story-0
story-1
story-2
story-3
story-4
story-5
story-6
story-7
story-8
مجتمع |

صيدلي: صفقة “كلوريد البوتاسيوم” تكشف خللاً أعمق في سياسة تسعير الدواء بالمغرب

ص ص

على خلفية النقاش الدائر مؤخرا حول صفقة استيراد دواء “كلوريد البوتاسيوم”، يرى الصيادلة أن هذه القضية “تكشف خللاً أعمق في سياسة تدبير سوق الأدوية بالمغرب”.

وفي هذا السياق، اعتبر الباحث في السياسة الدوائية، أمين بوزوبع، أن “ما يجري اليوم يسلّط الضوء على إشكالات بنيوية تتجاوز صفقة واحدة، وترتبط أساساً بمنطق تسعير الدواء وتوجيه السياسات الدوائية”.

وأوضح بوزوبع في حديثه لصحيفة “صوت المغرب”، أن “وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تميل إلى الضغط على الأدوية الرخيصة جداً، رغم أنها في الغالب محلية الصنع وتشكل جزءاً أساسياً من العرض الدوائي الوطني”.

وفي المقابل، يضيف المتحدث، “يظل التركيز ضعيفاً على الأدوية الباهظة التي يفوق سعرها 100 درهم، والتي تشكل العبء الحقيقي على المرضى وعلى منظومة التأمين الصحي”.

وأشار إلى أن “المختصين نبّهوا، منذ سنوات، إلى أن المرسوم القديم الخاص بتحديد أثمنة الدواء ساهم بشكل مباشر في اختفاء العديد من الأدوية الأساسية، ويعود ذلك إلى عدم قدرة بعض المختبرات الوطنية على الاستمرار في تصنيع أدوية بأسعار منخفضة لا تعكس تكلفتها الحقيقية ولا تتلاءم مع واقع السوق”.

وارتباطاً بذلك، أوضح بوزوبع أن “السوق الوطنية محدودة من حيث الاستهلاك السنوي للأدوية، والذي لا يتجاوز في المعدل 500 درهم للفرد”، مبرزا أن “هذا العامل يزيد من هشاشة القطاع حين تُفرض أسعار غير واقعية، فتضعف قدرة الصناعة المحلية على ضمان استمرارية الإنتاج”.

ومع طرح مشروع جديد للمرسوم ذاته، يرى الصيادلة أن المقاربة لا تزال تتكرر، مما ينذر، حسب بوزوبع، “بظهور نتائج كارثية إذا استمرت وزارة الصحة في اعتماد نفس المعايير السابقة دون مراجعة عميقة لآثارها على الصناعة والاقتصاد الدوائي”.

ويؤكد الباحث أن “رفض الوزارة أي تعديل منطقي لأسعار الأدوية منخفضة الثمن سيدفع نحو إضعاف الصناعة الدوائية الوطنية، وهو ما سيؤدي إلى تقليص تغطية السوق بالأدوية المصنعة محلياً، ويترتب عن ذلك رفع مستوى الاعتماد على الاستيراد من الخارج”.

وفي هذا الإطار، يحذّر الصيادلة من أن “هذا المسار يهدد بشكل مباشر السيادة الدوائية والأمن الصحي للبلاد”، لافتا إلى أنه “كلما تقلّص الإنتاج الوطني، أصبحت الأسواق الخارجية هي المصدر الأساسي، بما يحمله ذلك من مخاطر تقلب الأسعار وأزمات التزويد”.

ويشير بوزوبع إلى أن “الهدف من إثارة هذه النقاشات ليس خلق جدل جديد، بل التنبيه إلى أن الحكامة الرشيدة تتطلب توجيه الإصلاحات نحو الأدوية المرتفعة الثمن، لأنها هي التي تُثقل كاهل المواطنين والصناديق، وليس الأدوية التي يقل سعرها عن 100 درهم”.

ويضيف أن “هذه الفئة من الأدوية، الرخيصة والأساسية، تمثل العمود الفقري للصيدليات، كما تشكل عنصراً أساسياً في مناعة الصناعة الوطنية، ومن ثَمّ، فإن التخلي عنها أو إضعافها يشكل خسارة استراتيجية للبلاد”.

وفي غضون ذلك، يؤكد بوزوبع أن “الوزارة مطالبة بمراجعة سياستها الحالية وتقديم مقاربة متوازنة، مبنية على الواقع الاقتصادي للصناعة الوطنية، حتى نضمن استمرار توفر الأدوية الأساسية و الرخيصة، واستقرار السوق، وتقوية السيادة الدوائية للمغرب”.

ويشدد على أن “دور المتخصصين هو التنبيه المبكر والدفاع عن حق المواطن في الحصول على دواء متوفر وآمن وبسعر معقول”.

وفي السياق، كانت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية قد أوضحت، بعد خرجة رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية عبد الله بووانو، أن السوق الوطنية عرفت مؤخرا “خصاصًا حادًا”، في إنتاج دواء كلوريد البوتاسيوم الذي يعد من المواد الحيوية والأساسية في أقسام الإنعاش والجراحة والتخدير، وذلك “نتيجة توقف الإنتاج مؤقتًا لدى إحدى الشركات الوطنية التي كانت تُنتج هذه المادة محليًا بسبب أشغال توسيع وتأهيل وحدتها الصناعية”.

ولمواجهة هذه الوضعية، يضيف البلاغ، “تدخلت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية في إطار مقتضيات القانون 17-04، حيث “تم مواكبة الشركة المعنية لتسريع استئناف إنتاجها الوطني بعد استكمال إجراءات المطابقة والتأهيل ومواكبة شركة مغربية أخرى لتفعيل إنتاجها لنفس المادة من أجل تعزيز العرض المحلي وضمان السيادة الدوائية”.

وفي انتظار عودة الإنتاج الوطني بكامل طاقته، “تم الترخيص مؤقتًا لعدد من الشركات لتوريد هذه المادة الحيوية من الخارج، بصفة استثنائية ووفق شروط صارمة من حيث الجودة والمطابقة، وبشكل مفتوح أمام كل من يستوفي الشروط القانونية والتقنية المطلوبة” يشير المصدر ذاته”.