story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

غياب التشاركية ومخالفة مبادئ أساسية.. محامٍ يقدم قراءة نقدية في قانون المسطرة الجنائية

ص ص

قدم المحام بهيئة الدار البيضاء ورئيس الفضاء المغربي لحقوق الانسان محمد النويني، في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، قراءة نقدية في مضامين قانون المسطرة الجنائية، التي دخلت مضامينها حيز التنفيذ خلال الأسبوع الماضي.

فعلى مستوى الشكل، انتقد النويني “غياب طابع التشاركية في مراحل وضع القانون ونقاشه، وتغييب المعنيين الأساسيين به وهم الحقوقيون والمحامون ومنظمات المجتمع المدني”، كما سجل “غياب” الشرعية السياسية، إذ صودق على مضامين القانون الجديد من طرف مجلس النواب من قبل أقلية برلمانية، 130 من أصل 395، وكذلك الأمر في مجلس المستشارين حيث صوت لفائدته 24 مستشارا من أصل 120.

ومن أبرز الملاحظات التي قدمها “غياب دراسة الأثر، رغم ما ينص عليه المرسوم رقم 2.17.585، وعدم إحالة المشروع على المحكمة الدستورية وفق الفصل 132 من الدستور، ما يحرم القانون من ضمانة أساسية لاحترام الحقوق والحريات الدستورية”.

كما أشار النويني إلى “رفض التعديلات المقدمة من الفرق النيابية، وما يعكسه ذلك من تهميش للصلاحيات التشريعية للبرلمان، ويُظهر أن القانون مر دون فتح بوابة للتعليقات أو التشاور مع مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في المجالات الجنائية”.

وعلى مستوى السياسة الجنائية، سجل المحامي أن “القانون الجديد خالف مجموعة من المبادئ الأساسية، منها تحقيق العدالة، فصل السلطات، تيسير الولوج للعدالة، وضمان المحاكمة العادلة، خصوصا فيما يتعلق بتقييد تحريك الدعوى في الجرائم المالية والمراقبة الرقمية”.

وأشار إلى أن “القانون المذكور، يحصر تحريك الدعوى العمومية في الجرائم المالية بيد الوكيل العام للملك بناء على تقارير هيئات رسمية، ما يحد من دور الجمعيات والمجتمع المدني في التبليغ عن هذه الجرائم، ويضعف آليات الرقابة المجتمعية”.

أما فيما يتعلق بحقوق الدفاع، فلاحظ النويني أن “القانون الجديد لم يكفل حضور المحامي الفعلي منذ اللحظة الأولى للحراسة النظرية، إذ رُبط ذلك غالبا بإذن من النيابة العامة ومدة محدودة للزيارة، ما يضعف قدرة المحامي على متابعة موكله ومراقبة إجراءات الاستجواب”.

كما أشار إلى “غياب آليات واضحة للاطلاع على الملف ومتابعة المحاضر خلال البحث التمهيدي، فضلاً عن تقييد دور المحامي أثناء الاستجواب، ما يقلل من استقلاليته ويضعف ضمانات الدفاع بالمقارنة مع النظم الفرنسية والأمريكية والإسبانية”.

وإلى جانب ذلك، اعتبر المتحدث أن “غياب الجزاءات الصريحة على خرق حقوق الدفاع يمثل خللا كبيرا، إذ يترك التشدد في الإجراءات مجرد نصوص شكلية دون أثر عملي”، مضيفا أن “المادة 751 الجديدة تركت المجال للجهة القضائية لتقرير البطلان أو الاكتفاء بعدم اعتبار الإجراء، مما يثير غموضا كبيرا في التطبيق”.

كما انتقد “رفع مبلغ الضمانة إلى 5000 درهم، ما يعيق الولوج إلى محكمة النقض، ويضع عقبة مالية أمام المتهمين للحصول على مراجعة قضائية تهدف إلى تصحيح الأخطاء المحتملة في محاكم الموضوع”.

وسجل المحامي ملاحظات أخرى تتعلق بحقوق المشتبه فيه خلال البحث التمهيدي، خصوصاً في ما يتعلق بالاطلاع على الأدلة وتقديم الملاحظات، مؤكدا أن “القانون لم يراع ما جاء في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، مثل تمتيع المشتبه فيه بحق العلم بجميع أدلة الإثبات وحقه في مؤازرة محام خلال جميع مراحل البحث”.

من جهة أخرى، أثارت مواد القانون الجديد المتعلقة بالتحقق من الهوية والاحتجاز المؤقت انتقادات بدورها، “إذ منحت الضابطة القضائية صلاحيات واسعة للإيقاف لفترات تصل إلى 12 ساعة، مما يمس بحرية الأفراد وقرينة البراءة التي نص عليها القانون نفسه”، على حد تعبير المتحدث.

كما لاحظ المصدر ذاته، أن “المادة 49 تمنح الوكيل العام للملك إمكانية تحويل الجناية إلى جنحة في حالات محددة، ما يخلق تدخلًا في الفصل بين وظائف الاتهام والحكم ويضعف استقلال القضاء، فضلاً عن تضييق إمكانية الطعن في الأحكام الابتدائية، بما يمس حق المتهم في درجات التقاضي”.

وأخيراً، أشار النويني إلى أن “بعض مواد القانون لم تتلاءم مع فلسفته العامة، حيث منح الوكيل العام سلطة واسعة لتقدير تحريك الدعوى العمومية وممارسة السياسة الجنائية، في تناقض مع مبدأ النظام الاتهامي المغربي القائم على التقديرية وليس النظام القانوني الأوتوماتيكي”.