صعوبات تواجه لجنة صياغة مقترحات تعديل المدونة
علمت “صوت المغرب” من مصادر مطلعة أن سكرتارية اللجنة المكلفة بإدارة النقاش حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة التي ستوجه إلى الديوان الملكي، تباشر عملية الصياغة في ظل صعوبات ترتبط بالنقط الخلافية التي تثير حساسيات اجتماعية.
المصادر قالت إن النواة الأساسية للجنة الصياغة تضم كلا من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأوضح مصدر مطلع على كواليس عمل اللجنة، أن عملية صياغة التعديلات التي حددت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة لإطلاق مشاورات تحضير التعديلات التي ستدخل على المدونة، مدة اشتغالها في ستة أشهر تنتهي متم شهر مارس المقبل، تتسم بالصعوبة بالنظر إلى النقط الحساسة التي يرتقب أن يطالها التعديل، خاصة منها زواج القاصرات.
وأوضحت مصادر “صوت المغرب”، أنه وخلافا لما أشيع لحظة انطلاق المشاورات مستهل شهر أكتوبر الماضي، “لا توجد أية توجيهات تحدد للجنة ما ينبغي أن تتضمنه التعديلات المرتقبة، وهو ما يجعل لجنة الصياغة أمام صعوبات كبيرة للحسم في النقاط الخلافية”.
وأوضحت مصادر “صوت المغرب” أن تكليف ثلاثي وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، “ينطوي على تحميل ضمني للمسؤولية عن اختلالات تطبيق المدونة لهذه الجهات، وإشارة إلى أن المشكلة لا تتعلق بالنص بقدر ما ترتبط بطريقة تطبيقه، وبالتالي تمت دعوة الجهات المختصة بالتطبيق لحل ما تعتبره إشكالات في النص القانوني كي لا يبقى هناك عذر لاستمرار بعض الظواهر مثل تزويج القاصرات”.
التناقض الأكبر الذي تواجهه لجنة الصياغة، يرتبط بالطابع المحافظ لتأويل القضاء بمختلف مكوناته لنصوص مدونة الأسرة، في مقابل المذكرة التي قدمها المجلس الوطني لحقوق الانسان، والتي تتضمن انتقادات مباشرة بهذا الخصوص.
المذكرة التي أثارت غضب الأصوات المحافظة، بما فيها الأطراف السياسية، وجعلت الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الاله بنكيران يخرج لمهاجمتها ووصفها ب”المذكرة المارقة”، تحمّل مسؤولية استمرار تزويج القاصرات على نطاق واسع، للعمل القضائي، حيث تقول إن زواج القاصرات “تحوّل من استثناء إلى قاعدة واسعة تعكسها المعدلات المرتفعة لاستجابة أقسام قضاء الأسرة لهذه الطلبات، رغم ما له من انتهاكات لمختلف حقوق الطفل”.
وعبّرت المذكرة التي اطلعت عليها “صوت المغرب”، عن عدم اطمئنانها للأرقام الحديثة التي تفيد بانخفاض وتيرة تزويج القاصرات، موضحة أن “هناك مخاوف جدية من أن تأخذ هذه الزيجات صورا ملتبسة أخرى، من قبيل زواج الفاتحة أو زواج “الكونترا”.
كما تكذب مذكرة المجلس الوطني لحقوق الانسان التبرير الذي يقول إن الخلفية الثقافية لبعض المناطق هي التي تفسر استمرار العمل بتزويج القاصرات، مقدمة معطى ارتفاع نسبة الاستجابة لهذه الطلبات في مدن وحواضر كبرى كدليل على ذلك.
كما تنتقد مذكرة المجلس الذي ترأسه أمينة بوعياش، ضعف استجابة القضاء لطلبات القيام بالخبرة الجينية لتحديد نسب المواليد، “واستمرار التمييز بين البنوة الشرعية وغير الشرعية، وهو ما يمس بحق طفال في الهوية”.
وكانت الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة قد دعت إلى بلورة نتائج اللقاءات التي أشرفت عليها اللجنة، في شكل مقترحات تعديلات، “يتم رفعها إلى نظرنا السامي، بصفتنا أمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، في أجل أقصاه ستة أشهر، وذلك قبل إعداد الصيغة النهائية التي سيتم عرضها على مصادقة البرلمان”.