غرامات بدون حد أقصى وتقييد للولوج للمحاكم.. تفاصيل انتقادات المجلس الوطني لحقوق الإنسان لـ”المسطرة المدنية”
لا زال الجدل قائما حول مشروع قانون المسطرة المدنية، بين السياسيين والمهنيين الذين يرون فيه مشروعا غير دستوري، ويحذرون من مسه بحقوق المتقاضين، والحكومة التي تدافع عن مقتضياته ودستوريتها.
وفي الوقت الذي يتجه مجلس النواب نحو إحالة المشروع على المحكمة الدستورية، يطرق المحامون الرافضون له أبواب وساطة أخرى، منها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
المجلس، سبق له أن أصدر رأيا خاصا في صيغة مسودة المسطرة المدنية، بطلب من وزير العدل عبد اللطيف وهبي في فبراير 2022، وحذر من مغبة حرمان المواطنين من حق التقاضي على درجتين، وانتقد الرفع من الغرامات الذي حمته المسطرة، مؤكدا على ضرورة البحث عن حلول أخرى بديلة لتخفيف الضغط عن المحاكم من غير الاقتصار على تقييد ممارسة بعض الطعون أو تقليص الولوج إلى بعض المساطر بالرفع من الغرامات لفائدة الخزينة العامة.
المجلس استقبل اليوم الثلاثاء 6 غشت 2024 المحامين الغاضبين من مشروع قانون المسطرة المدنية، وذكر بالرأي الذي سبق له أن أصدره في مسودتها.
تكريس تمييز بين المتقاضين
وفي التفاصيل، انتقد المجلس الوطني لحقوق الإنسان مسودة المسطرة المدنية، لكونها اتجهت إلى تقليص نطاق المقررات القضائية القابلة للطعن بالاستئناف، وقصرتها على القضايا التي تتجاوز قيمة الطلبات بشأنها 50 ألف درهم، كما قصرت إمكانية الطعن بالنقض على الأحكام الصادرة في الطلبات التي تتجاوز فيمتها 100 ألف درهم.
ويقول المجلس في رأيه أنه إذا كان الهدف من التقيد المذكور تخفيف الضغط على محاكم الاستئناف ومحكمة النقض التي تعرف تزايدا في القضايا المعروضة عليها، فإن التقييد يجب أن يظل متناسبا مع الهدف الذي تقرر من أجله، وأن يستحضر تأثيره على مجموعة من المتقاضين، خصوصا من بعض الفئات الهشة كالأجراء والمستهلكين والتي من شأن المقتضيات المذكورة حرمانها من ضمانات التقاضي على درجتين، وإمكانية الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة ضدهم، وتكريس التمييز بين المتقاضين بناء على قيمة الطلب.
رفع من مبالغ الغرامات
ويقول المجلس إن المسودة تميل إلى الرفع من مبالغ الغرامات المالية المقررة لفائدة الخزينة العامة بما من شأنه أن يحد من الحق في الولوج إلى العدالة، من أمثلة ذلك المادة 153 المتعلقة بتحقيق الخطوط، والمادة 168 المتعلقة المتعلقة برفض ادعاء الزور والمادة 344 المتعلقة برد الطعن الغير الخارج عن الخصومة والمادة 405 المتعلقى برفض طلب التشكيك غير المشروع والمادة 430 المتعلقة برفض طلب إعادة النظر، وهي نفس الانتقادات التي وجهها انلواب للمشروع بعد إحالته على المؤسسة التشريعية.
كما يلاحظ المجلس عدم ربط الغرامات المقررة عند سلوك طرق الطعن الاستئنافية بثبوت خطأ المتقاضي أو سوء نيته أو تعسفه، خلافا لبعض التشريعات المقارنة كقانون المسطرة المدنية الفرنسي.
غرامات بدون حد أقصى
في نفس السياق يلاحظ المجلس أن المسودة لم تحدد حدا أقصى لبعض الغرامات، إذ نصت المادة 419 من المسودة على غرامة لا تقل عن 15 ألف درهم في حال استعمال أقوال تتضمن إهانة للقضاة بمسطرة مخاصمة القضاة، وكذلك الشأن بالنسبة لغرامة المدعي عند رفض المخاصمة وغرامة عدم قول طلب إحالة من أجل التشكك المشروع
ويرى المجلس أن عدم تحديد الحد الأقصى للغرامات المذكورة، من شأنه أن يمنح للمحاكم سلطة تقديرية شاسعة قد تؤدي إلى المغالاة في تحديد الغرامات المذكورة خصوصا وأن الحد الأدنى المقرر بنفس المواد مرتفع مقارنة مع الغرامات المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية الحالي.
ويؤكد المجلس على ضرورة البحث عن حلول أخرى بديلة لتخفيف الضغط عن المحاكم من غير الاقتصار على تقييد ممارسة بعض الطعون أو تقليص الولوج إلى بعض المساطر بالرفع من الغرامات لفائدة الخزينة العامة.