عبد اللطيف بوهلال.. دفعته أوضاع المغرب إلى الهجرة وحولته قوانين إسبانيا إلى متشرد
عندما وصل عبد اللطيف بوهلال إلى جزيرة جران كناريا الإسبانية، كان وحيدا وعمره لا يتجاوز 15سنة، بعدما نجا من رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر، من المغرب نحو جزر الكناري، على متن قارب صغير متهالك.
وقد أمضى بوهلال ثلاث سنوات في مركز استقبال للقاصرين غير المصحوبين بذويهم، حينما نجح في الوصول إلى جزر الكناري، ولكن عندما بلغ سن الرشد، اضطر إلى مغادرة المركز والبحث عن مأوى يقيه شر العراء.
وقال الشاب المغربي الذي ينحدر من مدينة بني ملال لوكالة رويترز إنه بسبب بطء السلطات الإسبانية في معالجة الوثائق التي يحتاجها باعتباره أجنبيا حتى يتمكن من العمل في إسبانيا، يكون مجبرا على النوم في العراء والتسول للحصول على المال.
وأوضح بوهلال، الذي دفعته الظروف الاجتماعية الصعبة إلى الهجرة، أنه يضطر في الليالي العاصفة، إلى تغطية رأسه ببطانية لحماية عينيه من التراب المتطاير حوله، مضيفا أنه لا يتوفر إلا على عدد قليل من الألبسة المستعملة، يضعها داخل علبة كرطون، وبعض الشموع لإضاءة ليله الموحش.
وتحدث للوكالة، من خيمة مؤقتة على شاطئ إل كابرون في بلدة أريناجا: “في نفس اليوم الذي بلغت فيه الثامنة عشرة من عمري، ألقوني في الشوارع مثل الكلب”.
ويحق للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا والذين يهاجرون إلى إسبانيا بمفردهم الحصول على الحماية والمساعدة الحكومية بموجب القانون، ولكن هذه الحماية تنتهي بمجرد أن يصبح الأشخاص بالغين.
إن قصة بوهلال هي قصة يعيشها آلاف المهاجرين الشباب الذين يركبون رحلة محفوفة بالمخاطر على طريق المحيط الأطلسي المميت، من أجل الوصول إلى جزر الكناري، بحثا عن عمل من أجل تحسين ظروفهم المادية والاجتماعية الصعبة.
وتقول وكالة رويترز، إنه قد وصل حوالي 19 ألف مهاجر، معظمهم من غرب أفريقيا، إلى الجزر في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 167% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقًا لأرقام حكومية إسبانية.
وقد أدت الخلافات بشأن سياسة الهجرة في إسبانيا، إلى إحداث شريخ بين حزب الشعب المحافظ وحزب فوكس اليميني المتطرف، اللذان يسيران معا خمس محافظات إسبانية، وذلك عندما دعم حزب الشعب المحافظ خطة للحكومة المركزية التي يقودها الاشتراكيون في إسبانيا لنقل نحو 400 مهاجر دون سن 18 عاما من جزر الكناري إلى البر الرئيسي للقارة الإفريقية.
وقال بوهلال إنه عندما يتسول لجمع بعض المال، يواجه معضلة ما إذا كان ينفقه على الطعام أو لاقتناء تذاكر القطار من أجل التنقل إلى مدينة لاس بالماس عاصمة الجزيرة لحضور مواعيد مع السلطات هناك من أجل تسوية وثائق الإقامة الخاصة به.
وأشار الشاب المغربي إلى أنه لم يرى والدته منذ ثلاث سنوات ونصف، ولا يملك هاتفا للتواصل معها، موضحا أنه حينما يغلق عينيه كل ليلة يتخيل نفسه يتناول العشاء معها ومع أخته الصغيرة. وأضاف: “عدم التحدث معها يؤلمني حقا”.