في أسبوع التمنيع العالمي.. حمضي يحذر من تراجع معدلات التطعيم في المغرب

تحت شعار “التمنيع من أجل عالم صحي”، يحتفل العالم بـ”أسبوع التمنيع العالمي” من 24 إلى 30 أبريل، الذي يعد فرصة مهمة لتذكير الجميع بأهمية اللقاحات في الوقاية من الأمراض المعدية، حيث يتم تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه اللقاحات في تقليص معدلات الوفيات، وأهمية تعزيز الوعي المجتمعي حول الحاجة الملحة للاستمرار في تعزيز التمنيع.
وفي هذا الإطار، يعتبر متخصصون أن “ما حققه المغرب في مجال التلقيح يعد مهما، بحيث كان خلال سنوات عديدة بطلًا عالميًا في تطعيم أطفاله ضد الأمراض المستهدفة، إذ وصل إلى تغطية تطعيمية تصل إلى 95-96٪ مع توفير أكثر من 12 لقاحًا أساسيًا مجانًا في مراكز الصحة، إلا أن معدلات التطعيم عرفت تراجعًا كبيرًا بعد جائحة كوفيد 19”.
وفي هذا السياق، قال الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي، إن “التلقيح في المغرب بات يواجه تحديات عديدة”، مشدداً على ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا التراجع، وعدم الاكتفاء بتفسيره في إطار الموجة العالمية، بل التعمق في خصوصيات السياق المغربي.
وفي جرده لهذه التحديات، أكد حمضي أن “على رأسها فقدان الأسر المغربية الثقة في التلقيحات”، إذ أوضح أن “الكثير من الأسر باتت تشكك في فاعليتها، خاصة بعد اختفاء عدد من الأمراض مثل الحصبة وشلل الأطفال، ما جعل البعض يعتقد أن اللقاحات لم تعد ضرورية ما دامت هذه الأمراض لم تعد منتشرة”.
وأشار حمضي إلى أن “التحدي الثاني يتعلق بطريقة مواجهة هذه الموجة من التشكيك”، موضحاً أن “التفاعل معها عادة ما يقدم عبر وسائل تقليدية، في حين أن المعلومات المغلوطة تنتشر عبر منصات حديثة”.
وأضاف أنه “من الضروري تحسيس المهنيين الصحيين من أطباء وممرضين وصيادلة وإشراكهم في جهود التوعية والتصدي للأخبار الزائفة”.
كما شدد في نفس السياق على ضرورة إدماج التلقيح ضمن تغطية التأمين الصحي، حتى يتمكن القطاع الخاص من المشاركة الفعلية في جهود التلقيح، بحيث أوضح أن التأمين الصحي في المغرب لا يعوض حاليًا عن عدد كبير من اللقاحات، سواء بالنسبة للأطفال أو الكبار، رغم أن هناك لقاحات فعالة جدًا يجب أن تُعوض.
وإلى جانب ذلك، شدد الطبيب على ضرورة ربط التلقيح بمسار صحي متكامل للأطفال، لافتًا إلى أنه “لا يمكن التعامل مع التلقيح كخدمة معزولة، بل ينبغي أن يكون مدمجًا مع الفحص الطبي، وقياس الوزن، ومراقبة التغذية والعلاج، مع أهمية التذكير بمواعيد التلقيح للأسر لضمان استمرارية هذه الخدمة”.
كما لفت إلى أن “التفاوتات الإقليمية بين المناطق الحضرية والريفية تعد من أبرز التحديات التي تواجه عملية الوصول إلى الرعاية الصحية والتطعيم في المغرب، حيث تعاني المناطق الريفية من قلة المرافق الصحية مقارنة بالمناطق الحضرية، مما يصعب على الأسر الوصول إلى اللقاحات”.
“كما أن هناك نقصًا في الموارد البشرية في هذه المناطق، حيث يكون من الصعب العثور على أطباء أو ممرضين مؤهلين لتقديم التطعيمات بشكل منتظم” يقول الباحث في النظم الصحية.
بالإضافة إلى ذلك، شدد الباحث على “أهمية توفير دفاتر تطعيم واضحة، رقمية وسهلة الفهم، بحيث ينبغي أن تكون أداة تتيح للأسر متابعة حالة تلقيح أطفالهم، وتحقيق شفافية في معرفة اللقاحات التي تم تلقيها والمواعيد المستقبلية للتطعيمات”، مضيفا أن “توفير نسخة رقمية من هذه الدفاتر سيسهل الوصول إليها، ويمكن أن تُرسل عبر تطبيقات الهواتف المحمولة لتذكير الأسر بالمواعيد المهمة”.
وخلص الطيب حمضي إلى ضرورة الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك لتوسيع دائرة الوعي حول أهمية التلقيح، وذلك نظرًا لانتشار هذه المنصات بين فئات واسعة من الناس، بحيث أن استخدامها في التوعية يعد وسيلة فعالة للوصول إلى الأجيال الشابة والأسر بشكل عام.