طارق: مؤسسات الوساطة تواجه تحديات التحول الرقمي وتأمين المساواة في ولوج المرافق العمومية

أكد وسيط المملكة، حسن طارق، يوم الأربعاء 18 يونيو 2025 بالرباط، أن مؤسسات الوساطة في التجارب المقارنة تواجه اليوم أنماطا جديدة من الإشكاليات تتمحور حول أثر التحول الرقمي للإدارة لضمان حقوق المرتفقين وفعلية قيم العدالة والإنصاف وتأمين سلاسة الولوج المتساوي للمرفق.
وأوضح طارق، في كلمة خلال افتتاح يوم دراسي حول “دور وسيط المملكة بين تجويد الخدمات الإدارية ومعالجة اختلالات الحكامة.. قضايا الطلبيات العمومية والتعمير والإعلام نموذجا”، أن هذه التحولات تدعو إلى تجاوز لحظة الانبهار بالقدرات الخارقة للذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، وتصميم البرامج الحكومية، وتبسيط الإجراءات والاقتصاد في الزمن والجهد التنظيمي، نحو الانتباه الأقصى لقضايا حماية المعطيات الشخصية واحترام الخصوصية وعدم التمييز، ولتجنب التلاعب بالقرارات البشرية ضمن تأطير أخلاقي للذكاء الاصطناعي.
وسجل وسيط المملكة خلال هذا اللقاء، المنظم بشراكة مع مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن بجامعة الحسن الأول بسطات، أن انتشار الإدارة الرقمية يعيد مسألة التعاريف الكبرى للمرفق العام، وينقل هذا الأخير من منطق عمودي إلى بناء أفقي، ومن قاعدة التراتبية إلى واقع الشبكات، ومن المشروعية إلى النجاعة، ومن المصلحة العامة إلى الفعالية.
وأضاف أن بعض الإدارات تستعمل برامج المحادثة الآلية لتطوير التواصل المرفقي، مبرزا أنه حتى في حالة تطوير كفاية رقمية تستوعب ما لا يحصى من الحالات والإمكانات وتستطيع بسرعة سحرية تكييفها القانوني في ضوء ما اختزنته خوارزمياتها من مقتضيات تشريعية وتنظيمية، فإن قدرة هذه البرمجة الرقمية ستقف عاجزة عن تمثل الحاجة إلى “الإنصاف” عندما ترتبط بحالة حيف ناتج عن تطبيق صارم للقاعدة القانونية.
من جانبه، أكد مدير مختبر الأبحاث حول الانتقال الديمقراطي المقارن بجامعة الحسن الأول، عبد الجبار عراش، أن هذا اللقاء العلمي حول الوساطة المؤسساتية والحكامة الجيدة يأتي في إطار انفتاح الجامعة على المؤسسات الدستورية الوطنية وتعزيز الحوار العلمي حول القضايا الراهنة.
وأبرز أن هذا اللقاء يندرج ضمن الدينامية الأكاديمية التي تسعى إلى تعميق النقاش العلمي حول الأدوار المتعددة للمؤسسات الوسيطة، وعلى رأسها مؤسسة الوسيط، في تكريس الحكامة الجيدة وتعزيز الحقوق والتنمية، إضافة الى فتح المجال أمام “تفكيك وتحليل الوظائف التي تضطلع بها مؤسسة الوسيط باعتبارها آلية دستورية تهدف إلى حماية الحقوق وتدبير النزاعات الإدارية، فضلا عن أدوارها التنموية في دعم العدالة المجالية والإدارية”.
وأشار إلى أن المناقشات العلمية ستتمحور حول الوظائف المؤسساتية للوساطة، ودورها في ترسيخ قيم الحكامة الجيدة، في سياق التحول الديمقراطي الذي يشهده المغرب.
من جهته، أكد رئيس لجنة التنسيق لهذا اليوم الدراسي، سعيد رحو، في مداخلته على دور الفضاء الجامعي في بلورة آليات النقاش المفتوح في وجه مختلف المتدخلين في أفق مد الجسور بين المعرفة الأكاديمية والممارسة الميدانية في تدبير الشأن العام، في أفق إرساء شراكة بين المؤسسات لتحقيق التكامل بين الجانبين الأكاديمي والعملي.
وتتمحور أشغال هذا اليوم الدراسي حول مجموعة من الجلسات منها “قراءة في تقارير مؤسسة الوسيط حول الطلبات العمومية التقرير السنوي لـ2023 نموذجا”، و”اختصاصات اللجنة الوطنية المتعلقة بحل النزاعات في مجال الطلبيات العمومية”، و”مبدأ المنافسة في الصفقات العمومية المغربية بين القيود القانونية والقيود التعاقدية”، إضافة إلى “جوانب عملية من عمل مؤسسة الوسيط في مجال الصفقات العمومية”.
كما تتناول “الوساطة والتواصل آليات متكاملة لإدارة الأزمات”، و”دور مؤسسة وسيط المملكة في تنمية التواصل بين المواطن والإدارة”، وكذا “حكامة التدبير: المرافق العمومية بين الدستورية والرقابة.. قراءة في منجز مؤسسة الوسيط 2020-2024”.