صوت المغرب تنشر تفاصيل مشروع المسطرة المدنية
صادقت الحكومة على مشروع قانون المسطرة المدنية، في أول مجلس حكومي بعد العطلة الصيفية للوزراء، وهو مشروع يعد عنوانا لأزمة غير معلنة بين مكونات الحكومة، وواحدا من أبرز مشاريع القوانين التي يدافع عنها وزير العدل عبد اللطيف وهبي، والتي تعثر مسارها التشريعي منذ ما يقارب السنة.
ويروم المشروع، المصادق عليه الخميس، تبسيط المساطر والإجراءات وتيسير سبل الولوج إلى العدالة وتقليص الآجال وتقنين الطعون، وإدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية من خلال إحداث مجموعة من المنصات الإلكترونية تهم المحامين والمفوضين القضائيين والخبراء والعدول والموثقين والتراجمة المحلفين المقبولين أمام المحاكم.
اعتماد العنوان الموجود بالبطاقة الوطنية للتبليغ
وتشمل مستجدات المشروع، تعزيز فعالية ونجاعة القضاء، من خلال تنظيم وضبط آلية التصدي أمام محكمة الدرجة الثانية ومحكمة النقض، وإحداث مؤسسة جديدة لقاضي التنفيذ وتيسير مساطر وآجال التنفيذ.
ومن أهم المستجدات التي حملتها المسطرة، التنصيص على إعطاء القاضي المدني دورا أكبر في سير المسطرة، مع تفعيل دوره في تجهيز القضايا، واتخاذ الإجراءات المناسية من خلال تحقيق الدعوى، وتقليص حالات صدور الأحكام بعدم القبول.
وحسب المشروع الجديد، فسيتم اعتماد المعلومات المتوفرة بقاعدة المعطيات المتعلقة بالبطاقة الوطنية للتعريف الالكتروني في حالة تعذر التبليغ، متى تبين أن المدعى عليه مجهول بالعنوان الوارد بالاستدعاء أو انتقل منه، مع اعتبار العنوان المنصوص عليه في البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، هو العنوان المعتمد في جميع الإجراءات القضائية.
توحيد المقتضيات
وعلى مستوى تنزيل وحدة القضاء، تم دمج المقتضيات المتعلقة بقضاء القرب والمحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية والمحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية في صلب مشروع قانون المسطرة المدنية بدل الإبقاء عليها متفرقة في نصوص خاصة.
وتم إسناد الاختصاص للمحاكم الابتدائية للنظر في القضايا المدنية والاجتماعية وفي قضاي الأسرة وفي قضايا القرب وفي القضايا الإدارية والتجارية المنوطة بالأقسام المتخصصة بها وفي جميع القضايا التي تسند إليها بمقتضى نص خاص، وتم إسناد الاختصاص للمحاكم الابتدائية التي لا تتضمن أقساما متخصصة في القضاء التجاري، بالنظر ابتدائيا مع حفظ حق الاستئناف في القضايا التجارية التي لا تتجاوز قيمتها مائة ألف درهم.
تفعيل التقاضي الإلكتروني
ومن بين أهم مستجدات المسطرة المدنية، اعتماد تبليغ الاستدعاء بواسطة المفوض القضائي بسعي من الطرف المعني، مع إمكانية التبليغ بواسطة أحد موظفي كتابة الضبط أو بالطريقة الإدارية أو عن طريق البريد المضمون، أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ متى تعذر التبليغ بواسطة المفوض القضائي.
وفي ما يخص حماية حقوق المتقاضين، تم التنصيص على عدم إمكانية التصريح بعدم قبول الدعوى في حالة انعدام الأهلية أو الصفة أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إذا كان ضروريا، إلا إذا أنذرت المحكمة الطرف المعني بتصحيح المسطرة داخل أجل تحدده، ما لم يكن أحد الأطراف قد أثار هذا الدفع، والحكم على كل من يتقاضى بسوء نسية بغوامة مدنية تتراوح ما بين 10 آلاف درهم و20 ألف درهم، لفائدة الخزينة بصرف النظر عن التعويض الذي يمكن أن يطالب به المتضرر.
