في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. حقوقيون: ملفات حقوقية لا زالت عالقة وحرية التعبير تواجه “محنة”

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يخلده العالم اليوم الثلاثاء 10 دجنبر 2024، لا زال الحقوقيون المغاربة، يرصدون ملفات حقوقية يقولون إنها “عالقة” منها استمرار اعتقال نشطاء “حراك الريف” والقضايا المرتبطة بحرية التعبير والأزمات الاقتصادية، رغم تسجيلهم إلى أن سنة 2024، عرفت طي ملفات حقوقية، من العفو على الصحافيين المعتقلين ومزارعي القنب الهندي.
“الاعتقال السياسي”
وفي السياق ذاته، قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في حديثه إلى “صوت المغرب” إن “المحنة مستمرة والأوضاع تبقى على حالها دون تغيّر كبير، فما زالت ظاهرة الاعتقال السياسي مستمرة، ولازال هناك معتقلون سياسيون ومعتقلو رأي”، مبرزا أنه “فقط بالأمس، صدر قرار اللجنة الأممية بشأن الاعتقال التعسفي، لناصر الزفزافي، الذي أكد أنه اعتقال تعسفي، وأوصى بضرورة إطلاق سراحه وتعويضه”.
وأكد غالي على أن “ما ينطبق على الزفزافي ينطبق على بقية مجموعة المعتقلين السياسيين المرتبطين بحراك الريف”، مشيرا إلى أنه “ما زال لدينا أيضًا معتقلون سياسيون آخرون، مثل مجموعة بلعيرج التي لا تزال قيد الاعتقال، ومعتقلي أحداث أكديم إيزيك، بالإضافة إلى ذلك، تستمر المتابعات القضائية ضد العديد من المدونين والصحفيين”.
واستشهد الفاعل الحقوقي خلال حديثه على نفس الموضوع بـ “قضية حميد المهداوي”، معتبرا أنها خير مثال على “التضييق في مجال الصحافة”، مضيفا أن “حرية التعبير تواجه محنة يعرفها الجميع، وهذا ينعكس في التصنيف غير المشرف الذي يصدر سنويًا عن منظمة مراسلون بلا حدود”.
ويرى غالي أن الوضع الحقوقي يتفاقم في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية لإحداث تغيير ملموس، مضيفًا أن العديد من الملفات الحقوقية لا تزال تراوح مكانها، مما يعكس غياب خطة واضحة لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في البلاد.
وعلى مستوى الحريات العامة، أكد غالي أن استمرار “المحاكمات السياسية”، و”قمع الأصوات المعارضة”، و”التضييق على العمل الصحفي والمدني”، يبرز تحديات كبرى أمام تحقيق العدالة الاجتماعية، مشددا على أن المعطيات الحالية تعكس تراجعًا في التصنيف الدولي لحقوق الإنسان، وهو ما يضع المغرب حسب قوله أمام مسؤولية كبيرة لإعادة بناء الثقة محليًا ودوليًا.
وضع اقتصادي “متأزم”
وفيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أشار غالي إلى استمرار تفاقم البطالة وفقدان 28 ألف منصب، وغياب سياسات فعالة لحل أزمة السكن والتعليم، يفاقم من معاناة المواطنين، خاصة في المناطق النائية التي تعاني من التهميش وضعف البنية التحتية.
وأشار المتحدث ذاته إلى الوضعية السياسية، التي شهدت احتجاجات وإضرابات عديدة خلال سنة 2024، وأزمة طلاب الطب والصيدلة التي كادت أن تؤدي إلى سنة بيضاء، لولا الحلول التي تم التوصل إليها في اللحظات الأخيرة بعد تعنت الوزارة.
أما على الصعيد الثقافي، فقد تطرق غالي إلى الإشكاليات المتعلقة باللغة الأمازيغية، حيث أكد أن الاعتراف بها في الدستور لا يكفي ما لم يتم تفعيلها بشكل كامل في التعليم والإدارة والحياة العامة، معتبرًا أن التأخر في التنزيل الفعلي يعكس عدم جدية الدولة في احترام التنوع الثقافي.
وأضاف الحقوقي أن القضايا البيئية لا تزال تواجه تحديات كبرى، مشيرًا إلى أن المدن المغربية تعاني من ارتفاع مستويات التلوث، مع غياب برامج حقيقية للتخفيف من الأضرار البيئية، مؤكدا على أن هذه الأوضاع تعكس ضعف التخطيط الحكومي في مجال البيئة، مما يضر بالمواطنين ويزيد من التحديات التنموية.
وخلص غالي إلى التأكيد على ضرورة إحداث تغيير جذري في السياسات الحقوقية، خاصة أن سنة 2024 شهدت رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان، وهو ما كان يفترض أن يشكل فرصة لإعطاء إشارات قوية نحو انفتاح حقوقي، مستدركا “لكن مع الأسف، ما زلنا بعيدين عن الحديث عن تطور حقيقي في ظل غياب إرادة سياسية لتحقيق دولة الحق والقانون”.
من جانبه، قال رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، نبيل الأندلوسي لـ “صوت المغرب”، إن الحالة الحقوقية بالمغرب وسمت بأحداث بارزة، منها ما هو إيجابي يجب رصده ودعمه وتحصينه كمكتسبات وإنجازات، ومنها ما هو سلبي يجب القطع معه وتجاوزه ومعالجته بما يضمن للمغرب مكانة دولية، كدولة تحترم حقوق الإنسان.
العفو عن الصحافيين والمزارعين
وأشار الأندلوسي إلى أن هناك سلبيات يجب تداركها، وملفات عالقة يجب معالجتها، ومنها ملف من تبقى من معتقلي حراك الريف و ملف حراك الريف برمته، والوضع المقلق لمحمد زيان، ومتابعة صحافيين بالقانون الجنائي، بدل قانون الصحافة، كحالة الصحفي حميد المهداوي، ومتابعة نشطاء حقوقيين بسبب التظاهر.
واعتبر المتحدث ذاته، أن من الإيجابيات التي يمكن تسجيلها خلال هذه السنة، رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كحدث مهم بالنسبة للمغرب على مستوى الإشعاع الدولي، مسترسلا “أما وطنيا فيبقى العفو الملكي على الصحفيين وبعض النشطاء الحقوقيين ومزارعي القنب الهندي، من أبرز القرارات الإيجابية على المستوى الحقوقي خلال سنة 2024”.
وخلص الأندلوسي، إلى أن المغرب في حاجة لنفس حقوقي ولمقاربة حقوقية جديدة ، تثبت الإنجازات الإيجابية وتقطع مع الأخطاء التي تم ارتكابها، تعزيزا للحقوق والحريات ولمكانة المغرب على الصعيد الدولي.
*عبيد الهراس