في أول أيام إضرابهم الشامل.. الرميد يدعو الحكومة إلى فتح باب الحوار مع المحامين
بالتزامن مع بداية الإضراب المفتوح الذي يخوضوه المحامون ابتداء من اليوم، دعا وزير العدل والحريات السابق مصطفى الرميد، اليوم الجمعة 1 نونبر 2024، كلاَ من رئيس الحكومة ووزير العدل الحالي إلى فتح باب الحوار مع المؤسسات المهنية، مشيراً إلى أنه يجب على هذه الأخيرة “أن تتحلى بدورها بالمرونة اللازمة من أجل المساعدة على تجاوز الأزمة القائمة، وذلك بالتوافق حول الحلول الملائمة”.
وأعرب الرميد، في ندوة نظمت في الدارالبيضاء حول “مشروع قانون المسطرة المدنية في الميزان الدستوري والحقوقي”، عن تفهمه لغضب المحامين، حاثاً الحكومة على ضرورة “الرجوع إلى الحوار البناء المثمر”، وذلك تفادياً لضياع حقوق ومصالح المرتفقين الذين اعتبرهم “الخاسر الأكبر في أزمة لا مبرر لها، ومن الممكن تجاوزها بما يجب من الحكمة” حسب تعبيره.
وبخصوص مشروع المسطرة المدنية موضوع الندوة التي تنظمها جمعية محامون من أجل العدالة، لفت المحامي المصطفى الرميد إلى أنه “بالرغم مما أُدخِل على هذا القانون من تعديلات هجينة ومُنكرة، يتضمن أيضاً العديد من المقتضيات الجيدة التي يصعب حصرها وينبغي الإشادة بها”، ذكر منها 15 حالة بينها جمع نصوص مسطرية ضمن نص قانوني واحد، ويتعلق الأمر بقانون المسطرة المدنية والقانون المتعلق بتنظيم قضاء القرب، والقانون القاضي بإحداث المحاكم التجارية والظهير المنظم لمحكمة النقض وغيرها.
أما بشأن التعديلات التي وصفها ب”الهجينة” داعياً إلى إصلاحها على مستوى مجلس المستشارين، فذكر منها المادة 17 التي قال إنه “لا معنى لها” معبراً عن استغرابه من إقحامها في مشروع المسطرة المدنية، مشيراً إلى أنه جرى “استبدال نصها السيء بصيغة أسوأ بعد التوافق بين مكونات لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب مع وزير العدل حول حذف المادة”.
وتنص المادة الـ 17، من مشروع قانون المسطرة المدنية، على أنه “يمكن للنيابة العامة المختصة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى، ودون التقيد بآجل الطعن المنصوص عليها في المادة السابقة، أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام”.
وتضيف المادة: “يتم الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ قضائي أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا”.
وأوضح أنه فضلاً عن “إقحامه عبارة ‘من شأنه مخالفة النظام العام’ ذات الحمولة المرفوضة حقوقياً، فإن أسوأ ما تضمنه هذا النص تشريعه الطعن أمام ذات المحكمة التي أصدرت قرار الحكم لما يعتبره وكيل الملك أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب”، مشدداً على أن هذا المقتضى “يعاكس استقلال القضاء بشكل تام ويضربه في الصميم”، متسائلاً “هل نحن أمام سلطة قضائية أم إدارة ترابية؟”.
وأشار الرميد إلى أن الصياغة المضمنة في قانوني المسطرة المدنية والجنائية، “تتضمن ما يكفي ويغني، وإن كان لا بد من مادة جديدة كان بالإمكان صياغة مادة شبيهة بالمادة 402 من قانون المسطرة الجنائية مع الملاءمة”.
ونبه إلى أن الصيغة المقترحة “معيبة ومنكرة”، وقال “لا يجوز أبداً البقاء عليها احتراماً للمكتسبات التشريعية الوطنية الجيدة في هذا الباب”.
يذكر أن محامي المغرب شرعوا اليوم الجمعة فاتح نونبر 2024، في تنفيذ إضراب شامل على مستوى كافة المحاكم المغربية، دون تحديد تاريخ نهايته، وذلك بعد قيام المحامين في وقت سابق بوقفات احتجاجية وإضرابات محدودة شملت أقسام الجنايات لمدة أسبوعين.
وفي هذا السياق، ذكر الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن “الجمعية لن تتراجع عن قرار المقاطعة الشاملة، وأنها ستستمر في التصعيد ما لم يتم فتح قنوات حوار حقيقية مع الجهات المعنية، من أجل إيجاد حلول لمشاكل مهنة المحاماة والتشريعات المتعلقة بها”.
وأضاف الزياني أن “التوقف الشامل عن ممارسة مهام الدفاع هو قرار لم يأت من فراغ وإنما نتيجة لمسار استمر لمدة ثمانية أشهر من المطالبات ومن المبادرات التي لم تجد آذانا صاغية من طرف الحكومة ووزارة العدل”، مشيراً إلى أن “هذا القرار يمكن القول بأنه فُرض علينا، إذ لم نكن نتمنى الوصول إلى المقاطعة الشاملة، ولكن الاختناق الحقيقي الذي تعيشه مهنة المحاماة وغياب الحوار الحقيقي والجاد والمسؤول معنا من طرف وزارة العدل هو الذي دفعنا إلى اتخاذ هذا القرار”.