عام ونصف في الشارع.. حقوقيون يراسلون رئيس الحكومة لإنصاف عمال “سيكوميك”
طالب سياسيون ونقابيون وحقوقيون رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، بالتدخل العاجل والفوري لإنصاف عاملات وعمال شركة سيكوم/سيكوميك بمدينة مكناس، ووضع حد لمعاناة اجتماعية وإنسانية مستمرة منذ ما يقارب خمس سنوات.
وأكد الفاعلون، في مراسلة مفتوحة وُجِّهت إلى رئيس الحكومة، أن أزيد من 500 عاملة وعامل وجدوا أنفسهم ضحايا ما وصفوه بـ“التحايل الممنهج على القانون”، منذ إعلان إفلاس الشركة في نونبر 2021، دون التوصل إلى حل عادل ومنصف، رغم تعدد المراسلات والاحتجاجات والاعتصامات.
حل بيد الحكومة
وفي هذا السياق، قال عضو اللجنة الوطنية لدعم عاملات وعمال سيكوم/سيكوميك بمكناس، معاد جحري، خلال ندوة صحافية عُقدت يوم الخميس 25 دجنبر 2025، إن الحل المأمول “يوجد بيد رئيس الحكومة”، التي يقع على عاتقها تحمّل المسؤولية المالية لهذا الملف، سيرًا على ما قامت به حكومات سابقة في ملفات اجتماعية مماثلة.
من جهتها، أشادت عضو اللجنة الوطنية، خديجة عناني، بـ“مدى صلابة وقوة” عاملات الشركة في مواجهة “ما يتعرضن له من تضييق”، على خلفية اعتصامهن المتواصل منذ نحو سنة ونصف. وقالت عناني، في الندوة الصحافية ذاتها: “قمنا بزيارة المعتصم، وهو وضع كارثي بكل المقاييس، في ظل ظروف صعبة، حيث تعاني عدد من العاملات من أمراض مزمنة”.
كما نظم العمال والعاملات، مساء اليوم نفسه، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات بالرباط، “لوضعها أمام مسؤولياتها في إيجاد حل عادل ومنصف للضحايا”، بحسب المتحدثة ذاتها، التي نبهت إلى أن معاناة العمال مستمرة على خلفية تسريحهم “ضدًا على القانون، وفي إنكار تام لحقوقهم، وتجاهل من قبل السلطات المختصة بتطبيق القانون وإنصاف المتضررين”.
هذا وأوضحت المراسلة الموجهة إلى رئيس الحكومة أن أصحاب الشركة، المنتمين إلى عائلة التازي، لجؤوا إلى أساليب متعددة للتهرب من المسؤولية، من بينها إحداث شركات بأسماء مختلفة، وبيع أرض الشركة ثم إعادة كرائها، ونقل الآليات والعمال والإدارة بين شركات تابعة للمجموعة نفسها، دون علم أو موافقة المستخدمين، ما أدى إلى تشريد مئات الأسر.
نحو 500 عاملة مشردة
وأضافت المراسلة أن الشركة أعلنت التوقف عن العمل سنة 2017 بدعوى تراكم الديون، واستفادت من دعم مالي عمومي مهم ومن إعفاءات من متأخرات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وكراء العقار، لكنها استمرت في الممارسات نفسها إلى أن أعلنت إفلاسها النهائي سنة 2021، مخلفة 520 عاملًا، من بينهم 460 عاملة، في وضعية بطالة وتشريد.
وأشارت الهيئات الموقعة، التي يفوق عددها 20 هيئة حقوقية ونقابية وسياسية، إلى أن العمال والعاملات خاضوا سلسلة طويلة من الأشكال النضالية، شملت وقفات ومسيرات واعتصامات، انتهت باعتصام مفتوح منذ يوليوز 2024، وسط مدينة مكناس، في ظروف مناخية وإنسانية قاسية، وتحت طائلة التضييق والاعتداءات.
