غرامات متتالية وتحديات مستقبلية تطيح بأحيزون من رئاسة “اتصالات المغرب”

بعد أزيد من ربع قرن على رأس “اتصالات المغرب”، أعلن مجلس الرقابة في شركة اتصالات المغرب عصر الثلاثاء 25 فبراير 2025، عن إنهاء مهام الرئيس التنفيذي للشركة عبد السلام أحيزون، وتعيين مكانه محمد بنشعبون، الرئيس السابق للوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات (ANRT)، الذي يشغل حالياً منصب مدير صندوق محمد السادس للإستثمار.
ولم يأت هذا التغيير الذي انتظره كثيرون من فراغ، وذلك بالمظر للإخفاقات الكثيرة التي راكمتها الشركة في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها الخسائر المالية الكبيرة التي بلغت قيمتها 12 مليار درهم والتي تكبدتها خلال السنوات القليلة الماضية بسبب مخالفات تنظيمية، مما أثار خيبة الشركاء الإمارتيين، المساهم الرئيسي في الشركة بحصة 52%، والذين اعتبر البعض أنهم ضغطوا بشكل كبير لإقالة أحيزون.
غرامات متتالية
تكبدت شركة اتصالات المغرب خسائر مالية كبيرة خلال السنة الماضية، خصوصًا بعد خسارتها المعركة القضائية التي استمرت لأزيد من سنتين مع شركة “وانا”، المالكة للعلامة التجارية “إنوي”، والتي انتهت بتغريم “اتصالات المغرب” بمبلغ تجاوز 6.3 مليار درهم، لينضاف الحكم إلى قائمة من العقوبات، من بينها عقوبتان إداريتان من قبل وكالة تنظيم الاتصالات (ANRT).
ولم يقتصر الأمر على ذلك فحسب، حيث غُرِم فرع الشركة الموريتاني بغرامة قدرها 79 مليون درهم، من طرف سلطة تنظيم الاتصالات في موريتانيا، وذلك بسبب عدم التزام الشركة “بمتطلبات الجودة في بعض المناطق والمحاور الطرقية”.
في الوقت ذاته، أفادت تقارير إعلامية أن شبكة قنوات “بي إن سبورت” القطرية قد بدأت اتخاذ خطوات قانونية ضد شركة “اتصالات المغرب” بالإضافة إلى شركتي “ميدي تيليكوم” و”وانا كوربوريشن”، متهمة إياها بالقيام بدور الوسيط في عمليات قرصنة محتوى قنواتها.
“ضغط إماراتي”
“خيبة الأمل” الناتجة عن تغريم اتصالات المغرب وصل مداها إلى مجموعة “إي آند جروب” الإماراتية، المساهم الرئيسي في شركة “اتصالات المغرب”، بحصة 52 بالمائة، والتي هددت بشكل غير مباشر بسحب استثمارها من المجموعة.
وفي هذا السياق، كان الرئيس التنفيذي للمجموعة الإماراتية حاتم دويدار قد أكد أن “كل الخيارات مطروحة بخصوص استثمار المجموعة في اتصالات المغرب في ظل الإحباط المتكرر الناجم عن المخالفات التنظيمية والأحكام القضائية، بالإضافة إلى القرارات التي تحد من قدرة اتصالات المغرب على المنافسة في السوق”.
وتشير تقارير إعلامية متطابقة إلى أن الشركاء الإماراتيين ضغطوا بشكل كبير لإقالة أحيزون من منصب الرئيس التنفيذي للشركة، خصوصًا بعد توالي القرارات القضائية التي كلفت اتصالات المغرب أكثر من 12 مليار درهم (أكثر من 1.2 مليار دولار) خلال السنوات القليلة الماضية.
أداء سلبي خلال سنة 2024
نظرًا للغرامات المالية المتتالية، بالإضافة إلى حجم الضريبة على الشركات، أفادت وحدة أبحاث مالية تابعة لبنك (CFG) أن صافي الدخل المعدل للمجموعة، الذي يستثني التأثيرات الضريبية بالإضافة إلى الالتزامات المالية غير المتكررة كالتسويات القضائية، تراجع بنسبة 65.9% خلال سنة 2024، ليصل إلى 1.8 مليار درهم، مقارنة بـ 5.3 مليار درهم في السنة المالية 2023.
في ظل هذه الخسائر، تواجه “اتصالات المغرب”، وفقًا لتحليل وحدة الأبحاث ذاتها، تحديات أخرى تتعلق بالبيئة التنظيمية التي باتت أكثر صرامة، بالإضافة إلى المنافسة المتزايدة، وكذا تطورات تكنولوجية تعيد تشكيل أنماط استهلاك المستخدمين على غير ما كانت عليه خلال السنوات الماضية.
ومن خلال استقراء ذات المعطيات، يظهر تأثر المجموعة بهذه التحولات على مستوى أدائها في السوق المحلية، حيث سجلت تراجعًا بنسبة 3.1% في قاعدة عملائها للهاتف المحمول في المغرب، فيما انخفض عدد المشتركين في الإنترنت الثابت والهاتف الثابت بنسبة 7.4% و7.3% على التوالي.
كما تبرز (CFG Research) أن إيرادات اتصالات المغرب في السوق المحلية تراجعت بنسبة 2% في 2024، لتصل إلى 19.143 مليار درهم، كما تراجعت إيرادات الهاتف المحمول بنسبة 5.5% لتستقر عند 10.992 مليار درهم.
وأمام هذا الانخفاض، تظل أنشطة المجموعة على المستوى الدولي محركًا رئيسيًا للنمو على المدى القريب والمتوسط، خصوصًا في ظل التوقعات بنمو الطلب في القارة السمراء، مدفوعًا بالنمو الديمغرافي الكبير الذي تعرفه القارة، والذي جعلها أكثر القارات نموًا في العالم.
تحديات مستقبلية
من المتوقع أن تطلق الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات (ANRT)، خلال الأسابيع المقبلة، طلب العروض الخاص بتراخيص شبكة الجيل الخامس (5G)، وذلك بهدف الوصول إلى تغطية 25% من سكان المغرب بحلول 2026، قبل أن يقفز الرقم إلى 70% بحلول 2030، وفقًا لخارطة استراتيجية المغرب الرقمي التي وضعتها وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.
وفي ظل هذا الوضع، من المتوقع أن يرتفع الإنفاق الرأسمالي (CAPEX) في المغرب على المدى القصير لضمان التنفيذ الفعّال لنشر شبكة 5G، بحيث تعوّل المجموعة على هذا التطور لاستعادة جاذبيتها أمام المستثمرين في بورصة الدار البيضاء.