وسائل التواصل الالكتروني ستدمج في الإجراءات القضائية وسيتم استخدام الوسائل الالكترونية في عمليات البيع بالمزاد العلني وإجراءات التبليغ والإشهار
وفي إطار الرقمنة كذلك، والتي تسعى وزارة العدل لتنزيلها، فقد تم إدماج التقاضي الالكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية، من خلال إدماج وسائل التواصل الالكتروني في الإجراءات القضائية المدنية وتوظيف التبادل الإلكتروني للمعطيات في تعامل المحاكم مع المحامين والخبراء والمفوضين القضائيين والأطراف، وإحداث منصة إلكترونية رسمية للتقاضي عن بعد، واعتماد الحساب الإلكتروني المهني والبريد الالكتروني والعنوان الإلكتروني والتوقيع الالكتروني، حسب الحالة، بالإضافة إلى استخدام الوسائل الالكترونية في عمليات البيع بالمزاد العلني وإجراءات التبليغ والإشهار.
على المستوى السياسي، فقد مثل مشروع قانون المسطر المسطرة المدنية واحدا من عناوين أزمة حكومية صامتة بين وزير العدل، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصة، ورئيس الحكومة عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.
مشروع عنوان أزمة حكومية صامتة
وعرض وزير العدل عبد الطيف وهبي أول مرة مستجدات مشروع قانون المسطرة المدنية أمام المجلس الحكومي في شهر نونبر من 2022، وبرمجت الحكومة المشروع في اجتماعها لـ 23 من فبراير الماضي غير أنه لم تتم المصادقة عليه، وعبر حينها محسن الجزولي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، الذي دخل إلى حزب الأحرار بعد استوزاره الثاني، عن رغبته في “تعميق النقاش” حوله، ما تسبب في تأجيله.
بقي هذا المشروع يراوح مكانه منذ نونبر 2022
إدراج الحكومة لمشروع قانون المسطرة المدنية ضمن جدول اعمال أول مجلس حكومي بعد العطلة الصيفية، والذي انعقد اليوم، تزامن مع تعبير حزب الأصالة والمعاصرة عن امتعاض كبير لوزرائه من طريقة تعاطي رئيس الحكومة مع الملفات التي يتولاها وزراء الحزب، ليعقد الطرفان، الحكومة و”البام” تسوية شملت الإفراج عن مشاريع قوانين وزارة العدل، وهو ما يزكيه اكتفاء الحكومة بتعديلات طفيفة على المشروع في صيغته النهائية المصادق عليها، مقارنة مع ما عرض على طاولتها في شهر فبراير الماضي.
مراجعة “المسطرة المدنية” كان ضروريا
دافع وزير العدل عبد اللطيف وهبي باستماتة على مشروعه من مراجعة قانون المسطرة المدنية، واعتبر في تصريحات متتالية أن هذا الورش “كان ضروريا” وفق معطيات دستورية وتشريعية لم تكن قائمة من ذي قبل، وباتت تستدعي سن قانون جديد متكامل ومندمج، ينسخ قانون المسطرة المدنية المطبق حاليا، ويسد الفراغات التي أفرزها الواقع.
ويضيف الوزير أن المراجعة تهدف كذلك إلى الوقوف عند الدور السلبي للقاضي المدني في الإشراف على إجراءات التقاضي، وتنظم الاختلالات التي أبانت عنها الممارسة القضائية من تعقيد للإجراءات، وبطء في المساطر، سواء على مستوى تبليغ أو تنفيذ الإجراءات أو المقررات القضائية، وتواكب بالتالي التطور التشريعي الإجرائي الدولي، والتوجهات التي تضمنتها قواعد الاتفاقيات الدولية، والتحولات المستجدة التي يعرفها العالم على كافة الأصعدة ومستويات.