story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
صحة |

طبيب: حالات انتقال السل من الحيوانات قليلة.. لكن الحليب غير المعقم يشكل تهديداً حقيقياً

ص ص

تسود حالة من القلق والارتباك في صفوف المواطنين في الفترة الأخيرة، بعد تداول معطيات على مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن ظهور أعراض مرض السل البقري بين بعض الأشخاص، قيل إنها ناتجة عن استهلاك الحليب غير المبستر ومشتقاته.

ولعل ما زاد من حدة هذا القلق، هو تداول هذه “الأخبار” من طرف عدد من “صناع المحتوى” الذين أشاروا إلى أن بعض المشاهير بدورهم أصيبوا بانتفاخ في العنق، مما أثار موجة من التساؤلات حول حقيقة انتقال داء السل من الحيوان إلى الإنسان عبر المواد الحيوانية، ومدى خطورة استهلاك الحليب غير المعقم على الصحة.

وفي إجابته على هذه الأسئلة، أوضح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، الطيب حمضي، أن مرض السل الذي يصيب الإنسان في أغلب الحالات ينتقل من إنسان إلى آخر، إذ يتم هذا الانتقال عبر الهواء، سواء من خلال التنفس أو السعال أو الاحتكاك المباشر، وهو ما يجعل هذا المسار الأكثر شيوعاً في انتقال العدوى.

ومع ذلك، أكد حمضي أن جرثومة السل لا تقتصر فقط على الإنسان، بل يمكن أن تُصيب أيضاً بعض الحيوانات، سواء الأليفة التي يربيها الإنسان كالقطط والكلاب والأبقار، أو حتى الحيوانات المتوحشة البعيدة عن الإنسان، إذ أوضح أن الأبقار، الغنم، والماعز تعتبر من بين الحيوانات التي يمكن أن تُصاب بالسل وتنقل الجرثومة للبشر في ظروف معينة.

وحسب منظمة الصحة العالمية، فإن حوالي 90% من حالات السل لدى الإنسان في عدد من الدول تُعزى إلى انتقال العدوى من الإنسان، بينما 10% فقط من الحالات تنتج عن انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان، وبناءً على ذلك، يوضح حمضي أن إمكانية انتقال العدوى من الحيوان تبقى واردة، لكنها أقل انتشارًا مقارنة بالانتقال بين البشر.

وفي هذا السياق، أوضح المتحدث ذاته أن “انتقال العدوى من الحيوان إلى الإنسان غالباً ما يحدث عندما يكون الحيوان مصاباً بداء السل، سواء ظهرت عليه الأعراض أم لا، نظراً لكون هذا المرض يتطور ببطء وتظهر أعراضه في مرحلة متأخرة، سواء لدى الإنسان أو الحيوان”، مشيرا إلى أنه “من الممكن أن يكون الحيوان حاملاً للجرثومة دون أن تظهر عليه علامات واضحة، وهو ما يزيد من خطر انتقال العدوى دون علم المربين”.

وأضاف أن العدوى من الحيوان إلى الإنسان يمكن أن تحدث إما عبر الاحتكاك المباشر مع الحيوانات المصابة، خاصة في الأوساط الفلاحية، حيث تنتقل إلى المزارعين والفلاحين، أو من خلال استهلاك منتجات هذه الحيوانات، مثل الحليب ومشتقاته، مبرزا أن الخطورة تكمن بشكل أكبر عند استهلاك هذه المنتجات دون تعقيم أو بسترة.

وفسر الطبيب أن الحليب غير المبستر أو غير المعالج حرارياً يُعد من أبرز وسائل انتقال السل من الحيوان إلى الإنسان، إذا كان مصدره أبقار أو أغنام مصابة بالمرض، كما أشار إلى أن اللحوم غير المطهية جيداً يمكن أن تُمثل بدورها خطراً على الصحة وانتقال هذا الداء للإنسان.

وتابع أنه في حال استهلك الإنسان حليباً أو مشتقات حليب ملوثة بجرثومة السل، غالباً ما يتطوّر لديه مرض السل على مستوى الغدد اللمفاوية، مشيرا إلى أن العدوى قد تمتد لتشمل أعضاء أخرى في الجسم، وهو ما يظهر أهمية التعامل مع الحليب ومشتقاته بحذر شديد.

في هذا الإطار، أوصى الطبيب حمضي “بعدم استهلاك الحليب غير المبستر أو غير المعقم، حتى وإن كان مصدره من ضيعات عصرية تخضع للمراقبة، لأن الجرثومة قد تكون حاضرة رغم غياب الأعراض على الحيوانات”، مضيفا أنه يُفضل شراء الحليب المعقم حرارياً وغليه جيداً قبل شربه لضمان قتل الجراثيم.

كما أكد المصدر ذاته، أن شراء الحليب من مصادر مجهولة أو من لدن باعة متجولين لا يخضعون لأي رقابة بيطرية أو صحية، هو تصرف ينطوي على مخاطر كبيرة، موضحا أن غياب شروط النظافة والمراقبة الصحية يزيد من احتمال وجود أمراض خطيرة قد تنتقل عبر هذا الحليب إلى المستهلكين.

وشدّد حمضي على أن المخاطر لا تقتصر على داء السل فحسب، بل إن الحليب غير المعالج حرارياً قد يتسبب أيضاً في أمراض أخرى، مثل التسممات الغذائية، والإسهال، والتقيؤ، واضطرابات الجهاز الهضمي. وقد تؤدي بعض هذه الحالات إلى الوفاة، وهو ما يؤكد، بحسبه، أهمية وعي المستهلك وضرورة اعتماد سلوكيات غذائية سليمة للوقاية.