في اليوم الدولي للمهاجرين.. حقوقيون: يعانون من التمييز والعنصرية وهذا الملف يعرف “ازدواجية في المعايير”
في اليوم الدولي للمهاجرين، استعرض حقوقيون مظاهر النقص في حماية حقوق هذه الفئة، ورصدوا المشاكل المتزايدة على مستوى هذا الملف، وفي هذا السياق، شددت خديجة عيناني، نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على أن “هناك حاجة ماسة لتعامل أكثر إنسانية مع قضايا المهاجرين وضمان حقوقهم الأساسية بعيدًا عن التمييز والعنصرية”.
وقالت خديجة عيناني، نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمكلفة بملف الهجرة في الجمعية، إن اليوم الدولي للمهاجرين يُعتبر من الأيام المهمة التي تُسلط الضوء على قضية كبيرة على المستوى العالمي، مشيرة إلى أن ”قضية الهجرة لم تكن تعتبر مشكلا، وإنما الدول والسياسات هي التي جعلت منها مشكلة، وهي في الأصل حق إنساني طبيعي، والبشرية منذ نشأتها اعتادت على التنقل بحرية وبدون قيود أو مشاكل”.
وأوضحت عيناني في تعليقها على الموضوع أنه “اليوم، مع التعقيدات المتعددة، خاصة مع صعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا وأمريكا، وأيضًا بسبب الأوضاع المزرية التي تعاني منها بعض الدول، خصوصًا في الجنوب، أصبحنا نرى ازدواجية في التعامل مع حق التنقل، فهناك فئة من المواطنين في العالم تُمنح هذا الحق بحرية كاملة، بينما تُحرم فئات أخرى منه”.
وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن المهاجرين يعانون من التمييز، والعنصرية، والوضعيات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، لا سيما بالنسبة للمهاجرين في وضعية غير نظامية، مؤكدة على أن ”هذه الوضعية غير النظامية ليست خيارًا، بل هي اضطرار بسبب رغبتهم في تحسين حياتهم وتوفير ظروف معيشية كريمة لهم ولعائلاتهم”.
وأكدت على أن اليوم الدولي للمهاجرين يُذكّرنا بضرورة التعامل مع الهجرة كحق إنساني، وبأهمية توفير الأمان والاحترام للمهاجرين وضمان حقوقهم أينما كانوا، مضيفة ” أنه اليوم، ومع كل الصعوبات التي نراها، بما في ذلك تلك المرتبطة بالحصول على التأشيرات والمشاكل المصاحبة لها، نجد أن ملايين الأشخاص الذين يعيشون في وضعية غير نظامية يواجهون أوضاعًا أشد صعوبة مقارنة بالمهاجرين الآخرين”.
“معاناة الأفارقة“
على الصعيد الوطني، أشارت عيناني إلى أن “وضعية المهاجرين الصعبة، خصوصًا القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء”، مبرزة ”تعرضهم للإجحاف، والتمييز، وأحيانًا حتى العنصرية، كما يظهر ذلك من خلال الحملات التي تُشن أحيانًا ضدهم”.
وأبرزت الحقوقية، أنه ورغم الوضعية التي نلاحظها اليوم في بلادنا، بحكم تشديد الرقابة على الحدود، هناك مجموعات تعيش في المغرب، مستدركة ”ولكن للأسف يعيشون في ظروف لا تضمن حقوقهم الأساسية، بما فيها الحق في الحرية والتنقل وغيرها من الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، بغض النظر عن الوضعية الإدارية، سواء كانت نظامية أو غير نظامية”.
وشددت المتحدثة ذاتها، على أن هناك حقوق أساسية يجب احترامها، مثل الحق في الصحة، والحق في التعليم، والحق في السكن، وأيضًا الحقوق الثقافية، مشيرة إلى أن ”هذه الحقوق غالبًا لا تُحترم، خصوصًا بالنسبة للمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء”.
