story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
تكنولوجيا |

ضربات الجزاء والترجيح.. من الإبتكار إلى  تعديلات كولينا

ص ص

ضربة الجزاء أو ركلة الترجيح هي أكثر مشاهد كرة القدم إثارة، فهي تحرك مشاعر المشجعين، سواء بالسعادة والفرح أو الألم والحسرة، بحسب ظروف المباراة وفي أي مناسبة تُلعب. وفيها تتخافت الأصوات خلف الشاشات وداخل الملعب، حيث لا يكون هناك حاجز بين اللاعب الذي يسدد والشباك سوى مسافة التنفيذ المحددة في 11 مترًا وحارس المرمى.

والفرق بينهما وبين ضربات الجزاء، هي أن الأولى تعتبر عقوبة لمخالفة قوانين كرة القدم، وتُنفذ خلال دقائق الوقت الأصلي أو في الشوطين الإضافيين إن وجدا، بينما يتم اللجوء إلى ركلات الترجيح من أجل حسم الفوز بعد انتهاء الوقت الأصلي والإضافي بنتيجة التعادل، في المباريات التي يفترض أن تفرز فائزا بين الفريقين المتنافسين.

البعض يصفها بركلات الحظ، لكن الكثيرين يؤمنون أنها تخضع لقواعد التمرس والخبرة والمران والتخصص كبقية الأمور التقنية الأخرى في كرة القدم.

فمتى ظهرت ضربة الجزاء في رياضة كرة القد؟ ومن ابتكرها؟ وما هي الأحداث الكروية التاريخية التي ارتبطت بضربات الجزاء؟ وما هي تفاصيل التعديلات التي يقترحها حاليا الحكم الإيطالي الشهير جون لويجي كولينا على هذه العقوبة المثيرة للجدل؟

ظهور ضربة الجزاء

كان الإيرلندي “ويليام مكروم” حارس مرمى نادي “ميلفورد إيفرتون” أرماغ سيتي حاليًا، هو صاحب فكرة عقوبة ضربة الجزاء عام 1890، وعلى الرغم من اعتبار مكروم مخترعًا لقانون ضربة الجزاء على نطاق واسع، إلا أن الفكرة الفعلية لمعاقبة فريق بهذه الطريقة ربما جاءت من قانون لعبة الريكبي الصادر عام 1879، وقد تبين ذلك في تقرير سابق عن مباراة ريكبي عام 1888، كُتب فيه “حصل ديوسبري على ضربة جزاء أمام المرمى”. وشاع أن مكروم استمد فكرة ضربة الجزاء من هذا النص.

وكان الاقتراح الأول لوضع قانون ضربة الجزاء في كرة القدم، جاء من خلال اجتماع اتحاد شيفيلد لكرة القدم عام 1879، وينص على احتسابها بعد ضربة أي مخالفة تحدث على بعد 1.8 متر من خط المرمى، ولكن تم رفض الفكرة.

أما نص ضربة الجزاء الذي تمت الموافقة عليه رسميا عام 1890 وجاء فيه: “إذا قام أي لاعب بعرقلة أو إمساك لاعب منافس عمدًا، أو تعامل مع الكرة باليد عمدًا في حدود 11 متر من خط المرمى الخاص به، يجب على الحكم منح الفريق الخصم ضربة جزاء”.

ويتم تسديدها من على بُعد 5.5 متر من خط المرمى (حاليًا على بُعد 9 أمتار )، ووفق هذا الشرط، يجب على جميع اللاعبين باستثناء اللاعب الذي يسدد ركلة الجزاء وحارس المرمى الوقوف خلف الكرة.

وتم احتساب أول ضربة جزاء في تاريخ كرة القدم العالمية بعد أربعة أيام فقط من إضافة القاعدة إلى قوانين اللعبة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، والتي حدثت في السادس من يونيو 1891. وذلك في مباراة كان طرفيها اسكتلندي بين فريق مدينة لاناركشاير رويال ألبيرت ونظيره ايردريونيانس في ملعب مافيسبانك بارك بعد 15 دقيقة فقط من بداية المواجهة في نهائي كأس إيردري الخيرية.

ووفقا لتقرير حكم المباراة قام مدافع فريق ايردريونيانس “أندرو ميتشيل” بعرقلة لامبي لاعب فريق ألبيرت، داخل منطقة الجزاء، ليحتسب على الفور ضربة جزاء، وهو بالمناسبة الخطأ الوحيد الذي احتسب في تلك المباراة!

وسددها اللاعب جيمس ماكلاجج بنجاح ليسجل أول ضربة جزاء في تاريخ كرة القدم، ويساعد فريقه رويال ألبيرت في تحقيق الانتصار 2-0،

أما في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، كان نادي ولفرهامبتون واندررز صاحب أول ضربة جزاء ضد فريق أكرينجتون ستانلي في 14 سبتمبر 1891، وسجلها بيلي هيث.

