعني فقط مزيدا من “مسخ” رياضة كرة القدم، وجعلها شبيهة برياضات جماعية أخرى التي تعرف حصصا كبيرة في نتائجها.. والتي لا تتوفر الأهداف فيها على النذرة الجذابة التي تتوفر عليها أهداف كرة القدم.
من شاهد بإمعان مباراة نهاية الأسبوع الماضي بين مانشستر سيتي وأرسنال في إطار قمة مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، سيخرج بالخلاصة التالية.. مباراة فيها الإيقاع العالي والقوة والإثارة والإنضباط التكتيكي ومحاولات التسجيل، لكن غابت عنها نهائيا المهارات الفردية في المراوغة والقذف والتمرير ، ببساطة تلك المباراة هي النموذج الذي أراده المنظرون أن تصبح عليه كرة القدم بتحويل لاعبيها من مبدعين يمتعون الجمهور، إلى آلات حقيقية للركض المتواصل بحثا عن النتيجة التي تضمن السباق نحو الألقاب والكؤوس.
قانون “فينغر” للتسلل، وأي تعديل آخر في قوانين اللعبة صادر عن الأجهزة التابعة للفيفا، لا يمكنه إلا أن يذهب في هذا الإتجاه، أما حكاية أنسنة اللعبة والحفاظ على جوهرها وخصوصياتها الرياضية التي تأتي دائما على لسان جياني إنفانتينو، فهي لغة خشب وكذبة مفضوحة لم تعد تنطلي على أحد.