وكشفت المراسلة عن تداعيات خطيرة لهذه الأزمة، إذ يعاني حوالي 50 في المائة من العمال والعاملات من أمراض مزمنة، مع تسجيل 6 حالات وفاة، وإصابة قرابة 10 في المائة بأمراض خطيرة، من بينها السرطان، وفقدان البصر، والشلل النصفي.
وحملت الهيئات الموقعة الدولة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، داعية إلى تدخل حكومي عاجل، وتحمل المسؤولية السياسية والاجتماعية، أسوة بملفات اجتماعية سابقة، من أجل التوصل إلى حل عادل ومنصف يعيد الاعتبار لكرامة العاملات والعمال، وينصفهم اجتماعيًا وقانونيًا.
ومن بين الهيئات الموقعة على المراسلة، الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وترانسبرانسي المغرب، وجمعية أطاك المغرب، والفضاء المغربي لحقوق الإنسان، إلى جانب كل من الجمعية المغربية لحماية المال العام، وحزب النهج الديمقراطي العمالي وجمعية الأيادي المتضامنة.
اعتصام متواصل
وفي حديثها عن ظروف الاعتصام، قالت مونيا هل حمنا، إحدى عاملات شركة سيكوم/سيكوميك، إن العاملات والعمال يعيشون أوضاعًا “قاسية جدًا” منذ فصلهم من العمل، موضحة أنهم يعتصمون ليلًا ونهارًا منذ أكثر من سنة، في مواجهة ظروف مناخية صعبة، بين حرارة الصيف القاسية وبرد الشتاء القارس، وهي ظروف تزداد حدة بمدينة مكناس.
وأضافت هل حمنا، في حديث مع صحيفة “صوت المغرب”، أن طول مدة الاعتصام فاقم من حجم المعاناة والضغط النفسي والاجتماعي، في ظل “صمت غير مبرر” من طرف المسؤولين عن هذا الملف، معتبرة أن هذا الصمت يصب في مصلحة صاحب الشركة، الذي يتمتع، حسب قولها، بنفوذ واسع داخل مدينة مكناس وخارجها.
وأوضحت المتحدثة أن رب العمل، وبدعم من بعض الجهات القانونية، تمكن من التضييق على العمال والعاملات، بل ومن “إسكات المؤسسات المعنية”، رغم الوضع المأساوي الذي يعيشونه، مشيرة إلى أنه لم يكن يتوقع، عند إغلاق الشركة، أن يستمر نضالهم لأربع سنوات كاملة، أو أن يصلوا إلى مرحلة الاعتصام المفتوح.
وتساءلت العاملة المحتجة عن الجهة التي يفترض أن تفصل في هذا النزاع، قائلة: “من يحكم بيننا وبين الطرف الآخر؟”، في إشارة إلى غياب دور كل من وزارة الشغل ووزارة الداخلية، اللتين كان من المفترض، بحسبها، أن تتدخلا لإنصاف المتضررين.
كما أبرزت هل حمنا أن العمال والعاملات يعيشون اليوم في الشارع، وسط مدينة مكناس، وتحديدًا بحي حمرية، في خيام بلاستيكية وأوضاع “تحزّ في النفس”، تشبه مخيمات اللاجئين أو ضحايا الكوارث، وذلك أمام مرأى ومسمع الجميع، ودون أي تحرك رسمي يذكر.
وأكدت المتحدثة أن الدولة، في مثل هذه الملفات، “تضحي بالحَلَقة الأضعف ولا تضحي بالباطرون”، لكنها شددت على أن هذه الحلقة الضعيفة “لن تبقى ضعيفة إلى الأبد”، وأن العاملات والعمال ماضون في نضالهم إلى حين انتزاع حقوقهم.
وختمت تصريحها بالتعبير عن أسفها لما وصفته بتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، معتبرة أن استمرار هذا الوضع يسيء إلى صورة مدينة مكناس، ويقوّض كرامة مواطنيها، خاصة في ظل ظروف خطيرة، من بينها بقاء النساء والأطفال في الشارع، حتى خلال أحداث استثنائية، مثل الزلزال الذي عرفته المدينة الليلة الماضية.