ضربات ما بعد التباري

تم اختراع ركلات الترجيح بسبب واقعة في دور الثمانية لبطولة كأس أوروبا للأندية البطلة عام 1965 بين ليفربول الإنجليزي وكولونيا الألماني عندما انتهت مباراتي الذهاب والإياب بين الفريقين بالتعادل السلبي خلال الوقت الأصلي والشوطين الإضافيي، الذي كان يُطبق منذ عام 1875، وأقيمت مباراة فاصلة على ملعب محايد، انتهت بالتعادل ايضًا 2-2.

ولجأ الحكم حينها للحل الأخير وهو استخدام عملة معدنية لتحديد الفائز بالطريقة المعروفة، ولكنها سقطت مستقيمة على الملعب الموحل بسبب الأمطار. وفي المرة الثانية لإلقاء العملة المعدنية، كان الفوز من نصيب فريق ليفربول.

ورغم انها كانت الطريقة المتعارف عليها آنذاك، ولكن على غير العادة أثارت جدلًا واسعًا، واعتبرتها الجماهير أنها أشبه بـلعبة قمار، وتدعو لإجراء التغيير.

فكانت الفكرة من الحكم الألماني كارل فالد في عام 1970، وتم الاعتراف بها وتطبيقها من الفيفا في 1976، وحظيت بطولة كأس أمم أوروبا التي أقيمت في نفس السنة، بشرف تطبيقها أول مرة، وأهدت البلد المخترع منتخب ألمانيا بطاقة التأهل إلى النهائي بعد الفوز على منتخب فرنسا بنتيجة 5-4، عقب التعادل 3-3، في الدور نصف النهائي.

واستعصت على الألمان في النهائي لصالح منتخب تشيكوسلوفاكيا، فبعد التعادل 2-2 في الوقت الأصلي والإضافي، ابتسمت ركلات الترجيح لتشيكوسلوفاكيا ليتوج بطلًا للقارة للمرة الأولى فى تاريخه بحصة 5-3 والتي شهدت الطريقة المثيرة التي نفذ بها أنتونين بانينكا ضربته والتي أصبحت تحمل إسمه إلى اليوم.

المونديال وضربات الترجيح

اعتمدت الفيفا ضربات الترجيح رسميا لأول مرة في كأس العالم بالأرجنتين عام 1978 وذلك لحسم التعادلات في الأدوار الإقصائية، لكن الإحتكام إليها لأول مرة لم يكن إلا خلال نصف نهاية مونديال إسبانيا 1982 بين ألمانيا الغربية وفرنسا، ويتذكر ذلك اللاعب الفرنسي آلان جيريس والذي نفذ أول ركلة ترجيح على الإطلاق في تاريخ نهائيات المونديال:

“لقد جمعنا المدرب وسألنا، من يريد أن يسدد ركلة ترجيح؟ كان اللاعبون يخلعون أحذيتهم ويقولون. ليس أنا”.

ودخل جيريس تاريخ كأس العالم بتسجيله أول ضربة ترجيحية في شباك الحارس الألماني طوني شوماخر ويقول عن ذلك: “لم أستطع النظر إلى شوماخر، أردت فقط أن أركز في كيفية تسديد الكرة”.

ورغم نجاح جيريس في تسجيل الضربةالأولى بنجاح لصالح فرنسا، وإضاعة أولي شتيليكي لألمانيا لأول ركلة ترجيح في تاريخ كأس العالم، الا ان منتخب المانشافت نجح في الصعود إلى النهائي ولكن خسر اللقب لصالح إيطاليا في النهائي.

ضربة جزاء كولينا

في بداية العام الحالي 2025 اقترح رئيس لجنة الحكام في الاتحاد الدولي لكرة القدم، الإيطالي بيرلويجي كولينا، تعديلا على المادة المتعلقة بركلات الجزاء.

وقال كولينا لصحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية إنه يريد تعديل المادة 14 المتعلقة بركلات الجزاء، وأطلق على تعديله اسم “الركلة الواحدة”.

ووفق التعديل، تنتهي الركلة بعد تسديدها إما بدخول المرمى واحتساب هدف أو استئناف اللعب من علامة ركلة ضربة المرمى إذا ارتدت من الحارس أو القائمين والعارضة.

وأوضح كولينا أن المسافة بين خط المرمى وعلامة الجزاء ( 11 مترا)، غير عادلة لحراس المرمى، ولذلك تصل نسبة التسجيل في ركلات الجزاء إلى 75%.

كما أن الفريق المهاجم لديه فرصة التسجيل في حالة ارتداد الكرة من الحارس أو العارضة والقائمين.

ووصف كولينا ما يحدث حاليا بركلات الجزاء بـ”المسرحية”، وقال إنه يتعيّن على حراس المرمى أن يشتكوا لأن الأمر لا يصب في صالحهم.

ومن المتوقع تطبيق التعديل الجديد بعد إقراره من المجلس الدولي التشريعي “إيفاب”.