“التضييق سبب الهجرة“
قالت عيناني إنه منذ سنة 2016، ازدادت ظاهرة الهجرة من المغرب نحو أوروبا، حيث يواجه المهاجرون المغاربة تحديات اقتصادية واجتماعية قاسية، مرجعة ذلك إلى ”الوضع السياسي في البلاد، الذي عرف تراجعًا في العديد من الحقوق الأساسية مثل حرية التعبير، حرية الصحافة، وحق التظاهر”.
وأشارت إلى أن الأوضاع الحالية تشير إلى ”تراجع واضح في الحقوق والحريات داخل المغرب، ما يدفع العديد من المواطنين للبحث عن ظروف أفضل في الخارج”، ملفتة النظر إلى أن ”ملايين المغاربة يهاجرون بحثًا عن حقوق اقتصادية، اجتماعية، وثقافية أفضل، والعديد منهم يسعون للهجرة بسبب تقييد حرية الرأي والتعبير”.
بحثا عن الحقوق
وبخصوص هجرة الكفاءات المغربية، اعتبرت الحقوقية أنه أحد أبرز التحديات التي تواجه المغرب، مشيرة إلى أن ”الكثير من الأطباء، المهندسين، والأطر العليا يضطرون لمغادرة الوطن بسبب غياب الظروف المناسبة التي تشجعهم على البقاء”، مضيفة في نفس السياق أن هذا الوضع يتزامن مع سياسات الهجرة الانتقائية التي تطبقها الدول الأوروبية، والتي تركز على استقطاب الكفاءات من دول مثل المغرب.
وأكدت على أن، هذا الوضع يُحتم على المغرب العمل بجدية لتوفير الشروط اللازمة التي تُمكن هذه الطاقات من البقاء والمساهمة في تنمية البلاد، بدلاً من الهجرة والبحث عن فرص خارج حدود الوطن.
استغلال المهاجرين
ووقفت المتحدثة ذاتها، على أن الهجرة غير النظامية أصبحت اليوم خيارًا خطيرًا للعديد من الأشخاص، الذين يخاطرون بحياتهم في مغامرات محفوفة بالمخاطر، مشيرة إلى أن ”هؤلاء المهاجرين قد يكونون ضحايا لشبكات الاتجار بالبشر أو وسطاء الهجرة غير النظامية، ما يزيد من تعقيد الوضع”.
وقالت عيناني، إن مشكلة الاستغلال قد تطال أي شخص مرشح للهجرة، مستدركة ”لكنه يكون أشد خطورة على الفئات الهشة مثل النساء والأطفال، و نلاحظ اليوم تزايدًا ملحوظًا في عدد الأطفال الذين يحاولون الهجرة، وهو ما يثير تساؤلات حول ما تقوم به الدولة من أجل حماية الطفولة في المغرب وضمان حقوق الأطفال”.
ودعت عيناني، إلى ضرورة أن تتحمل الدولة مسؤولياتها في ضمان حقوق المهاجرين، سواء كانوا في وضعية نظامية أو غير نظامية، والعمل على توفير ظروف حياة كريمة لهم، مع احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
مطلب لتعديل القانون
وطالب بيان سايق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “بالإسراع في اعتماد قانون للهجرة يتلاءم مع الاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ويضع حدا لتجريم الهجرة عبر النظامية، وقانون آخر يتعلق باللجوء وشروط منحه”.
ونادى بالتوقف “عن إرجاع المهاجرات والمهاجرين إلى بلدانهم الأصلية سواء من طرف المغرب أو الدول الأوربية التي غادروها بحثا عن إمكانيات العيش الكريم والأمان والتمتع بحقوقهم الإنسانية”.
كما طالب أيضا بإنهاء “احتجاز الأطفال الذين يسعون للحصول على اللجوء أو الهجرة، وتمكينهم من الوصول للخدمات الصحية والدراسية”.
وختمت الجمعية بيانها بالدعوة إلى تبني “سياسة للهجرة واللجوء تعتمد المقاربة الإنسانية والحقوقية، بعيدا عن الاستغلال السياسوي لهذا الملف ووقف تجريم الهجرة واللجوء والتضييق على المدافعات والمدافعين عن حقوق المهاجرين واللاجئين”.