فَقَد عينَه.. لاجئ يرفع شكوى ضد إسبانيا بسبب العنف المفرط على الحدود مع المغرب

رفع لاجئ كان قد تعرض لإصابة خطيرة في عينه خلال عملية أمنية على الحدود المغربية-الإسبانية، شكوى إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، متهمًا السلطات الإسبانية بعدم التحقيق الجدي في الحادث الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 14 شخصًا قبل 11 عامًا.
وقع الحادث فجر يوم 6 فبراير 2014، عندما حاول نحو 200 مهاجر الوصول إلى سبتة إما عن طريق تسلق السياج الحدودي أو السباحة حول الحاجز البحري الفاصل بين المدينة المحتلة والأراضي المغربية.
ووفق ما ذكرته صحيفة “الغارديان” البريطانية فإن قوات الحرس المدني الإسباني استخدمت معدات مكافحة الشغب، بما في ذلك 145 رصاصة مطاطية وخمس قنابل دخانية، ما تسبب في حالة من الذعر بين المهاجرين في المياه بالقرب من شاطئ تاراخال قرب مدينة الفنيدق المغربية.
وأسفرت العملية حينها “عن وفاة 14 شخصًا غرقًا، فيما يعتقد الناجون والمنظمات غير الحكومية أن العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أكبر بكثير، بالإضافة إلى إعادة 23 مهاجرًا إلى المغرب”.
اللاجئ يطالب بالعدالة بعد فقدان عينه
الناجي، المعروف باسم “بريس أو“، والذي تم الاعتراف به كلاجئ من قبل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رفع شكوى ضد إسبانيا بسبب فشلها في التحقيق في استخدام القوة خلال الحادث. حيث أوردت الصحيفة البريطانية قوله: “إن استخدام الرصاص المطاطي أمر خطير للغاية. أنا شاهد حي على ذلك بعد أن فقدت البصر في إحدى عيني بسبب رصاصة مطاطية”.
وأضاف بريس أو، الذي كان قاصرًا غير مصحوب بذويه عند مغادرته الكاميرون وعيشه في المغرب لسنوات قبل محاولة دخول سبتة المحتلة، أنه أصيب في عينه أثناء محاولته الوصول إلى الشاطئ باستخدام أنبوب مطاطي، وسط إطلاق كثيف للمقذوفات.
دعوى تسائل القضاء الاسباني
رغم محاولات الناجين ومنظمات حقوق الإنسان تحقيق العدالة، فقد باءت جميعها بالفشل. بحيث أنه في أكتوبر 2015، أسقط قاضٍ، القضية المرفوعة ضد 16 ضابطًا من الحرس المدني، بحجة عدم وجود بروتوكول واضح لاستخدام معدات مكافحة الشغب في البيئات المائية. وفي عام 2022، أغلقت المحكمة العليا الإسبانية القضية رسميًا دون محاسبة أي مسؤول.
وفي سياق متصل، وصفت مديرة فريق العدالة الحدودية في المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان “هناء حقيقي” لـ “الغارديان”، التحقيق في أحداث تاراخال بأنه “مهزلة”، مشيرة إلى أنه لم يتم إجراء تقييم قانوني حقيقي لاستخدام القوة من قبل قوات الأمن الإسبانية.
وأضاف لمصدر ذاته، أنه لا تزال قضية أخرى بشأن هذه الأحداث أمام أنظار المحكمة الدستورية الإسبانية، حيث تقدمت مجموعة من المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك اللجنة الإسبانية لمساعدة اللاجئين والجمعية الإسبانية لحقوق الإنسان، بطعن قانوني للمطالبة بالعدالة للضحايا.
هل السياسات الحدودية تحترم حقوق الانسان؟
وأثارت سياسات إسبانيا الأمنية على حدودها مع المغرب جدلاً واسعًا، خاصة بعد حادثة مشابهة في يونيو 2022، عندما لقي 37 مهاجرًا على الأقل مصرعهم أثناء محاولة جماعية لاجتياز السياج الحدودي في مليلية.
واتهمت منظمة العفو الدولية السلطات الإسبانية والمغربية باستخدام “القوة المفرطة وغير المشروعة”، بينما اعتبر خبراء أمميون الحادثة “دليلًا على العنف الممنهج ضد المهاجرين من أصول إفريقية والشرق الأوسط”.
وأكدت مايتي دانييلا لو كوكو، منسقة قضايا الهجرة في منظمة إيريديا لحقوق الإنسان وفق ما أوردته “الغارديان” ، أن الحدود بين المغرب وإسبانيا كانت وما زالت مسرحًا لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان على مدى عقود.
وقالت: “ما حدث في تاراخال عام 2014، وما جرى في مليلية عام 2022، يثبت أن الاستخدام العشوائي لمعدات مكافحة الشغب، وعمليات الإعادة القسرية، وغياب التحقيقات الفعالة، كلها عوامل تخلق بيئة قاتلة على الحدود”.
ورغم المطالبات المتزايدة بتحقيق العدالة، رفضت وزارة الداخلية الإسبانية التعليق على الشكوى المرفوعة إلى لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.