story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
أمن وعدالة |

فضيحة ابن زهر.. نقابي يطالب بتفعيل الرقابة وحقوقي يدعو لتوسيع دائرة البحث

ص ص

أعاد قرار قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بمراكش متابعة أستاذ جامعي في أكادير، على خلفية اتهامات ثقيلة تتعلق بـ “بيع الشهادات العليا”، النقاش بشأن مسؤوليات الجهات الرسمية في استمرار هذه الظاهرة، فضلاً عن المسؤولية الأخلافية للأستاذ الجامعي.

ويتعلق الأمر بشبهة “التلاعب في شهادات جامعية” في جامعة ابن زهر بأكادير، وفقاً للمحامي بهيئة مراكش محمد الغلوسي، الذي أشار إلى أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أنجزت بحثاً قضائياً، في الموضوع وأحالت نتائجه على الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش باعتبارها هي المختصة بجرائم المال العام”.

وقال إنه بعد إحالة الملف على قاضي التحقيق قرر هذا الأخير “إيداع الأستاذ الجامعي السجن، فيما قرر إبقاء آخرين في حالة سراح مقرون بتدابير قضائية”. إذ كشفت التحقيقات “عن شبكة منظمة متورطة في إصدار شهادات ماستر مقابل مبالغ مالية ضخمة وصلت إلى 250 ألف درهم للفرد الواحد”.

المسؤولية.. بين الرقابة والأخلاقيات

في هذا الصدد، يرى عضو النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي محمد الناجي، أن مثل هذه القضايا تبرز أهمية تعزيز منظومة النزاهة الأكاديمية، وتفعيل آليات المراقبة والتدقيق، كما تدعو للتفكير في إصلاح شامل للمنظومة الجامعية يضع النزاهة والشفافية في صلب اهتماماته.

وأشار الناجي إلى أن قضية أكادير، ليست الأولى من نوعها في تاريخ التعليم العالي بالمغرب، مذكراً بقضايا مماثلة من قبيل “منح شهادات الدكتوراه دون استيفاء الشروط العلمية اللازمة سنة 2018، وضبط شبكة لتزوير الشهادات بالتواطوء مع مسؤولين في قطاع التكوين المهني سنة 2015”.

وأعرب محمد الناجي، الأستاذ الجامعي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، عن استيائه على خلفية الاتهامات الموجهة للأستاذ في أكادير، بتسليم شهادات ماستر وهمية مقابل مبالغ مالية، مشيراً إلى أن هذه السلوكيات تمثل “خرقاً صارخاً للأمانة العلمية والأخلاقية التي تشكل أساس منظومتنا التعليمية”.

ويرى المتحدث أن هذه القضية تستدعي تدقيقاً لمنظومة المسؤوليات، على مستويات ثلاث وهي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والمؤسسات الجامعية، ثم على مستوى المسؤولية الأخلاقية للأساتذة.

أما بالنسبة لوزارة التعليم العالي، فيرى المسؤول النقابي أن هذه الأخيرة “تتحمل مسؤولية أساسية في إرساء آليات الرقابة والتفتيش الدوري للمؤسسات الجامعية، وضمان سلامة المسارات الإدارية لمنح الشهادات”.

واعتبر أن غياب منظومة رقمية موحدة للتحقق من صحة الشهادات الممنوحة “يمثل ثغرة تجب معالجتها بشكل عاجل”، مشيراً إلى أن الوزارة مطالبة بتعزيز الإطار القانوني الذي يجرم مثل هذه الممارسات ويشدد العقوبات عليها.

وتعد المؤسسات الجامعية، وفقاً لمحمد الناجي، شريكاً في تحمل المسؤولية، إذ “لا يمكن أن تحدث مثل هذه الخروقات دون وجود خلل في المنظومة الإدارية للمؤسسة الجامعية”. موضحاً أن هذه الأخيرة “مسؤولة عن تتبع مسار الطلبة منذ التسجيل وحتى التخرج، وضمان سلامة إجراءات التقييم والامتحانات”.

وذكر المصدر ذاته أن المؤسسة الجامعية مطالبة بتفعيل آليات المراقبة الداخلية، وتشكيل لجان للتدقيق في المسارات الإدارية لمنح الشهادات.

