فرحة المغاربة أفراح
زفّ قائد البلاد، الملك محمد السادس، بشرى سارة للشعب المغربي بمناسبة الذكرى الفضية (25 سنة) لاعتلائه عرش المغرب. البشرى السارة هي الإفراج عن مجموعة مهمة من المعتقلين من الصحافيين والحقوقيين والفاعلين الإعلاميين.
في هذه المناسبة تم الإفراج عن أحد رموز الصحافة المغربية في العهد الجديد، توفيق بوعشرين، مؤسس صحيفة “أخبار اليوم” الرائدة. كما تم الإفراج عن سليمان الريسوني، وعمر الراضي، ورضا الطاوجني، ويوسف الحيرش، وعدد من الأسماء الأخرى. كما تم العفو عن أشخاص آخرين خارج المغرب على رأسهم عماد استيتو وعفاف برناني.
هذه الفرحة ليست إلا واحدة من مجموعة من الأفراح والانتصارات التي شهدها المغرب في الأيام القليلة الماضية، والتي تعد بأن تكون بداية لمرحلة جديدة من تاريخ المغرب.
أولى أفراح الشعب المغربي هي مناسبة الذكرى الفضية لتربع الملك محمد السادس على العرش. وهي محطة مناسبة للنظر إلى الخلف وتقييم ما شهدته هذه الفترة من تحديث لمناحي مختلفة من البلاد.
لا يمكن لملاحظ موضوعي أن ينكر التطور الهائل الذي عرفه المغرب في بنيته التحتية، وفي مدى تنويع اقتصاده، وفي قوة ديبلوماسيته، وفي ترسانته القانونية، وفي استقراره الأمني والاجتماعي. وهذا التطور لم يكن ليحصل لولا الجهود التي بذلها جميع الفاعلين، وعلى رأسهم الملك محمد السادس.
بدأت بوادر الفرحة الثانية للمغاربة قبل أيام من الاحتفال بعيد العرش، عندما خرقت الجزائر الأعراف الديبلوماسية بتسريبها لفحوى تواصل ثنائي وسري بينها وبين فرنسا. والتي أعلمتها بعزمها تغيير موقفها تجاه قضية الصحراء المغربية.
ما كان من فرنسا إلا أن أثبتت ما أشارت إليه الجزائر بتأكيدها بأن الحل الوحيد الممكن لقضية الصحراء هو الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب منذ سنة 2007 ضمن السيادة المغربية على الصحراء.
ينبئ هذا التحول بقرب تحول مواقف دول أخرى كثيرة، تنضاف إلى قائمة الدول العظمى التي دعمت موقف المغرب. كما أن هذا الاعتراف يأتي من دولة كان لها دور كبير في وصول الأمور إلى ما عليه اليوم، وما كان منها إلا أن صححت أخطاء الماضي بإقرار سيادة المغرب على صحراءه.
أما الفرحة الثالثة، فتكمن في العفو الملكي الذي شمل شخصيات سجنت في قضايا شغلت الرأي العام، لما تعنيه بخصوص حرية الرأي والتعبير في المغرب. هذا العفو يأتي في سياق مغرب يتم فيه الزج بعدد كبير من رموز الفساد وتبذير المال العمومي في السجون.
هذا السياق يعطي الانطباع أننا أمام مرحلة جديدة في المغرب، يتم فيها ربط المسؤولية بالمحاسبة، ويتسع فيها صدر الدولة لصحافة من أبناء وبنات المغرب الغيورين عليه. هذا العفو يعني لا محالة انفراجا في الجسم الصحافي، بعد أن شهد المغرب في السنوات الأخيرة صعودا لصحافة التفاهة والتشهير والمحاباة.
كما أنه يعد بعودة النقاش العمومي إلى ما كان عليه قبل أن يعم جو من الرقابة الذاتية للصحافيين، وجو من الحذر من أن يتم تأويل كلام لمعاقبة كاتبه، أو يتم ترصده في قضايا أخرى مدنية في أحيان متعددة.
ما يمكن أن يجعل هذه الأفراح تتضاعف هو أن يتم الإفراج عن معتقلي حراك الريف والنقيب السابق والمحامي محمد زيان، مما قد يزكي الأمل الذي يخالج الكثير من المغاربة بأننا فعلا أمام ربيع ثان مغربي خالص، لا ينتظر أن تهب نسماته على المنطقة كي يصحح المسار ويزرع الأمل في نفوس جميع المغاربة.
على المسؤولين وعلى الشعب التقاط الرسالة من هذه الأفراح، والاشتغال على دعم مسار بناء مغرب قوي سياسيا، اقتصاديا، ديبلوماسيا، اجتماعيا، وقيميا.