story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

في كتاب لأحمد بوز.. يوم التقى الهمة رفاق الساسي في بيت أخنوش

ص ص

يكشف كتاب جديد للصحافي والأستاذ الجامعي أحمد بوز، تفاصيل لقاءات سياسية مغلقة جرت صيف 2006 في بيت رجل الأعمال عزيز أخنوش ببوزنيقة، بداية، ثم في بين مستشار الملك فؤاد عالي الهمة، وجمعت قياديين من الحزب الاشتراكي الموحد بمسؤولين نافذين من محيط الملك، ي سياق كان هاجس صعود الإسلاميين يضغط بقوة على دوائر القرار الحزبي والرسمي معًا.

الكتاب، الصادر بعنوان “سنوات الصحافة: أوراق من زمن الصحيفة ولوجورنال”، لا يكتفي برصد كواليس تجربة الصحافة المستقلة في مطلع “العهد الجديد”، بل يزيح الستار عما يصفه المؤلف بـ”لحظات شديدة الحساسية” في العلاقة بين اليسار الجذري، والصحافة المستقلة، و“المخزن”، كان مسرحها الأول بيت عزيز أخنوش الذي سيصبح بعد عام واحد وزيرًا للفلاحة، ثم لاحقًا رئيسًا للحكومة.

بحسب رواية بوز، عُقد اللقاء الأول يوم الجمعة 21 يوليوز 2006 في إقامة عزيز أخنوش ببوزنيقة، بحضور كل من محمد الساسي ومحمد حفيظ عن الحزب الاشتراكي الموحد، وفؤاد عالي الهمة بصفته وزيرًا منتدبًا في الداخلية آنذاك.

أما اللقاء الثاني فجرى في بيت الهمة، حسب تدقيق أدلى به صاحب الكتاب ل”صوت المغرب”، وذلك يوم السبت 29 يوليوز 2006، مع توسيع دائرة الحاضرين لتشمل، إضافة إلى الساسي وحفيظ والهمة، كلا من محمد مجاهد، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد وقتها، والمستشار الملكي الراحل محمد معتصم، ومحمد الباكوري مدير صندوق الإيداع والتدبير حينها، ومصطفى التراب المدير العام للمجمع الشريف للفوسفاط.

يوضح الكتاب أن المبادرة إلى عقد هذه اللقاءات جاءت من فؤاد عالي الهمة، بينما تكفل أخنوش بالاتصال بقيادات الحزب وترتيب الاستضافة. وقد سادت الجلسات، وفق الشهادة نفسها، أجواء وُصفت بـ”الودية”، وتركز النقاش فيها حول قراءة الدولة للوضع السياسي العام، وسبل بناء توازن جديد في مواجهة الصعود الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، في وقت كانت فيه الأحزاب التقليدية، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي، تعاني من تآكل رصيدها بعد تجربة التناوب.

في المقابل، عرض قادة الحزب الاشتراكي الموحد موقفهم المعروف آنذاك: المطالبة بملكية برلمانية، والتشكيك في نزاهة المسار الانتخابي، والتأكيد على ضرورة الفصل بين السلطة والثروة كشرط لأي انتقال ديمقراطي حقيقي. هذا التقاطع بين خطاب يساري راديكالي، وبين محيط ملكي يبحث عن “قوة توازن” في مواجهة الإسلاميين، هو ما يمنح اللقاءين، في نظر بوز، دلالتهما السياسية الخاصة.

يقدّم الكتاب عزيز أخنوش، في تلك المرحلة، كرجل أعمال مقرب من دوائر القرار، ورئيس لجهة سوس ماسة درعة بين 2003 و2007، وعضو سابق في “خلية التفكير” التي أحدثها الملك الراحل الحسن الثاني سنة 1997، دون أن يكون قد دخل بعدُ إلى قلب المعترك الحزبي بالشكل الذي سيظهر لاحقا.

ويشير بوز إلى أن هذين اللقاءين جاءا امتدادًا لسلسلة طويلة من الجلسات غير المعلنة التي جمعت صحافيين ومسؤولين نافذين، كان هو نفسه حاضرًا في بعضها بصفته الصحافية، في بيوت شخصيات مثل أندري أزولاي وعبد العزيز مزيان بلفقيه، وهو ما يقدمه كجزء من “واجب المهنة” في تقصي المعلومات من مختلف مواقع السلطة، مع الحفاظ على مسافة نقدية مع المتحكمين في القرار.

وإذا كانت اللقاءات قد جرت بعيدًا عن الأضواء، فإن تفاصيلها خرجت إلى العلن بسرعة عبر الصحافة. فقد اختارت “الصحيفة المغربية”، التي كان يدير نشرها محمد حفيظ ويعمل بها أحمد بوز، نشر حوار مطول مع محمد الساسي كشف لأول مرة عن وجود هذه الجلسات، وأسماء الحاضرين، ورسائل كل طرف، وسياق المبادرة التي وقف خلفها فؤاد عالي الهمة.

رغم أن بوز يتحفظ على القراءة التي ترى في هذه اللقاءات تمهيدا ل“صفقة مكتملة الأركان”، فإنه يقرّ بأن تلك الجلسات كانت جزءًا من دينامية أوسع لإعادة تشكيل الحقل الحزبي.

فبعد سنة تقريبًا، سيعلن فؤاد عالي الهمة استقالته من الحكومة وترشحه لانتخابات 2007، ثم سيطلق مبادرة “حركة لكل الديمقراطيين” التي ستفضي سنة 2009 إلى تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، كقوة سياسية جديدة تقدَّم رسميًا بوصفها “بديلًا حداثيًا” في مواجهة الإسلاميين.

النتائج الانتخابية لتحالف اليسار الديمقراطي سنة 2007 (ستة مقاعد فقط)، وتراجع الاتحاد الاشتراكي نفسه، دفعت بوز إلى التأكيد على أن توازنات صناديق الاقتراع لم تكن في نهاية المطاف رهينة لقاء أو اثنين في فيلا ببوزنيقة، لكنها تعطي، برأيه، خلفية ضرورية لفهم كيف كان يُنظر، في أعلى هرم السلطة، إلى دور اليسار، وإلى الحاجة إلى “حزب دولة” جديد سيظهر لاحقًا في صورة الأصالة والمعاصرة.
..
تفاصيل أكثر ضمن مجلة “لسان المغرب”