وينبه عضو النقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي إلى أن المسؤولية الأخلاقية للأساتذة تظل الأهم، إذ أن الأستاذ الجامعي “ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو قدوة أخلاقية وقيمية للطلبة والمجتمع”. وعليه فإن الميثاق الأخلاقي لمهنة التدريس “يجب أن يكون حاضراً في كل ممارساته المهنية”. ويرى أن خرق هذا الميثاق “يمثل خيانة للرسالة النبيلة التي يحملها الأستاذ الجامعية”.

­وفي هذا الصدد، دعا عضو المكتب التنفيذي للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي إلى إصلاح شامل لمنظومة منح الشهادات الجامعية وتعزيز آليات الرقابة والتفتيش، مطالباً بإعادة النظر في منظومة الحكامة الجامعية وتعزيز الشفافية والمساءلة.

­كما شدد على ضرورة تفعيل مواثيق أخلاقيات المهنة، وتعزيز قيم النزاهة الأكاديمية، لافتا إلى أن التعليم العالي ركيزة أساسية في بناء المجتمع. واعتبر أن أي مساس بنزاهته “يمثل تهديداً للمصلحة العامة ولمستقبل الأجيال، مهيباً بجميع الفاعلين في القطاع تحمل مسؤولياتهم كاملة للحفاظ على قدسية العلم ونزاهة المؤسسة الجامعية.

واستنكر المسؤول النقابي “الممارسات المخلة بسمعة الجامعة المغربية”. وطالب بإجراء تحقيق شامل ونزيه في القضية، مشدداً على ضرورة احترام مبدأ قرينة البراءة للأستاذ المتهم حتى تتثبت إدانته.

الحاجة لبحث قضائي موسع

ومن جهته، يرى الحقوقي والمحامي محمد الغلوسي، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، معبراً عن إيمانه المطلق بقرينة البراءة، أن القانون يجب أن يكون فوق الجميع، مشيراً إلى أنه “لا بد من أن يمتد سيف العدالة إلى كل المتورطين المفترضين”.

وأشار إلى أن حيثيات هذه القضية “لم تكن سرية، بل كانت متداولة على نطاق واسع قبل وصولها إلى هذه المرحلة”، وأضاف أنها وصلت في وقت سابق إلى القضاء في أكادير، “لكن ذلك كان على شكل شكايات لا جدوى منها”.

ونبه إلى أن ضحايا مثل هذه الممارسات هم من الطلبة المنحدرين من فئات اجتماعية فقيرة، “لم يجدوا من يقف إلى جانبهم واستسلموا لواقع البطالة والأفق المسدود، لأن الأبواب أغلقت في وجههم”، بحسب تعبيره، ويضيف الغلوسي: “هكذا يسلب الفساد الأمل من الناس ويخرب الأوطان”.

واعتبر أن ما يتم تداوله على نطاق واسع بشأن استفادة مسؤولين ومهنيين وسياسيين في قطاعات مختلفة مما وصفها بـ”ثمار وغلة الفساد المدمر” الذي يستهدف مصداقية الشواهد الجامعية، وسمعة الجامعة المغربية “فساداً معمماً لايقتصر على أكادير، بل يكاد يمتد إلى بعض الجامعات الأخرى بمستويات مختلفة ومتفاوتة”، تتنوع مظاهرها بين رشوة وتزوير، وجنس، ومنافع، وخدمات.

ودعا الغلوسي، في هذا الصدد، إلى توسيع دائرة الأبحاث القضائية لتشمل كل الشواهد الجامعية التي منحت تحت مسؤولية الأستاذ الجامعي الموجود حالياً رهن الاعتقال الاحتياطي، إلى جانب الاستماع إلى كل الأشخاص المشتبه تورطهم في شبهات الرشوة والفساد، مهما كانت مواقعهم ومسؤولياتهم، مطالباً بتحريك المتابعة ضدهم طبقاً للقانون.

وحذر المحامي في هيئة مراكش من تكرار تجارب سابقة “جرى فيها تقديم بعض الأشخاص أمام القضاء دون أن تصل الأبحاث القضائية إلى كل المتورطين المفترضين”. وأعرب عن أمله في إنهاء ما سماّه “المقاربة الانتقائية”، مشدداً على أنه “من غير المقبول قانوناً أن تتم مساءلة البعض، واستثناء الآخرين لاعتبارات غير مفهومة”.

وخلص إلى أن هذا الأمر “يكرس التمييز في إعمال القانون والعدالة”، متسائلاً هل “ستوسع النيابة العامة، ومعها قاضي التحقيق دائرة الأبحاث في هذه القضية؟ أم أن الملف تم حسمه في دائرة ضيقة؟”.