عزيز غالي منّا وإن خالفناه الوعي والموقف

أنا من أشد المخالفين لعزيز غالي، وأصفه وغيره من أصحاب توجهه بـ”اليسار العولمي”، وقد كتبت كتابي “مغربية الصحراء في أدبيات اليسار الوطني: ردّا على اليسار العولمي” من وحي امتعاضي الفكري والسياسي الشديد من موقفه ووجهة نظره التي لا أتوانى في وصفها بالعولمية والعدمية والخروج عن المنهج الماركسي في النظر..
هذا نقاش معروف عند الذين يناقشونني أو أولئك الذين يتابعون مواقفي، لكنني أرى التضامن مع عزيز غالي في ما يحصل له واجبا وطنيا ومغربيا؛ بغض النظر عن حيثيات موضوع الرحلة (“أسطول الصمود”) ورهاناتها.. أرى التضامن مع عزيز غالي واجبا وطنيا لاعتبارين:
1-لأنه أسيرٌ اليوم لدى احتلال إمبريالي يميني متطرف، وإذا كنا نخالف عزيز غالي في بعض القضايا الوطنية فإن خلافنا معه لا يبلغ حدة تناقضنا مع المحتل الفعلي لفلسطين، ومن خلالها التراب العربي الأبي الذي تدنسه الأيادي الصهيونية منذ 1948 م.
2-لأنه مغربي وحامل للجنسية المغربية تمتع بحريته السياسية والحقوقية في بلده، وقال ما يشاء في وطنه.. ومهما كان مبلغه من الوعي فقد مارسه في بلده وبين مواطني بلده دون أن يلحقه مكروه. إن “يدنا منا وإن كانت من جذام”.. وليس الشعب المغربي بالشعب “المقطوع” حتى يفرّط في أبنائه، كيفما كانت آراؤهم، لدى كيان محتل.
3-لأن استهداف غالي باحتجازه لا يخلو من رسائل مشفرة إلى الأمة المغربية جمعاء، ولذلك فلا أتصور أن المؤسسات المغربية المسؤولة عن الملف ستستثنيه من تدخلها وترافعها السياسي والدبلوماسي.. فليس ذلك ممَّا تسمح الدولة المغربية بأن يسجَّل عليها في مواجهة كيان محتل يشتغل بمنطق “توظيف التناقضات واستغلالها”، كذا بمنطق “جس النبض لدى أمة في علاقتها بمواطنيها ورعاياها”.
4-لأن “الخصوصية السياسية المغربية” تأبى الشوفينية، خاصة في ما هو تكتيكي؛ فعزيز غالي وإن شذ بهذا الموقف أو ذاك عن الإجماع الوطني في هذه القضية أو تلك؛ وإن كان كذلك فإنه ينتمي إلى “خصوصية سياسية” تحتوي كافة الفاعلين وتستثمر خطاباتهم ضمن استراتيجيتها.. الدفاع عن عزيز غالي دفاع عن جزء من هذه “الخصوصية”، وعن ورقة من أوراقها إن صح التعبير!
في حالات مثل هذه يجب الترفّع عن الاختلافات الإيديولوجية، وغض الطرف عن الخلافات الكبرى، بما فيها تلك التي تتعلق بقضية وطنية كالصحراء المغربية.. في لحظة كهذه لا نجد أنفسنا إلا مدافعين عن مواطن مغربي محتجز لدى الاحتلال “الإسرائيلي”..
فعسى أن يعود، وعسى أن نقنعه، وعسى أن يصبح قوة من قوى الأمة في مواجهة الاستهداف الأجنبي في الصحراء المغربية وفي غيرها.. هذا هو ما نراه منطقا سليما في تشبث أمة بما به تقوم، أي بشعبها ومواطنيها..
والسلام.