عام على زلزال الحوز.. مهندسان يبتكران عوازل مضادة
تداعيات زلزال الحوز المدمر الذي ضرب مدنا مغربية قبل عام لا تزال تلقي بظلالها على الحياة السياسية والشعبية في المملكة، بينما تتواصل الجهود لتحسين واقع البنية التحتية بشكل يمكنها من مواجهة الهزات الأرضية.
وكشف المهندسان أسامة حميش وياسين لبيوي، وهما من خريجي المدرسة المغربية لعلوم الهندسة، عن نتائج أبحاثهما لتزويد المملكة وللمرة الأولى، بعوازل أرضية تهدف إلى تحسين مقاومة المباني للزلازل والهزات الارتدادية.
وفي 8 شتنبر 2023، ضرب زلزال بقوة 7 درجات مدنا بينها مراكش والحوز وشيشاوة وورزازات، وتارودانت، مخلفا 2960 قتيلا و6125 مصابا، إضافة إلى دمار مادي كبير، وفقا لوزارة الداخلية.
وبعد 19 يوما، استحدثت الرباط وكالة متخصصة لإعادة الإعمار، وأطلقت في 15 فبراير “البرنامج الاستعجالي لمكافحة آثار البرد بالمناطق المتضررة من الزلزال”، و”برنامج تأهيل الغابات وتهيئة الأحواض المائية”، بميزانية 2.84 مليار درهم.
ووفق إحصاءات رسمية، بلغ عدد المتضررين من الزلزال 2.8 مليون نسمة، فيما بلغ عدد القرى المتضررة 2930 قرية.
وبخصوص المساكن التي انهارت، فقد بلغ عددها 59 ألفا و675، 32 في المئة منها تهدمت كليا، فيما تهدمت المساكن الأخرى جزئيا.
والاثنين، أعلنت الحكومة المغربية استمرار أعمال البناء في 49 ألفا و632 منزلا متضررا، فيما أكملت ألف أسرة إعادة بناء منازلها، بعد عام على وقوع زلزال الحوز.
جاء ذلك خلال الاجتماع الحادي عشر للجنة الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، ترأسها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، وفق بيان لرئاسة الحكومة.
ودعت اللجنة إلى ضرورة حث باقي الأسر المتضررة على تسريع أعمال إعادة بناء وتأهيل منازلها، حتى يتسنى لها الاستفادة من باقي دفعات الدعم.
وقال البيان إن 57 ألفا و805 عائلات استفادت من 20 ألف درهم دفعة أولى لإعادة بناء وتأهيل منازلها، وذلك بقيمة مالية تقدر بـ 1.2 مليار درهم.
وأشار إلى استفادة 97 بالمئة من الأسر المتضررة من الدعم، حيث تلقت 20 ألفا و763 أسرة الدفعة الثانية، واستفادت 8813 أسرة من الدفعة الثالثة، و939 أسرة من الدفعة الرابعة والأخيرة.
ووفق بيان سابق للحكومة، ستستفيد كل أسرة من الأسر المتضررة من 4 مراحل من الدعم، بلغت قيمتها إجمالا 140 ألف درهم لأصحاب المساكن التي انهارت بشكل تام.
بينما تبلغ قيمة الدعم 80 ألف درهم (8 آلاف دولار) لتغطية أعمال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.
الحاجة أم الاختراع
المهندس حميش قال إن “الفكرة جاءت انطلاقا من الحاجة الماسة لتحسين الأمان وديمومة البنية التحتية لمواجهة الزلازل”.
وأضاف: “نحن في أمس الحاجة إلى مشاريع واختراعات للوقاية من الزلازل وإنقاذ أرواح المواطنين، خاصة بعد زلزال الحوز المدمر، حيث ازداد الاهتمام بالهياكل المقاومة للزلازل”.
وبشأن هدف المشروع، يؤكد المهندس حميش أن “هدفنا الرئيسي تطوير عوازل زلزالية تناسب الظروف الجيولوجية في المغرب، وتوفر حلولا فعالة لتحسين مقاومة المباني للهزات الأرضية”.
وفيما يتعلق بالخطوات المنجزة، أوضح: “اشتغلنا على عمليات حسابية ديناميكية تهدف إلى تصميم العوازل الزلزالية لكل مناطق المغرب”.
وتابع أن “هذه العوازل الزلزالية تعمل على امتصاص وتشتيت الطاقة الزلزالية الناجمة عن الهزات الأرضية، ما يسمح بانتقال الطاقة للمبنى، ويقلل من الاهتزازات والأضرار المحتملة”.
ورأى حميش أن الهدف من الاختراع “تحسين أمان المباني وزيادة ديمومة البنية التحتية، وتقليل تكاليف البناء والصيانة، من خلال تقليل كمية الحديد مقابل زيادة الفعالية والأمان”.
من جانبه، أعرب المهندس لبيوي عن أمله “استثمار الاختراع الجديد في عمليات إعادة الإعمار بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز، واستعماله أيضا في المشاريع المقبلة بالبلد من أجل مبان آمنة”.
ودعا لبيوي “المستثمرين إلى دمج هذه التقنية في تصاميم مشاريعهم العمرانية، لأنها تعطي قيمة مضافة وتحقق الأمان”.
كما أوصى بـ”دمج أنظمة العزل الزلزالي في تصميم المباني لضمان أمان وديمومة البنية التحتية، وتقليل تكاليف البناء والإصلاح بعد الزلازل”.
واقترح “إعادة النظر في النصوص القانونية التقنية المتعلقة بالبناء لتتمكن من مواكبة آخر البحوث العلمية والاختراعات في مجال العزل الزلزالي”.
رأي الحكومة
وللاستماع إلى وجهة نظر الحكومة إزاء هذا التطور، حصلت الأناضول على تصريحات لمدير المعهد الوطني للجيوفيزياء ناصر جبور، قال فيها إن “أهم وسيلة لتفادي خطر الزلازل هو البناء المضاد لها”.
وأضاف مدير المعهد الحكومي: “بوجود أو غياب توقعات بشأن حدوث زلازل، يعتبر البناء السليم المضاد للزلازل هو الأنجع لأخذ الاحتياطات اللازمة دائما”.
وشدد جبور على أهمية “الاجتهاد والاطلاع على الأبحاث العلمية والمنشورات، وتكثيف البحث العلمي في مجال الوقاية من مخاطر الزلازل”.
ووفق المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، تظهر المؤشرات “حصيلة إيجابية” في مجال الاختراعات بالمملكة.
إذ قال المكتب على موقعه الإلكتروني، إنه “وفقا لمؤشر الابتكار العالمي الصادر في شتنبر الماضي، يظهر ترتيب المغرب أداء قويا”.
وأضاف: “يحتل المغرب المرتبة العاشرة حسب المؤشر المتعلق بإيداعات التصاميم حسب المنشأ وإجمالي الناتج الداخلي”.
الأناضول