في قصف إسرائيلي.. رحلت “تالا” وبقي حذاء التزلج ذكرى وحسرة
حَرَم قصف إسرائيلي الطفلة الفلسطينية تالا أبو عجوة، من اللعب بحذاء التزلج مع صديقاتها اللواتي كن في انتظارها، قبل أن تقضي عليها غارة إسرائيلية قرب منزلها بمدينة غزة شمال القطاع.
ففي الثالث من شتنبر الجاري، همّت الطفلة أبو عجوة (9 سنوات) باللعب مع صديقاتها بعد سماح والدها لها بالخروج للعب بحذائها زهري اللون.
وخلال الأيام الماضية، اعتادت تالا على الترفيه عن نفسها لعدة لحظات من السعادة والفرح رغم الأوضاع المأساوية التي تسببت بها الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023.
لكن قصفا إسرائيليا وقع بالقرب من منزلها بمدينة غزة، قضى على حياتها أثناء جلوسها على سلم منزلها استعدادا للخروج، ولم يتبقَ منها سوى حذاءها المفضل الذي كانت تستمتع به وتصحبه معها إلى كل مكان تنزح إليه.
إحدى شظايا القصف الإسرائيلي أصابت رقبتها، لتسلب منها حياتها البريئة وفرصتها للعيش بسلام كباقي أطفال العالم، تاركة وراءها ذكريات مؤلمة لعائلتها التي تتفقد على الدوام غرفتها المليئة بألعابها.
أحلام مدفونة
ومع سماع دوي انفجار قوي باستهداف طائرة حربية إسرائيلية شقة سكنية قرب منزل الطفلة تالا، فزع أفراد أسرة أبو عجوة، فتوجه الأب مسرعا لمعرفة مصير طفلته التي خرجت قبل لحظات من القصف.
وعند نزوله على سلم البيت، وجد والد الطفلة الأنقاض مبعثرة في كل مكان، حيث ظهرت أقدام طفلته التي ترتدي حذاء التزلج وسط الدمار، بينما كان كامل جسدها ملطخا بالدماء.
حمل الأب طفلته بسرعة وهرع بها إلى مستشفى “المعمداني” في مدينة غزة لمحاولة إنقاذ حياتها، لكن القصف الإسرائيلي كان قد نال منها، ما أصاب عائلتها بالحسرة والألم تاركة خلفها أحلامها وألعابها في غرفتها الوردية وسريرها الذي وضعت عليه بعض الدمى.
على سلم المنزل
وداخل منزله، يحمل الأب حسام أبو عجوة حذاء التزلج الخاص بطفلته والذي لا تزال آثار دمائها عليه، حيث يتفقده مسترجعا ذكريات سعيدة لطفلته التي كانت ترتديه وتلعب به والسعادة تغمر محياها.
الأب حسام قال للأناضول: “طفلتي كانت تريد اللعب واللهو مثلها مثل باقي أطفال العالم، ما ذنبها أن تستشهد وهي تريد اللعب؟”.
وأضاف: “عندما نزلت طفلتي على سلم البيت، سمعت صوت قصف، فنزلت مسرعا، لكن بسبب الغبار لم يظهر شيء سوى أقدام طفلتي التي ترتدي حذاءها المميز”.
وتابع: “حملتها وهي ملطخة بالدماء وتوجهت إلى مستشفى المعمداني لأنها أصيبت بشظية صاروخ في رقبتها”.
ولفت والد الطفلة إلى أن “القصف كان أسرع في القضاء عليها من تحقيق رغبتها في اللعب والمرح”.
وأوضح أن طفلته تحب اللعب بحذاء التزلج مع صديقتها، وكانت تحلم بأن تصبح طبيبة أسنان في المستقبل.
وقال: “طفلتي كانت تحب الاختلاط بالناس والأطفال، وابتسامتها كانت دائما على وجهها، وكانت نشيطة ومتميزة في الدراسة”.
خوف وأمل
وقال والد الطفلة: “ابنتي كانت تشعر بالخوف دائما جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وعندما تحدث غارة، تأتي لتحتضنني وتقول إنها خائفة”.
وتابع: “رغبتها كانت دائما في انتهاء الحرب والعودة إلى مقعد الدراسة والعيش بدون خوف وفزع”.
وتمنى الأب أن تنتهي الحرب و”يتوقف قتل الأبرياء في القطاع فغالبية الضحايا هم أطفال ونساء وشيوخ”.
ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، قتل نحو 16 ألفا و715 طفلا فلسطينيا، بينهم 115 وُلِدوا وقتلوا أثناء الحرب ذاتها، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وفي يوليوز الماضي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إن الأطفال “يدفعون الثمن الأعلى للحرب في غزة، وسط نزوح وخوف من فقدان طفولتهم”.
وبدعم أمريكي تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر حربا مدمرة على غزة خلفت أكثر من 135 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة