story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
سياسة |

ضريف: غياب الملك عن وثيقة العدل والإحسان يعني أنها ليست ضد الملكية

ص ص

قال محمد ضريف، أستاذ القانون الدستوري جامعة الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء والخبير في الحركات الإسلامية في المغرب، عن غياب الملك عن تصور جماعة العدل والإحسان للوثيقة الدستورية التي تدعو إلى وضعها، هو “رسالة ترغب في ايصالها مفادها أننا لسنا ضد الملكية لأن الملك سيكون له دور رمزي في هذه الحالة”.

ورأى ضريف في صدور “الوثيقة السياسة” عن جماعة العدل والإحسان، محاولة من هذه الأخيرة للعودة إلى الساحة، “بعدما غابت مقارنة بالزمن الذي كانت تسيطر فيه على الفضاء الجامعي”.

واستعان ضريف بالمشاهد التي تظهر من حضروا الندوة التي نظمتها الجماعة يوم 2 فبراير 2024 للكشف عن وثيقتها، ليقول إن انتماءهم إلى اليسار يعني أن الوثيقة “موجهة للقبول بها من طرف القوى الأخرى، من يسار وليبراليين وغيرهم من المعتدلين”.
ورغم عدم اطلاعه على النص الكامل الوثيقة، قال ضريف إنه ومن خلال متابعته تسجيلا لحوار أجراه أخيرا عضو الدائرة السياسية للجماعة، حسن بناجح، رصد مجموعة من التناقضات في هذه الوثيقة، “كما هو الحال في الحديث عن توظيف الدولة للدين، بينما هو أحد مصادر الشرعية، خاصة في الدولة التقليدية التي تعتمد شرعية تاريخية، وبالتالي أنت كجماعة تسعى إلى الوصول إلى السلطة، ولك مرجعية دينية، هل ستتخلى عن الدين؟”.

وأوضح ضريف ردا على ملاحظة “صوت المغرب” غياب أي جزء يتعلق بصلاحيات واختصاصات الملك في “الوثيقة السياسية” التي قدمتها الجماعة أخيرا، أن الأمر يعبر عن انخراط في تصور دستوري حديث، يستند إلى كتاب “روح القوانين” الذي أصدره مونتيسكيو عام 1748، وكان قد قسّم السلطات داخل الدولة إلى “سلطة تشريعية، وسلطة منفذة للقانون العام (التنفيذية)، وسلطة منفذة للقانون الخاص (القضاء)”.

تقسيم قال ضريف إن جميع الدول تبنته في العصر الحديث، “وقد أصبح الفقه الدستوري المعاصر يستخدم هذه المصطلحات الثلاثة، وجميع الأنظمة الدستورية الديمقراطية نجد فيها فصلا بين هذه السلطات، وكون “الوثيقة السياسية” تستخدم هذه المصطلحات، هو انخراط في تصور حديث أو حداثي إن شئنا”.

تبني الوثيقة التي أصدرتها جماعة العدل والإحسان لتصور قريب من النظام البرلماني الذي يعطي السلطات الأساسية للمؤسسة البرلمانية، “لا ينفي وجود الملكية” حسب ضريف، والذي أوضح أن أكثر الدول استقرارا في أوربا حاليا هي ملكيات، “لكنها تعتمد النظام البرلماني، مثل بريطانيا واسبانيا وبلجيكا وهولندا والدانمارك، ولذلك فرسالة الجماعة التي ترغب في ايصالها هي أننا لسنا ضد الملكية، لأن الملك سيكون له دور رمزي في هذه الحالة، وما داموا يتحدثون عن نظام برلماني فهذا لا يعني أنهم ضد الملكية”.

وخلص ضريف إلى أن الكثير من المعارضين في المغرب هم ليسوا ضد مؤسسة الملك، “بل ضد الدور الذي يلعبه الملك لأنه يسود ويحكم”. وعن سبب صمت الجماعة عن طبيعة النظام السياسي الذي تتصوره في المغرب، قال ضريف: “لم يتحدثوا عن الملكية كي لا يلزموا أنفسهم بأي شيء، لكنها إشارة واضحة ومحاولة للاقتراب من المخزن بحفظ مكانة المؤسسة الملكية ضمن هذه الهندسة الدستورية”.

وأوضح ضريف، المختص في تدريس كل من مادتي النظرية العامة للقانون الدستوري والأنظمة الدستورية، أن هذه الملاحظة التي نقلتها إليه “صوت المغرب” لكون ظروفه الصحية تحول دون قراءته نص الوثيقة، “تعني أن الجماعة تنخرط في الفلسفة السياسية للأنظمة الدستورية، لأن العالم يعتمد مبدأ فصل السلطات، وهذا المبدأ، كان أول من قال به هو جون لوك في 1689، في كتابه الحكومة المدنية، حين قسّم السلطات إلى أربع: تشريعية وتنفيذية تدبر شؤون الداخل وسلطة اتحادية تدبر الشؤون الخارجية وسلطة الملك أو التاج، ولم يتحدث عن السلطة القضائية التي اعتبرها من اختصاص الملك”.

وأكد ضريف أن التصور الدستوري في المغرب ارتبط دائما بما أتى به جون لوك، “لهذا لم يُعتبر القضاء سلطة قبل دستور 2011، وكانت الدساتير السابقة تتحدث عن القضاء دون وصفه بالسلطة، لكونه ظل يعتبر من مهام إمارة المؤمنين”.